معركة أطباء الغوطة لإنقاذ الجرحى.. حياة أو موت
4 أطباء وطاقم طبي وصفوا خلالها العمل في الجيب بأنه معركة لا هوادة فيها لإنقاذ حياة الناس.
مع قيام حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد بتضييق الخناق على الغوطة الشرقية مع تكثيف الغارات الجوية، يجد الأطقم الطبية أنفسهم محاصرين في معركة موت أو حياة لإنقاذ الجرحى.
عائلة الدكتور حميد تعيش في حجرة واحدة عبارة عن جراج ضيق خافت الإضاءة ملحق ببناء كان في يوم من الأيام منزلهم، لكن دُمر باقي أجزاء المنزل الواقع في الغوطة الشرقية، منذ شهر، بعد بدء حكومة الأسد تصعيدًا وحشيًا ضد الجيب.
ويعمل دكتور حميد (50 عامًا) في مستشفى قريب من ملجئه المؤقت الذي يغادره 3 مرات في الأسبوع للتوجه إلى هناك، وفي كل مرة يمنح زوجته وأطفاله الخمسة قبلة الوداع بينما يحاول ألا يفكر في أنها ربما ستكون المرة الأخيرة.
خلال رحلته للتوجه إلى المستشفى، يسير الطبيب عبر شوارع خاوية إلا من الحطام، مدركا خطورة وجوده خارج الملجأ ولو لبضع دقائق.
يفكر حميد أثناء توجهه إلى عمله في أنه إذا كانت التفجيرات كثيفة وأسفرت عن عدد كبير من الجرحى فهذا يعني أنه سيعمل 24 ساعة متواصلة دون راحة، وما أن يشرع في علاج هؤلاء المصابين يخطر في باله أطفاله، فيستغل اللحظات بين كل مصاب وآخر ليدعو الله ألا يصيب أبناءه مكروه.
وقال دكتور حميد إن معظم الأطفال الذين لقوا مصرعهم كانت إصابتهم في الرأس أو داخل البطن والأمعاء، كما شهد بعض حالات كانت إصابتها في القلب مباشرة.
وأوضح أن هؤلاء الأطفال يحتاجون جراحين متخصصين وقضاء فترة من 7 إلى 14 يومًا بغرف العناية المركزة، مضيفًا: "في الغوطة لا يمكننا فعل أي شيء. نحاول إيقاف النزيف ونجعلهم يشعرون بأن كل شيء بخير، ثم نسمح لهم بالموت".
وأجرت شبكة "بي بي سي" البريطانية لقاءات هاتفية مع 4 أطباء وطاقم طبي وصفوا خلالها العمل في الغوطة الشرقية بأنه معركة لا هوادة فيها لإنقاذ الأرواح رغم عدم وجود مساحة كافية لإنقاذ بصرهم أو أطرافهم أو وقايتهم من العدوى المميتة.
هذا الأسبوع، وصل طفل عمره 5 أعوام إلى المستشفى الذي يعمل به الدكتور حميد، كان مصابا بجروح وكسور متعددة في ساقيه وذراعيه.
قطب حميد جروح الطفل وبتر إحدى ذراعيه وإحدى ساقيه، وقال: "هذا مستقبله".
في اليوم نفسه، وصلت طفلة عمرها 18 شهرًا إلى المستشفى وكانت مصابة بتمزقات هائلة بالفخذ بعد هجوم بالبراميل المتفجرة، كانت شرايينها متهتكة تمامًا، لكن حاول الدكتور حميد بشدة إعادة وصل الساق لكنه لم يتمكن من خياطة الشريان بشكل سليم.
وقال: "لا نعلم إذا كانت ستسير في المستقبل أو أن ساقها ستصبح مجرد صورة، لكنها على قيد الحياة.. وهذا نجاح".
وقال عاطف (36 عامًا)، طبيب أشعة، إن التصعيد الذي حدث في فبراير جاء معه أسلحة جديدة "ونوع جديد من الرعب".
ويرى الأطباء في الغوطة الآن المرضى مصابين بجروح بالغة متعددة، وقال عنها عاطف: "لسنا معتادين على هذا المستوى من الإصابات. لا يمكننا مساعدتهم. عندما تنظر حولك تجد يأسا على أوجه الطاقم".
كثير من سكان الغوطة المتبقين يختبئون الآن تحت الأرض، ويعيش عاطف في قبو تحت أحد المباني العامة مع زوجته وأطفاله و100 شخص آخر.
أيضًا هناك محمد (23 عامًا)، طالب طب أجبر على ترك دراسته كي يصبح مسعفا بدوام كامل، وهو يعيش مع عائلته في قبو مجاور يضم 30 شخصًا آخرين، وجميعهم يعيشون في 3 حجرات صغيرة لا توجد بها كهرباء ولا ماء.