تركيا–أردوغان دولة محتلة لجزء من الأراضي السورية، مغامراتها تنذر باحتمال انزلاقها إلى صراع خارج حدودها مع الأكراد داخل مناطق شرق الفرات
إعلان الأمم المتحدة والدول الضامنة تشكيل اللجنة الدستورية السورية حمل بارقة أمل بطي صفحة الحرب والاتجاه نحو إطلاق المسار السياسي، الأسئلة الكثيرة باتت تدور حول ما يمكن أن تسفر عنه من نتائج بالنظر إلى صراع الدول التي تتمرس خلف كل طرف من أطراف الأزمة السورية؟ وكيف سيؤثر ذلك على مسار عمل اللجنة ومخرجاتها لاحقا؟ وهل يمكن اعتبار تشكيل اللجنة ومباشرتها لعملها خطوة جدية وفعلية لإنهاء الحرب؟
الاعتبارات السياسية والمصالح هما المحرك الرئيسي لسياسات الدول.. اليوم وبعد التقلص الكبير في جغرافية المعارك على الأرض السورية تُفتح صفحة صراع المصالح بين أقطاب الأزمة جميعا، فالصراع السياسي امتداد لصراع الميدان ولكن بوسائل وأدوات مختلفة.
تعارض أجندات ومصالح الدول الراعية لأطراف اللجنة، وبالتالي الصراع، ليس خافيا على أحد، ميدان الحرب السورية على مدار سنوات كان كفيلا في رسم مشهد دقيق للتداخل والتشابك والتعارض بينهم، مصلحة كل طرف منهم في سوريا متناقضة مع الآخر، خلافاتهم الاستراتيجية عميقة لكنها مؤجلة، البعض قد يلجأ إلى استثمار مسرح عمل اللجنة الدستورية ليراهن على الزمن وكسب الوقت على أمل حدوث أو إحداث تحولات على أرض الصراع لصالح طرف على حساب طرف ثان.. تركيا-أردوغان ترفع راية رعايتها للإرهابيين من هيئة تحرير الشام وحضانتها للمسلحين الآخرين على جزء من الأرض السورية، يتواطأ أردوغان مع طهران رغم تخندق كل منهما في مواجهة الآخر، يناور بانتهازية مكشوفة مع موسكو التي تمكنت حتى الآن من قطف ثمار انتهازيته لصالحها سواء في أرض الميدان السورية أو على المسرح السياسي وكذلك في سياق العلاقات الثنائية، روسيا غير متفقة مع إيران سوى في التكتيك وتختلف معها جذريا على المستوى الاستراتيجي، موسكو ملتزمة مع دمشق باتفاقيات رسمية لحمايتها دولة وسيادة واستقلالا.
قراءة الحكومة السورية تتباين مع قراءة المعارضة لمهام اللجنة، دمشق تحدد صلاحياتها بنقاش الدستور الحالي وإدخال إصلاحات عليه، المعارضة تقول إن الهدف منها صياغة دستور سوري جديد، تباين يعكس بشكل أو بآخر مواقف الأطراف الإقليمية والدولية تبعا لتموضع كل منهم في مسرح الصراع السوري.
أي الأطراف الخارجية المنخرطة في الأزمة السورية أكثر قدرة على التأثير في سير عمله؟ وما دور الأمم المتحدة بصفتها الإطار الدولي الراعي للجنة وعملها؟ وما هو الممكن وما هو المستحيل من جانب كل طرف من أطراف الصراع السوري ومن جانب الدول الخارجية التي تحتفظ كل منها بأجندة مصالحها ورؤيتها لشكل سوريا المستقبل؟
دمشق اليوم، ميدانيا وسياسيا، أقوى من فترات سابقة من عمر الأزمة، ومن المنطقي القول إن مالم تتنازل عنه أو تخسره في الميدان العسكري على مدار سنين الحرب، لن تقدمه مجانا أو رخيصا على طاولة السياسة وأروقتها.
تركيا-أردوغان دولة محتلة لجزء من الأراضي السورية، مغامراتها تنذر باحتمال انزلاقها إلى صراع خارج حدودها مع الأكراد داخل مناطق شرق الفرات بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر وتبعات عليها وعلى سيادة ووحدة أراضي سوريا ...
الأمم المتحدة دورها توفيقي بين الطرفين السوريين خلال مجريات التفاوض عبر ممثلها الأممي ومن خلال أعضاء الثلث الثالث وعددهم خمسون، وهم مجموعة خبراء وممثلين عن المجتمع المدني السوري اختارتهم المنظمة الدولية ووافقت عليهم الحكومة السورية والمعارضة.
مواقف ونهج موسكو يعكسان مشروعها الاستراتيجي بعيد المدى، لا تعتبر وجودها في سوريا أو انخراطها في الصراع السوري مجرد مكافحة للإرهاب وحسب، بل إنها إضافة لذلك، ترسي وجودها على دعائم ثابتة تمنحها القدرة والتأثير والمشاركة في رسم مناطق النفوذ داخل حدود سوريا وخارجها.
الاعتبارات السياسية والمصالح هما المحرك الرئيسي لسياسات الدول.. اليوم وبعد التقلص الكبير في جغرافية المعارك على الأرض السورية تُفتح صفحة صراع المصالح بين أقطاب الأزمة جميعا، فالصراع السياسي امتداد لصراع الميدان ولكن بوسائل وأدوات مختلفة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة