"جنيف 9".. مصير سوريا معلق بشروط مسبقة لأطراف الصراع
التحفز والشروط المسبقة سمة الجولة التاسعة، وخاصة فيما يتعلق بمصير نظام بشار الأسد وتوصيف تنظيمات معينة كإرهابية.
في العاصمة النمساوية فيينا، ترسو هذه المرة "سفينة جنيف" في محطتها التاسعة، محملة بآمال التوصل لحل سياسي للأزمة السورية بالغة التعقيد، التي تتجه لإتمام عامها السابع بحلول مارس/ آذار المقبل.
الجولة الجديدة من المفاوضات تستمر ليومين بين الوفد الحكومي والمعارضة السوريين، برعاية الأمم المتحدة، وتأتي عقب فشل الجولة الثامنة الشهر الماضي، والتي قال المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إنها كانت "فرصة ذهبية مهدرة"، ملقيا بمعظم اللوم في فشلها على النظام السوري لـ"وضعه شروطا مسبقة".
"الفرصة الأخيرة"
وقال دي ميستورا، أمس الأربعاء، إن محادثات فيينا تنعقد في "مرحلة حرجة جدا"، مبديا مع ذلك "تفاؤله"، قبل أن يكرر: إنها "مرحلة حرجة جدا جدا".
وقبيل تصريحات المبعوث الأممي، تحدث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عن "تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا"، في إشارة إلى المعارك الدائرة في الغوطة الشرقية بالعاصمة السورية دمشق، وفي إدلب شمالي البلاد.
واعتبر لودريان، في كلمة ألقاها أمام أعضاء الجمعية الوطنية، الغرفة السفلى لبرلمان بلاده، أنه "لا وجود لحل سياسي سوى الاجتماع الذي سيعقد برعاية الأمم المتحدة في فيينا بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة، حيث آمل في أن يتم وضع خطة للسلام".
ووصف الوزير الفرنسي مفاوضات فيينا بـ"الفرصة أو الأمل الأخير"، من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية.
جولة جديدة تشكل اختبارا حقيقيا لجدية مختلف الفاعلين في البحث عن حل سياسي، وهو ما أكده رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري، بقوله عشية بدء المفاوضات: "باعتقادي أن هذين اليومين سيكونان اختبارا حقيقيا (...) لجدية جميع الأطراف؛ لإيجاد حل سياسي".
ويعد هذا اختبارا جديدا يضع الملفات المعتادة على طاولة المباحثات، ويشمل مناقشة 4 سلات، هي الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب، فضلا عن مناقشة مبادئ أساسية من 12 مادة لمستقبل سوريا، وفق أجندة الاجتماعات المنبثقة عن القرار الأممي رقم 2254، واستنادا لجولات سابقة للمفاوضات.
المسار المتعثر
مسار جنيف الذي انطلق منذ 2012، تعثر في محطاته الثمانية، آخرها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولم يحرز أي تقدم بشأن محادثات السلام بسوريا، حتى إن محللين يستشرفون فشلا مماثلا في جولة فيينا.
وتصريح دي ميستورا حمل مسؤولية فشل مفاوضات الشهر الماضي لوفد النظام السوري، وأيدته المعارضة السورية التي اتهمت بدورها النظام بوضع شروط مسبقة؛ بهدف زرع العقبات أمام المحادثات، ودعت الأمم المتحدة للإفصاح أمام المجتمع الدولي عن سعي النظام لهدم المسار السياسي في جنيف.
وهذه التصريحات جاءت عقب رفض رئيس وفد النظام بشار الجعفري التفاوض المباشر، مبررا ذلك بأنه لا يهدف لإفشال المحادثات، لكن المعارضة وضعت شرطا مسبقا في البيان الختامي لمؤتمر الرياض 2، اعتبرت فيه أنه يتعين على بشار الأسد وزمرته الرحيل مع بدء المرحلة الانتقالية.
وما بين الطرفين، وجد دي ميستورا أنه من "غير المنطقي" أن يصر وفد النظام على أن تسحب المعارضة البيان المذكور، لتدخل المحادثات جولتها التاسعة وسط تجاذبات يخشى مراقبون أن تلقي بظلالها مجددا على مسار السلام بسوريا.
مؤتمر سوتشي
والجولة التاسعة لمفاوضات جنيف بفيينا تأتي قبل أيام قليلة من مؤتمر الحوار السوري الذي تستضيفه روسيا في منتجع سوتشي على البحر الأسود، الإثنين والثلاثاء المقبلين، برعاية كل من تركيا وروسيا وإيران.
وستمثل "جنيف 9" فرصة تحاول من خلالها موسكو إقناع وفد المعارضة بالمشاركة في "مؤتمر سوتشي"، وهي الاجتماعات التي تعتبرها المعارضة "غامضة النوايا"، ما جعلها تمتنع عن تأكيد حضورها فيه.
وقالت روسيا إنها دعت إلى "سوتشي" نحو 1700 شخصية سورية، فضلاً عن العديد من الدول والمنظمات الدولية، غير أنها مازالت تأمل بأن تنجح في إقناع المعارضة السورية بأن المؤتمر لا يرمي - كما تعتقد - إلى تمييع مسار جنيف، وفرض حل على مقاس النظام وإيران وروسيا.
وتنظر المعارضة السورية إلى التصريحات الروسية بعين الريبة، متشبثة بمخاوفها من مؤتمر قد يستبطن انحرافا عن مفاوضات جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة.