الكوميديا تواجه الأسد في شوارع إدلب
فرقة "جمعية شباب سراقب" تشكلت في 2006، وجلبت المسرح الساخر على طريقتها الخاصة إلى محافظة إدلب
قبل 5 سنوات من وصول رياح الربيع العربي إلى سوريا واندلاع الصراع السوري المستمر حتى الآن، تشكلت فرقة كوميدية ساخرة عام 2006 يطلق عليها "جمعية شباب سراقب"، تلك الفرقة التي جلبت المسرح الساخر على طريقتها الخاصة إلى إحدى المدن الصغيرة في شرق محافظة إدلب، وسط فصول وحشية جدا تمر بها البلد.
دفعت الميول الفنية كل من أحمد خطاب ووليد أبورشيد -أحمد يعزف على العود ووليد لديه طموح أن يصبح ممثلا- إلى تأسيس الفرقة، إضافة إلى وجود عامل مشترك آخر بينهما وهو كره الرئيس السوري بشار الأسد.
استعان خطاب وأبورشيد بثلاثة آخرين، وبدأوا في كتابة وتمثيل مسرحيات قصيرة تسخر من الأسد. وفي بعض الأوقات كانوا يقومون بتأدية عروضهم في المراكز الاجتماعية أو المدراس أو المخيمات من أجل إسعاد المشردين السوريين أو حتى في الشوارع، حسب تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية.
وطالما استمتعت جماهير الفرقة بعروضهم لكن الحكومة السورية لم تكن كذلك. فبعد تأسيس الفرقة بفترة قصيرة اعتقلت قوات الأمن السورية خطاب الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 16 عاما فقط. وقال خطاب الذي يعمل مدرسا الآن ولديه طفلان، إنه تعرض للضرب كثيرا، وأنهم كانوا يلقون القبض عليه كل 6 شهور ويقضي في السجن 4 أو 5 أيام، حتى أصبح الأمر روتينيا".
ولفترة كانت تؤدي الفرقة عروضها في الخفاء دون الإعلان عن اسمها أو عن عروضها. وعادت إلى الظهور في 2014، وبدأت في نشر فيديوهات خاصة بعروضها على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك ويوتيوب.
وسراقب هي مدينة سنية يعيش فيها حوالي 30 ألف شخص، ويحيط بها الأراضي الزراعية. وأصبحت سراقب مركزا للاحتجاجات المعادية لحكومة الأسد أثناء الثورة السورية. وبمجرد اشتعال الحرب أصبحت أرض معركة بين الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر، لكن على الرغم من ذلك استمرت فرقة شباب سراقب في عروضها.
في بعض الأحيان كان يتخلل العروض أصوات الطائرات التي تحلق فوق الجماهير والمؤديين، فكانوا يهربون للاختباء سريعا. وأشار خطاب إلى أن اثنين من المؤسسين للفرقة لقوا مصرعهم والثالث فر من سوريا.
ومع تصاعد الصراع في سوريا انتاب الفرقة القلق ليس فقط من الحكومة لكن أيضا من تنظيم داعش الإرهابي وجماعة جبهة النصرة، اللذين كانوا يتحاربان من أجل السيطرة على المنطقة ويعتبروا الممثلين كفارا. وفي أحد العروض -يروي خطاب- تم إلقاء قنبلة يدوية عليهم لكن لم يتأذَّ أحدا.
ويسلط أعضاء الفرقة الضوء في عروضهم على المشكلات اليومية التي يتعرض لها السوريون في وقت الحرب مثل نقص الطعام وارتفاع الأسعار.
ووصل أعضاء الفرقة الآن إلى 12 بعدما كانوا 5 فقط. وبدلا من تقديم عروض للبالغين فقط أصبحت الفرقة تقدم عروضا للأطفال أيضا.
ويقول خطاب إن الحرب السورية أثرت كثيرا على الأطفال، وأنه وفرقته تعهدوا بتغيير حياة هؤلاء الصغار قليلا لمنحهم بعض الأمل ووضع الابتسامة على وجوههم المرهقة. وهناك سبب آخر أيضا دفع الفرقة إلى تقديم عروض للأطفال، وهو ملأ وقت فراغهم حتى لا ينجرفوا إلى الجماعات المسلحة والتطرف، حسب خطاب.
وأخيرا قال خطاب إنه كان يفكر منذ سنوات في الفرار من البلد كما فعل بعض أصدقائه حينما كان عبور الحدود إلى تركيا أسهل نسبيا، لكنه كان يعتقد أن الإطاحة بالأسد ستكون سريعة وستنتهي الحرب. لكن بعد تدخل روسيا بدأ خطاب يفقد الأمل، لكن تم إغلاق الحدود التركية وأصبح الفرار أكثر تكلفة، والخروج من سوريا سيكون عليه بيع منزله.
أما أبورشيد فلم يفكر أبدا في الرحيل، قائلا: "إذا خرجنا جميعا من سوريا من سيتبقى؟". لافتا: "نؤمن بقوة الكلمة، والسلاح يمكن أن يحرر مكان، لكن الكلمة تحرر العقل".