المطبخ السوري يقتحم مطاعم الخرطوم.. "دمشق صغيرة" بقلب السودان
أكثر من 200 ألف سوري وفدوا إلى السودان، وفق بيانات منظمات مجتمع مدني محلية، إثر الحرب الأهلية التي اندلعت قبل نحو 9 سنوات.
في منطقة كافوري الراقية الواقعة شمالي العاصمة السودانيّة الخرطوم تتجاور محلات تحمل أسماء حلب وحمص تصدر عنها روائح شهيّة لمأكولات وحلويات شامية، بينما تنتشر في الأرجاء لهجة سورية مميزة.
وفي الشارع المقابل لمسجد "النور" ذي القباب الرماديّة المبني على الطراز التركيّ تعبق رائحة الشاورما السورية وسط إقبال لمئات السودانيين من محبي المطبخ السوري.
يقول الشاب صلاح الدين آدم وهو يشتري ساندوتش "شاورما الدجاج" الذي يُحبِّه من مطعم في المنطقة إنّ "المطاعم السورية مميزة، تصميم المحل جذّاب والمكان دائماً نظيف وقائمة الطعام متنوعة".
وأضاف تاجر اللحوم البالغ (34 عاماً) الذي ارتدى جلباباً تقليدياً أنَّ "المطاعم السورية تتميز بتقديم المقبّلات وهو ما يعطي الأكل طعماً خاصاً، دائماً تشعر أن الأكل شهي وطيّب وله صوت وصورة".
طاولات المطعم المعدنية الـ7 كانت مكتظة بالزبائن السودانيين، فيما كان 3 زبائن محليين ينتظرون استلام طلباتهم جوار منضدة رصّت عليها أطباق بلاستيكية تحتوي حلويات سورية.
ووفد أكثر من 200 ألف سوري إلى السودان، وفق بيانات منظمات مجتمع مدني محلية خلال عام 2018 إثر الحرب الأهلية التي اندلعت قبل نحو 9 سنوات، خصوصاً أنَّ هذا البلد العربي الأفريقي يسمح لهم بالدخول من دون تأشيرة.
أما المهندس أحمد سليمان (28 عاماً) والذي قال إنّه يتردد على المحل يومياً فقد أثنى على "المذاق والجودة" قائلاً: "الشاورما والشيش طاووق والكباب كلها موجودة في السودان منذ سنين، لكن ليس بنفس الجودة الموجودة في المطاعم السورية، الفارق واضح في المذاق والطعم".
وبمجرد دخول المنطقة الراقية، يخيل للمرء أنَّه وصل إلى سوريا، إذ تحمل أسماء المحال كلمات مثل "الشام" و"السورية"، فيما يمكن سماع اللهجة السورية بين عشرات المارة في المنطقة، ويثير هذا التواجد تنافساً بين المحلات لتقديم وجبات أكثر جودة وأفضل مذاقاً.
وأشار سليمان إلى أنًّ "كل مطعم يتميّز في صنف طعام محدد، هم يبدعون في تقديم الطعام وهو شيء لا يتميز السودانيون به للأسف"، مضيفاً أنَّ ارتياده المطعم يحمل رسالة إنسانية "نحاول أن ندعمهم في أزمتهم عبر التردد على مطاعمهم".
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في عام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
ويحصل السوريون في السودان على التعليم والرعاية الصحية وكأنهم مواطنون سودانيون، كما أنّ لهم الحق في العمل وافتتاح مشروعات تجارية خاصة، بل حصل العديد منهم على الجنسية السودانية أخيراً.
مالك عبدالوهاب (32 عاماً) المتحدر من حلب والذي وصل إلى السودان قبل 9 سنوات، أحد هؤلاء الذين حصلوا على الجنسية، وافتتح مطعماً سمّاه "أيامك يا شام" يوظف 15 موظفاً غالبيتهم من أبناء وطنه.
وقال عبدالوهاب إنَّه يحرص على "توفير أقصى نظافة وجودة ممكنة ونهتم بالمعاملة الطيبة مع الزبون".
ويفتقر المطبخ السوداني للتنوع في تقديم الطعام الذي يعتمد على اللحوم المشوية للأغنياء والفول والفلافل للفقراء، كما أنّ المطاعم السودانية نفسها بسيطة المظهر والإمكانيات.
وأضاف عبدالوهاب: "حرصنا أن نقدِّم لهم أكلات جديدة ومتنوعة، أكلات جديدة لا يعرفها السودانيون"، متابعاً أنَّ المطبخ السوري متنوع ويتضمن أكثر من 100 صنف مثل "أرز الكبسة والكبّة والشاورما والملوخية".
وأشادت الموظفة السودانية نهاد الفاتح بـ"تنوع الأطباق والأصناف المتاحة في المطاعم السورية"، وتنوه وهي تنتظر طبق الشاورما بالثومية بـأنّ "نظافة المطاعم السورية جعلتني زبونة دائمة في مطاعهم".
وفي منطقة الرياض للطبقة المتوسطة في شرق الخرطوم، تنتشر أيضاً مطاعم ومحال حلويات سورية تلقى رواجاً كبيراً، ويمكن سماع الأغاني السورية تصدح في المنطقة.
وتنتشر في المنطقة كذلك محال أخرى للأثاث والعطور تلقى رواجاً، وقال سودانيون إنَّهم معجبون بمهارة ودقة الحرفيين السوريين.
ولا يتردد المهندس محمد عبدالصبور كثيراً على المطاعم السورية لكنّه يقول إنّ "الشعب السوداني ليس لديه ثقافة الترحيب بالزبون عكس المطعم السوري".
ويقول خالد الذي يدير مطعماً سورياً في منطقة الرياض: "أصبح لدينا زبائن سودانيون دائمون، نحاول أن نرضي الزبون وأن يغادر المطعم وهو عازم على العودة مجدداً".
aXA6IDMuMTQ0LjIwLjY2IA==
جزيرة ام اند امز