"ومن الموت حياة".. القذائف الفارغة "رزق" لعائلات سوريا
"ومن الموت حياة"؛ مقولة حولتها عائلات سورية إلى حقيقة، حينما اتخذت من "قذائف الموت" الفارغة مصدرا للرزق والحياة.
ففي ساحة للخردة، أشبه ما يكون بمستودع للذخائر، في بلدة معرة مصرين جنوب إدلب، ينهمك طفل لم يتعدى من العمر 9 سنوات، في ترتيب قذائف هاون، ليساعد أسرته فيبيع حديدها كمصدر للرزق.
- اللاجئون السوريون.. هربا من نار الحرب إلى نار التخريب
- الحياة مقابل الانسحاب.. التهجير الأخضر في سوريا
وقال حسن جنيد، أحد أفراد الأسرة، التي تدير ساحة الخردوات، في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، إن "أدوات القتل والإجرام التي كان يُقصف بها الناس تحولت إلى باب للرزق لنا".
وعلى مسافة أمتار منهما، يحاول طفل آخر حمل قذيفة يكاد وزنها يتجاوز وزنه بصعوبة، وما أن يبلغ وجهته في الساحة لاهثاً، حتى يرميها بين كومة من الذخيرة والحديد.
ويحكي جنيد، كيف أجبرته المعارك والغارات في العام 2016، على الفرّار هو وأسرته من بلدة اللطامنة في شمال حماة، والانتقال إلى معرة مصرين.
وبعدما طال النزوح، قرر الرجل وهو أب لأربعة أطفال، استئناف عمله في بيع الخردوات من بقايا سيارات وألواح حديدية وخزانات مياه، وكل ما تقع يداه عليه من حديد، وهي تجارة اعتاد عليها.
لكنّه أضاف في معرة مصرين نوعاً جديداً على لائحة البضائع "قذائف وذخائر استخدمت خلال المعارك دون أن تنفجر".
وأوضح: "حين جئت هنا وجدنا إضافة جديدة إلى المهنة هي القذائف التي تم قصفها لكنها لم تنفجر".
وتابع: "أعمل اليوم مع 15 شخصاً من أفراد العائلة، بينهم أطفال، في ساحة الخردة الضخمة، وقد اكتسبنا مع الوقت التجربة الكافية لتفكيك تلك القذائف".
ويؤكد: "في بعض الأحيان، نتلقى اتصالات من مدنيين وجدوا قذائف غير منفجرة قرب منازلهم يريدون بيعها، وفي أحيان أخرى، نتوجه بأنفسنا إلى مناطق شهدت قصفاً أو اشتباكات للبحث بين الركام عن ذخيرة أو الرصاصات التي تستخدم في الأسلحة الرشاشة".
واستطرد جنيد: "يعمل الفريق بعد ذلك على تفكيك القذائف والذخائر واستخراج المواد المتفجرة منها في مكان سقوطها، قبل نقلها بشكل آمن إلى ساحة الخردة لبيعها".
وأشار إلى أنه "يتم إزالة الخطر منها ثم بيع حديدها للصناعيين، فتكون مصدر عيش لنا، ومنهم من يأخذها ليصنع منها المدافئ، ومنهم من يحملها إلى معامل صهر الحديد لتحويلها إلى حديد بناء".
ولفت إلى أن "المواد المتفجرة لا تذهب سدى، إذ يشتريها العاملون في المقالع لاستخدامها في تفجير الصخور".
وغالباً ما تمتلىء ساحة الخردة بالقذائف بشكل خاص بعد الهجمات العسكرية التي يتم شنها على المنطقة.
ويقول أبو أحمد، أحد العاملين في الساحة، إن "العمل يكثر أثناء الحملات العسكرية، ويقلّ في أيام الهدوء، والخوف يكمن في أن تبقى القذيفة بين الأهالي".