من سوريا "المفيدة" إلى "الممكنة".. النظام يراهن على الوقت
النظام السوري يتقدم صوب أكثر مناطق التهدئة استقرارا بعد إحكام سيطرته على خاصرة دمشق.
ظل المراقبون لتطور الأوضاع الميدانية في سوريا يصفون سلوك النظام خلال السنوات الماضية باعتباره محاولة استراتيجية للاحتفاظ بما أطلقوا عليه "سوريا المفيدة"، في إشارة للمدن الكبرى ذات الكثافة السكانية في الغرب، لكن على ما يبدو يعتمد النظام في الوقت الراهن استراتيجية "سوريا الممكنة"، بحثا عن توسيع مناطق سيطرته، ورهانه على الوقت.
- الأردن يدعو للحفاظ على الهدنة جنوب سوريا.. وخلاف روسي إسرائيلي
- تفاق أمريكي روسي أردني على منطقة تهدئة جنوب سوريا
واستطاع النظام السوري خلال الشهرين الماضيين فك قبضة المعارضة عن خاصرة دمشق في الغوطة وتقدم نحو ريفي حماة وحمص؛ ما مثل نقلة نوعية في مستوى التهديد الذي يمكن أن يواجهه النظام في عاصمته التي ظلت عصية خلال سنوات الحرب الأهلية الـ7.
وكان النظام قد توصل لاتفاق تهدئة برعاية روسية إيرانية تركية مع قوى المعارضة، أثبتت الأحداث أن قرار خرقها مرهون بمصالح الدول الضامنة؛ الأمر الذي مكن النظام السوري من سحق المعارضة في الغوطة، مستخدما السلاح الكيماوي، والتوصل لاتفاق استسلام في حمص وحماة، حينما منح ضوءا أخضر روسيا تركيا، بحسب معلقين.
وتقدم النظام السوري خلال الأسبوعين الماضيين للمرة الأولى باتجاه الجنوب أول المناطق الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد والوحيدة بين ثلاث مناطق أخرى التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة أردنية.
ومثل اختراق الهدنة في الجنوب السوري تحديا لقواعد فض الاشتباك التي استقرت منذ يوليو/تموز من العام الماضي رغم استثناءات قليلة.
وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا، الجمعة الماضية، حذرت فيه الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، النظام السوري "من القيام بأي تحركات تهدد بتوسيع النزاع أو زعزعة وقف إطلاق النار (في الجنوب)، مضيفة أن الرئيس دونالد ترامب أعاد التأكيد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على الاتفاق خلال اجتماع في فيتنام عقد في نوفمبر/تشرين الثاني".
وفي مواجهة مخاوف عودة القتال في درعا الجنوبية نقلت وكالة الإعلام الروسية عن ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية قوله، اليوم الثلاثاء، إن روسيا والولايات المتحدة والأردن اتفقت على عقد اجتماع في منطقة "خفض التصعيد" بجنوب سوريا.
ويأتي الاجتماع المرتقب بعد يوم واحد من تأكيد روسي على أن الجيش السوري وحده هو من يجب أن يكون على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن وإسرائيل وذلك بعدما حذرت واشنطن من "إجراءات حازمة" ردا على انتهاكات الهدنة في المنطقة.
ويبدو رهان النظام السوري على عنصر الوقت ناجحا إلى الآن بعد أن مد سيطرته لمناطق إنتاج النفط والغاز في الشرق، وآمن إلى حد بعيد الطريق بين حلب والعاصمة، فيما يتطلع على ما يبدو لإعادة ورقة الحدود مع إسرائيل إلى حصيلة أوراقه التفاوضية قبل أن تبدأ الأمم المتحدة في اختيار لجنة صياغة الدستور السوري الجديد.
aXA6IDE4LjE4OS4xNzAuMjI3IA== جزيرة ام اند امز