القوات المسلحة المصرية واعية لجميع التحديات الموجودة على الساحة الإقليمية والدولية. والإمارات تراهن على مصر لمساعدة المنطقة ،
مصر الدولة الكبيرة والقوية صاحبة التاريخ العريق، مصر حاملة الثروة البشرية التي تصل إلى أكثر من 100 مليون مواطن، مصر الشامخة باستمرارها وصمودها، هذه مصر التي تشهد اليوم تكثيف تعاونها مع الدول العربية، وتعزز حضورها في قضاياهم، وتنصت وتتفاعل معهم. وها هي الأحداث والتطورات تكشف أن الكثير من السياسات في المنطقة لا بد أن يمر أو يتم صنعه في أرض الكنانة، وأن من يبحث عن الحلول فعليه أن يشاور مصر وقيادتها.
والجيش المصري متسلح بأحدث الأسلحة، ويمتلك ثاني أكبر قوة جوية في الشرق الأوسط قبل تركيا وبعد «إسرائيل»، وأسطول مصر الجوي الضخم به 220 مقاتلة من نوع «إف-16 فالكون»، ومصر رابع مستخدم لهذه النوعية من الطائرات على مستوى العالم، ويمتلك 4 آلاف دبابة منها 700 دبابة متقدمة من طراز «إبرامز» الأمريكية، وعربات قتال مدرعة من طراز «برادلي»، وعدداً ضخماً من المدافع، ولديه أكبر عدد من صواريخ (أرض أرض) على مستوى العالم بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة. أما البحرية المصرية، فهي أقوى بحرية في إفريقيا والشرق الأوسط.
الجيش المصري هو الجيش العربي الوحيد الذي استطاع أن يقهر الكيان الصهيوني، وذلك في حرب أكتوبر 1973. مصر من الدول العربية القلائل جداً، وتكاد تكون الوحيدة، التي لم تكن بحاجة لأن تقيم أمريكا قاعدة عسكرية على أراضيها، في حين أن قطر على أرضها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية. مصر حصينة بجيشها وإرادة قيادتها.
للجيش في مصر تاريخ طويل. فقد حمى المصريون العرب من الحملات الصليبية، حينما قهر الجيش المصري بقيادة صلاح الدين الأيوبي الصليبيين، في أكثر من معركة شرسة، وطردهم خارج أراضي العرب جميعاً.
إن القوات المسلحة المصرية واعية لجميع التحديات الموجودة على الساحة الإقليمية والدولية. والإمارات تراهن على مصر لمساعدة المنطقة على التصدي للإرهاب والفوضى، وطي صفحة المشروع الهادف إلى دمار العرب. وهذا ما أثبته الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتصريحه الواضح عن الموقف التركي في ليبيا بقوله: إن مصر «لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تحركات تشكل تهديداً مباشراً قوياً للأمن القومي، ليس المصري والليبي فقط، وإنما العربي والإقليمي والدولي».
إن الجيش المصري سيدخل ليبيا إذا كررت حكومة طرابلس وحليفتها تركيا هجماتهما على ساحل سرت-الجفرة.
الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أن الجيش المصري قادر على التغلب على القوات التركية، وطردها خارج ليبيا. ما لا يدركه أردوغان أن مصر تمثل اليوم موقفاً عربياً حاسماً في مواجهة العدوان التركي، وأن التساهل مع السياسات التركية لم يعد وارداً، وأن الإصرار على استعادة تركيا لمجدها العثماني على حساب شعوب المنطقة غير مقبول، وأن ليبيا هي المستنقع الذي ستغرق فيه طموحات أردوغان.
مرة أخرى يذكرنا الأعداء، كما نذكر أنفسنا، أن الأمن القومي العربي واحد، وأن المنطقة أمام مشاريع مختلفة تحاول النيل منها والعودة إلى عصور استلاب إرادة شعوبها. فالوقوف مع مصر ودعمها اليوم في مواجهة التهديد التركي هما وقوف مع الذات.
قد يبدو خط «الجبهة» مرسوماً على الرمال بين محور سرت شمالاً والجفرة في وسط الصحراء. ولكنه ليس خطاً وهمياً، بل هو الخط الأحمر الذي رسمه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لحدود التوسع التركي في ليبيا اليوم. وأي مراقب موضوعي سيعرف أنه لن يكون كذلك فقط، بل هو خط الرد الليبي أولاً والعربي ثانياً على المشروع التركي. اليوم تريد تركيا بقواتها ومخابراتها وميليشياتها ومرتزقتها تجاوز هذا الخط، لكنها عاجزة عن فهم أنه ليس خط دفاع أمامها، بل هو خط فعل عربي نسمع أصداءه في كل عاصمة عربية مهتمة ومدركة لأهمية الحدث الليبي وتداعياته الإقليمية.
هناك، في شمال إفريقيا، ترسم ملامح مرحلة جديدة تحدد مستقبل المنطقة، وإن كانت ستعود منطقة صراعات بين القوى الكبرى. هذه المرة يبدو العرب مستعدين، وسلاحهم بأيديهم، وعينهم على الفعل المصري وجيش مصر.
نقلا عن "الخليج الإماراتية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة