إن مواجهة تركيا وإيران لن تتم بترك سوريا لهما كما خططت قطر وتابعوها من حكومات تنظيم الإخوان التي جاءت مع الربيع المشؤوم
السياسة قرار، والقرار إرادة وتوقيت، والتوقيت قدرة على الإمساك بالزمان وتوجيهه الوجهة التي تحقق المصلحة القومية العليا. هكذا تعلمنا النظرية السياسية، وهكذا تكون الحكمة في إدارة الدول. لقد جاء قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بفتح سفارتها في عاصمة العروبة دمشق الفيحاء في لحظة تجلّت فيها قمة الإبداع في توظيف القرار لقيادة الزمان، لتحقيق مصالح الوطن والإنسان.
إن مواجهة تركيا وإيران لن تتم بترك سوريا لهما كما خططت قطر وتابعوها من حكومات تنظيم الإخوان التي جاءت مع الربيع المشؤوم، وإنما تتم بالقدرة على توظيف المتغيرات الدولية والإقليمية، واقتناص اللحظة الزمنية الفارقة، والعمل على الأرض السورية، لأن من الضروري أن ندرك أن سوريا الأرض والشعب هي قلب العروبة
جاء هذا القرار في لحظة تاريخية فارقة في نهاية الأزمة السورية؛ لحظة أن قررت الإدارة الأمريكية التخلي عن الحلفاء، والخروج بصورة فجائية من شمال سوريا؛ على الرغم من أن وجودها غير شرعي، لكن خروجها بهذه الصورة سيكون أكثر كارثية من وجودها، إذ أنه سيفتح الباب أمام ذئب الأناضول المفترس الذي أتقن ارتداء فراء الحملان السلطان الواهم أردوغان، كان يخطط لأن يستغل الفراغ الذي سيخلقه خروج الأمريكان، فينتقم من الأكراد، ويغير جغرافيا الشمال السوري، ويدفع بالعملاء من المعارضة؛ الذين يقاتلون تحت رايته وبأوامره، ليعيد تدفق نهر الدم في سوريا، ويعيد إحياء الحرب الأهلية بعد أن شارفت على الانتهاء، لعله يفوز بشمال سوريا، ويعيد ترسيم الحدود بعد مرور مائة عام على اتفاقية لوزان المُوَقَّعَة 1923 التي رسمت حدود تركيا المعاصرة، وقد أعلنها أردوغان؛ أنه يريد إعادة رسم الحدود مع عودة الخلافة في ذات التاريخ.
وجاء هذا القرار قبل انعقاد مؤتمر القمة العربي الذي تحكمت فيه يوما إرادة الصغار بفعل حسن نية أو ارتباك الكبار، فتزعمت الزائدة الدودية في الجسد الخليجي حملة تجميد مقعد سوريا في الجامعة العربية، واستخدمت الدوحة حينها وسائلها المعهودة لحشد التأييد سواء مع بيروقراطية الجامعة العربية، أو مع بعض نظم الربيع العربي المشؤوم حينذاك. وهنا يكون القرار الإماراتي مقدمة لتصحيح هذا الخطأ والخطل الذي أصاب الإرادة العربية، ويقدم بقرار فتح السفارة بشجاعته وجرأته المثل ليتحرك من في وجهه حرج، أو في قلبه وجل، أو في عقله خوف من التداعيات، فيصحح الخطأ، ويتخلص من ثقل أعباء التاريخ. وبالتأكيد سيكون قرار الإمارات دافعا لتسريع استعادة سوريا لموقعها، ومكانها بين العرب، ومحاصرة الفرس والروم، ولا ننسى أن تركيا هي أرض الروم، وهي وريثة الروم بكل عقليتهم الاستعمارية الإمبراطورية، وإن كانت تخدعنا منذ خمسة قرون بعمائم أرطغرل، وفتنة السلطانة هيام، وسحر مهند، وألاعيب البهلوان أردوغان.
بعودة سوريا للحضن العربي ثانية بعد سبع سنين عجاف؛ دُمِّرت خلالها عاصمة الدولة الأموية رمز عز العرب ومجدهم التليد، وسُحِق الإنسان السوري، وأهينت الحرائر، وقُتِل الشباب، وضاع مستقبل الأطفال من أجل أحلام مجاميع من الطامحين والطامعين والمقامرين والعملاء، ومن أجل أوهام أحزاب فاشلة مثل تنظيم الإخوان، أو مرضى نفسيين من شذاذ الآفاق جاءوا من كل خرابات العالم، كل ذلك كان يؤطره ويدعمه السلطان الواهم وتابعه الحالم، وسيده عزمي بشارة..
بعودة سوريا ستنتهي إلى الأبد كل مقامرات ومغامرات النظام القطري مع الربيع العربي المشؤوم، وسُيعلن فشل الاستراتيجية القطرية، وفشل كل خطط أردوغان، ونهاية هذا المشروع التخريبي الذي سيحكم عليه التاريخ بما يستحق.
بعودة سورية التي بدأت فعلا برمزية ذلك الشاب الذي يعيد الرونق لشعار دولة الإمارات الموجود عند مدخل سفارتها؛ كما نقلته الفضائيات، هذه الرمزية ستزيل الغبار وتعيد الرونق للأمة العربية، وتعيد سوريا بعد أن كادت تضيع، وتعلن فشل مشروعات الفرس والروم وغلمانهما في الزائدة الدودية العربية التي يديرها عزمي بشارة.
إن مواجهة تركيا وإيران لن تتم بترك سوريا لهما كما خططت قطر وتابعوها من حكومات تنظيم الإخوان التي جاءت مع الربيع المشؤوم، وإنما تتم بالقدرة على توظيف المتغيرات الدولية والإقليمية، واقتناص اللحظة الزمنية الفارقة، والعمل على الأرض السورية. لأن من الضروري أن ندرك أن سوريا الأرض والشعب هي قلب العروبة، وأنها لن تكون يوما ساحة خلفية لذئب الروم، ولا ذيلا لثعلب الفرس.
وبعد أن انقشع غبار المعارك وتكشفت الحقائق؛ لا أعرف كيف سيبرر حكام الدوحة أمام شعبهم عشرات المليارات التي اُنفقت على جماعات من المجرمين والمغامرين والمقامرين لتدمير دولة عربية شقيقة، والكارثة أن من يتحكم في ثروات الدوحة فاشلون، فقد فشلوا في مصر وليبيا وتونس واليمن، لقد أنفقوا هذه الثروات الطائلة ثم كانت حسرة عليهم، وهُزِموا وتولوا صاغرين.... هذا هو مصير الصغار عندما تتطاول أعناقهم لمناطحة الكبار...لقد عادت سوريا ... وفشلت حكومة قطر، وفشل أردوغان، وستندحر إيران وعصابات المريضة... ولقد تكشّفت حقيقة حكمة وعبقرية عزمي بشارة، وتجلت آثارها وتداعياتها على سيده الأمير القطري، حتى صار مثل "غراب البيْن"، الذي تولى القيادة، والمثل يقول "إذا كان الغراب دليل قوم يمرّ بهم على جيف الكلاب". فلم تجلب عبقرية بشارة لسيده إلا الخراب، ولم يمر به إلا على جيف الكلاب... فهل سيبقيه؟ أم ينتف ريشه ويشويه!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة