الضربة الأخيرة التي قامت بها فرنسا وأمريكا وبريطانيا هي من أجل وضع الخطوط الفاصلة لا من أجل الأغراض والأهداف الإنسانية التي ذُكرت.
هناك مثل يقال «اللي في الفخ أكبر من العصفور» أي أن الأمور التي ترونها هي جزء من الصورة، وأن من يراد اصطياده أكبر من «الييمه» أو الطعم الذي أمامكم.
تذكرت هذا المثل وأنا أقرأ تقريراً «للمرصد الاستراتيجي» حول تداعيات الصراع في سوريا بين القوى العظمي، وهما روسيا وأمريكا اللاعبان الأساسيان، ومعهما تركيا وإيران، أما اللاعبون الآخرون الذين يخوضون الصراع نيابة عن تلك القوى بالوكالة الأكراد والنظام السوري وفصائل المعارضة. «أنصح بقراءة التقرير ففيه تفاصيل ميدانية بأسماء المدن عن الصراع على الأرض السورية وتقسيم مناطق النفوذ، والتي هي قابلة للتغير حتى اللحظة» «strategy-watch.com».
ما يجري الآن من تصعيد وصل إلى حرب بالأصالة لا بالوكالة على حد تعبير التقرير من أجل وصول الأمر إلى تقسيم سوريا ميدانياً على الأرض بينهم.
روسيا لم ولن تمانع من تقطيع أوصال إيران داخل سوريا لأن الإيرانيين ينافسون الروس على مواقع حيوية لذلك صمتت الدفاعات الجوية، روسيا منعت إيران من دخول بعض المناطق بما فيها الغوطة الشرقية التي قصفت بجناح عسكري في النظام السوري تقوده إيران، رغم تحذيرات روسيا لإيران من الاقتراب من الغوطة
والضربة الأخيرة التي قامت بها فرنسا وأمريكا وبريطانيا هي من أجل وضع الخطوط الفاصلة لا من أجل الأغراض والأهداف الإنسانية التي ذُكرت، بل دخل الصراخ مرحلة التقسيم الفعلية في مراحلها الأخيرة، وما نراه الآن هو الحرب التي ستنهي الحرب على حد تعبير البعض، أما الكلام عن وحدة الأراضي السورية فلا يتفق مع الواقع على الأرض بتاتاً.
وفق «المرصد الاستراتيجي» نظام الأسد يحتفظ بعشرين ألف مقاتل فقط وعدد محدود جداً من الطائرات، وبقاؤه خيال للمآتة كواجهة تبرر التواجد الروسي والإيراني كما يعرف الجميع، لذلك فبعد التقسيم ستكون حصته في الكعكة حصة صغيرة جداً جداً، وحتى هذه الحصة مهددة هي الأخرى بخلافات بينه وبين طائفة العلويين تجعل احتفاظه بأي جزء من الأراضي السورية صعباً وفي مهب الريح.
الكبار هم من يتقاسمون الكعكة الآن، والولايات المتحدة الأمريكية دخلت على الخط مع روسيا وبقوة منذ فبراير العام الماضي حين أطلق سلاح الجو النار على فرقة روسية تتبع شركة الأمن «فاغنر»، وكانت تعد هجوماً على حلفاء واشنطن فقتلت منهم 300، وذلك لاستعادة الهيبة الأمريكية وللاحتفاظ بمواقع النفط والغاز، بعد أن مسح أوباما بخطوطه الحمراء الواهية كل الهيبة الأمريكية وأخرجها من الحسبة التقسيمية، فجاء ترامب بصقوره العسكريين وأعادها مرة أخرى على المسرح.
ما تحاول الولايات المتحدة أن تقوم به بدءاً من 7 فبراير العام الماضي وليس من الضربة الأخيرة، هو تقطيع الحية الممتدة من طهران إلى بيروت بتقطيع أوصالها إلى أجزاء، وحصرها داخل الأراضي السورية، وقطع طريق طهران بغداد دمشق بيروت، فقامت أولاً بتأمين الحدود الشرقية لسوريا أي الحدود العراقية السورية لمنع أي أرتال إيرانية من الوصول للعمق السوري، ثم ومن طائراتها التي تحلق ذهاباً وإياباً على طول الحدود لديها أوامر بعدم العودة لواشنطن في قرار الضرب، وتجري الولايات المتحدة الأمريكية تفاهماتها مع العبادي في العراق على ترتيبات تعيد للأنبار صحوتها من جديد لتكون حائطاً لمنع المرور عبرها للحدود السورية من قوات إيرانية أو فصائل تأتمر بأمرها.
ومن جهة أخرى تقوم إسرائيل بضرب أهداف إيرانية وعلى رأسها مواقع لحزب الله في حلب الآن في سوريا لقطعها من الاقتراب من الجولان.
الأهم أن روسيا لم ولن تمانع من تقطيع أوصال إيران داخل سوريا لأن الإيرانيين ينافسون الروس على مواقع حيوية لذلك صمتت الدفاعات الجوية، روسيا منعت إيران من دخول بعض المناطق بما فيها الغوطة الشرقية التي قصفت بجناح عسكري في النظام السوري تقوده إيران، رغم تحذيرات روسيا لإيران من الاقتراب من الغوطة، لكن إيران تندفع أكثر وهي ترى التفاهمات الأمريكية الروسية.
وقد يتساءل البعض سؤالاً لماذا لم يرد في التقرير أين هو موقع دول الخليج من هذا كله؟ الجواب موجود في تصريحات محمد بن سلمان قبل وأثناء وبعد الزيارة لأوروبا وأمريكا.
الظاهر فعلاً أن الذي في الفخ أكبر من العصفور.
نقلا عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة