الذكاء الاصطناعي في مواجهة تغير المناخ.. علامة مضيئة في رصيد إنجازات COP28
حمل النص النهائي لـCOP28 قرارات تاريخية عدة، لم يُسلط الضوء على بعضها بشكل كافٍ، أبرزها استخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة المناخ.
تساعد التكنولوجيا في مواجهة تغير المناخ بطرق عدة، لعل أبرزها الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال تطوير مصادر الطاقة المتجددة، على سبيل المثال، بجانب دورها في التكيف مع آثار الطقس المتطرف، من خلال تطوير أنظمة الإنذار المبكر للتنبؤ بالظواهر المناخية القاسية.
توفر التكنولوجيا أيضًا المعلومات والبيانات اللازمة لفهم تغير المناخ، وذلك من خلال تطوير الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لمراقبة الأرض ومناخها، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل هذه البيانات.
لذا يخصص النص النهائي لأول تقييم عالمي لاتفاق باريس، المعروف باتفاق دبي، قسمًا خاصًا بالتكنولوجيا ضمن قسم أكبر عن وسائل الدعم والتنفيذ، يشدد خلاله على الدور الأساسي لتطوير التكنولوجيا ونقلها في تيسير إجراءات التكيف والتخفيف العاجلة، بما يتماشى مع تحقيق أهداف اتفاق باريس والتنمية المستدامة.
يشير النص إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يقدم مساهمات كبيرة في التنمية المقاومة للمناخ ومنخفضة الانبعاثات.
يدعم القرار النهائي لقمة دبي مبادرة آلية التكنولوجيا بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل المناخي، والتي تهدف إلى استكشاف دور الذكاء الاصطناعي كأداة تكنولوجية لتعزيز وتوسيع نطاق الحلول المناخية التحويلية من أجل التكيف وإجراءات التخفيف في البلدان النامية، مع التصدي أيضاً للتحديات والمخاطر التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
كما يقرر إنشاء برنامج لتنفيذ التكنولوجيا، تدعمه، في جملة أمور، الكيانات التشغيلية لآلية التكنولوجيا التابعة للأمم المتحدة للمناخ، من أجل تعزيز الدعم المقدم لتنفيذ أولويات البلدان النامية في هذ الصدد، بجانب التصدي للتحديات الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل المناخي.
- ما هو الوقود الانتقالي المنصوص عليه في قرار COP28 النهائي؟
- التفاصيل الكاملة لإنجاز COP28 بشأن الهيدروجين الأخضر
ما هي مبادرة الذكاء الاصطناعي في العمل المناخي؟
تأسست مبادرة الأمم المتحدة لتغير المناخ بشأن الذكاء الاصطناعي للعمل المناخي في يونيو/حزيران 2023، كجزء من آلية الأمم المتحدة لتكنولوجيا المناخ، وبدعم ورعاية الرئاسة الإماراتية لمؤتمر COP28.
تتماشى المبادرة مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي "الموثوقة والآمنة" والتي يمكنها "تعزيز العمل المناخي"، للدفع نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تستكشف المبادرة دور الذكاء الاصطناعي كأداة قوية للنهوض بالحلول المناخية التحويلية، وتوسيع نطاقها لتشمل إجراءات التخفيف والتكيف في البلدان النامية.
تهدف أيضًا إلى تحقيق نتائج ملموسة وتحويلية، سواء على مستوى السياسة أو التنفيذ، في إطار برنامج العمل المشترك الأول لآلية التكنولوجيا التابعة للأمم المتحدة لتغير المناخ.
تتعاون اللجنة التنفيذية للتكنولوجيا التابعة للأمم المتحدة (TEC) ومركز وشبكة تكنولوجيا المناخ (CTCN) في هذه المبادرة لتوفير مساحة لمناقشة السياسات وزيادة الوعي وتبادل المعرفة والخبرات بين أصحاب المصلحة في تطوير ونشر الحلول المناخية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وكذلك لدعم جهود بناء القدرات للاستفادة من التقنيات الرقمية الناشئة واستنباط حلول محلية لتسخير الذكاء الاصطناعي.
كما تسترشد المبادرة ببرنامج العمل المشترك لآلية التكنولوجيا، بما في ذلك مجالات العمل المشتركة بين اللجنة التنفيذية لتكنولوجيا المعلومات، ومركز وشبكة تكنولوجيا المناخ بشأن: النظم الوطنية للابتكار، وأنظمة المياه والطاقة والغذاء، والمباني والبنية التحتية المرنة، والأعمال والصناعة، وتقييم الاحتياجات التكنولوجية.
بشكل أكثر تحديداً، سيتم تطوير الأنشطة في إطار المبادرة لدعم تنفيذ خطة العمل المتجددة للجنة التنفيذية للتكنولوجيا (2023-2027)، وبرنامج عمل مركز وشبكة تكنولوجيا المناخ (2023-2027).
ولزيادة إثراء العمل في إطار المبادرة، عقدت اللجنة التنفيذية للتكنولوجيا، في عام 2023، مشاورات إقليمية مع نقاط الاتصال الوطنية لتكنولوجيا المناخ والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال خلال أسابيع المناخ الإقليمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
ستنشئ المبادرة شبكات إقليمية من الجهات الفاعلة التي يمكنها دعم الذكاء الاصطناعي من أجل العمل المناخي.
ستعمل المبادرة على دعم تنفيذ بعض الحلول التي تدمج الذكاء الاصطناعي في العمل المناخي بالبلدان النامية، يشمل ذلك تقنيات التكيف المبتكرة، مثل النماذج التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، لتوفير أنظمة إنذار مبكر لتنبيه المجتمعات المحلية قبل وقوع الكوارث.
ستدعم أيضًا تحسين أنظمة الأغذية الزراعية وإدارة المحاصيل من خلال الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بأفضل أوقات الزراعة وتقييم صحة التربة ومراقبة تفشي الآفات والأمراض وتقليل استخدام المياه وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة وإنتاج الغذاء.
تستهدف المبادرة أيضًا تحسين كفاءة وموثوقية أنظمة الطاقة المتجددة من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ بالطلب على الطاقة، وتحسن عمليات الشبكة وتدمج مصادر الطاقة المتجددة بسلاسة، مما يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة، ويعزز التحول نحو حلول الطاقة منخفضة الانبعاثات.
الذكاء الاصطناعي في COP28
تناولت قمة المناخ COP28 في دبي لأول مرة، في تاريخ مؤتمرات الأطراف، استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
وضع مؤتمر دبي خارطة الطريق لدمج التقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعي في العمل المناخي، والتي كانت محورًا لعدد كبير من الأحداث الجانبية في COP28، بالإضافة إلى ظهورها في النص النهائي للمؤتمر، لأول مرة في مفاوضات المناخ.
وقال الدكتور ستيفن ميناس، عضو اللجنة التنفيذية للتكنولوجيا التابعة للأمم المتحدة للمناخ إن قمة دبي استهدفت وضع الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية جمعاء بدلا من السماح لها بأن تصبح مصدرًا جديدا لعدم المساواة.
أضاف: "كان مؤتمر دبي علامة فارقة في هذا الصدد، وإذا اعتبرنا أن مفاوضات المناخ استغرقت ما يقرب من ثلاثين عاما لكسر الصمت بشأن الوقود الأحفوري، فقد كانت أسرع بكثير في الدفع نحو الذكاء الاصطناعي في COP28".
رغم أن الدول بدأت بالفعل في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق الأهداف المناخية، وفق ميناس، إلا أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به للاستجابة لدعوة الأمم المتحدة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل موثوق وآمن يمكنه تعزيز العمل المناخي.
لهذا السبب، كان اهتمام رئاسة COP28 بدعم مبادرة الذكاء الاصطناعي للعمل المناخي خلال المفاوضات، سواء على المستوى الرسمي أو ضمن الأحداث الجانبية.
قال ميناس: "لقد طورنا هذه المبادرة لأن التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على تغير المناخ كبير، ولم يتم فهمه على نطاق واسع بعد، ويظل حتى الآن مثار جدل بين الخبراء".
فيما يتعلق بالأحداث الجانبية خلال COP28، أطلقت المبادرة تحدي الابتكار الكبير للذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع مجتمع الذكاء الاصطناعي غير الربحي Enterprise Neurosystem.
تدعو المسابقة إلى ابتكار تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات أو بناء القدرة على التكيف مع المناخ في البلدان النامية.
تهدف في النهاية إلى إنشاء مركز مجاني لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المناخ، ومتاح لجميع الدول لاستخدامه.
على المستوى الرسمي، لم تغفل نتائج COP28 الذكاء الاصطناعي ودوره في معالجة المناخ، رغم أنها تحمل بشأنه مزيجًا من الأمل والقلق.
أشار القرار النهائي للتقييم العالمي الأول لاتفاق باريس إلى المبادرة وأهميتها، مؤكدًا أنها تهدف إلى "استكشاف دور الذكاء الاصطناعي كأداة تكنولوجية لتطوير وتوسيع نطاق الحلول المناخية التحويلية لإجراءات التكيف والتخفيف في البلدان النامية.
سلط القرار الضوء على أن المبادرة ستعمل على "معالجة التحديات والمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي"، بما في ذلك "الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الطاقة وأمن البيانات والفجوة الرقمية".
على جانب أخر، أكد القرار على الحاجة إلى التركيز على ما يمكن أن تفعله تقنيات الذكاء الاصطناعي للدول الأكثر فقرا وعُرضة للمناخ، مؤكدًا أن المبادرة لا تروج للذكاء الاصطناعي من أجل مصلحتها أو تدفعه كحل مناخي، بل تتخذ نهجاً متوازناً يتضمن النظر في كل من الإيجابيات والسلبيات.
قال ميناس تعليقًا على ذلك: "مع تركز قدرات الذكاء الاصطناعي حاليا في حفنة من البلدان، كان هناك حاجة واضحة إلى نهج متعدد الأطراف يمنح جميع الدول مقعدا على الطاولة، وهو ما حققه COP28 بهذا البند".
ختم تصريحاته مضيفًا: "نجح COP28 في تحديد الاتجاه، وعلى المبادرة أن تستكشف الإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف".
aXA6IDMuMTYuNzAuOTkg جزيرة ام اند امز