بالصور.. "القبضة الملعونة".. شعار سوفيتي أمسكت به إيران لخنق المنطقة
إيران ومليشياتها تبنوا شعار "قبضة اليد" الذي انتشر بالاتحاد السوفيتي 1917 حاملا أفكار التدمير والإلحاد واحتلال العالم بقبضة واحدة
ظهر شعار قبضة اليد المشهور في الكثير من ثورات العالم رغم اختلافاتها الدينية والأيديولوجية، ولكنه كان علامة على شيئين رئيسيين ميزا تلك الثورات، أولها اعتمادها على العنف- رغم إنكارها له في البداية- وثانيها وجود تنظيمات تطمح في أن تكون هذه مفتاحها لحكم العالم.
- تحالف الإخوان-إيران.. مشروع الإرهاب لغزو العالم برعاية بريطانيا
- مشروع إيران لاحتلال العالم.. حسب نصوص الدستور
واختلفت التفسيرات طوال عشرات السنين حول معنى هذه القبضة، منها أنها ترمز إلى حكم الشعب، أو التضامن والاتحاد، أو السيطرة على العالم، أو أن التغيير لا يكون إلا بالقوة والعنف.
وانتشر هذا الشعار على امتداد خريطة العالم، من روسيا شرقا حتى أمريكا غربا، ومن أوروبا شمالا حتى أفريقيا جنوبا، وعلى مدار 100 عام على الأقل.
وكان أول ظهور له يأخذ طابعا شيوعيا إلحاديا خلال الثورة الشيوعية التي اندلعت عام 1917 في الاتحاد السوفيتي واتسمت بطابع عنف أودى بحياة الملايين.
وكان لافتا أن تتبنى إيران هذا الشعار في ثورة الخميني 1979، بالرغم من أنها كان ترفع شعار الدفاع عن الإسلام ومعاداة الشيوعية، ثم تبنته مليشياتها التي صنعتها في لبنان واليمن والبحرين وغيرها.
وبوابة العين الإخبارية ترصد بعضا من المناسبات الإيرانية التي تم فيها رفع تلك القبضة، وذلك بمناسبة احتفالات طهران بما تطلق عليه الذكرى الـ 39 لثورة الخميني التي توافق فبراير/شباط الجاري.
في 1979 ارتفعت أيادي أنصار الخميني بهذه القبضة خلال المظاهرات التي تلطخت بأعمال عنف وحرق وقتل ملأت شوارع إيران، وتم إلصاقها بنظام الشاه لتكون مبررا لخلعه وإحلال نظام الولي الفقيه محله.
وكان البعض يظن أن هذا الشعار مجرد رمز ديني للتضامن.
وتواصل استخدام هذه القبضة خلال هتافات التأييد والولاء التي تصرخ بها حناجر أنصار الولي الفقيه خلال لقائهم به، مثلما يحدث حتى الآن في لقاءات مرشد إيران الحالي علي خامنئي.
ولكن تبني مليشيا حزب الله هذا الشعار الذي تلصقه بجانب صور قتلاها خلال المواجهات التي تخوضها، فتح الطريق للبحث عن دلالات سياسية وراءه بعيدة عن الشعارات الدينية التي ترفعها.
فقد رفعت المواقع الإخبارية التابعة لمليشيا حزب الله ذات الشعار خلال إعلانها تأييد مليشيا الحوثي الموالية لإيران في اليمن.
كما ظهر هذا الشعار فيما يتعلق بمليشيات العنف الإيرانية المزروعة في البحرين.
وتتذرع المليشيات الموالية لإيران في البحرين وغيرها خلف هذه القبضة بأنها تسعى لإنهاء الفساد والديكتاتورية.
وفي الوقت الذي ترفع تلك المليشيات شعارات مناهضة "الطواغيت" و"المستكبرين" و"الطغاة" من الحكام العرب، فإنهم يدينون بكامل الولاء لنظام مرشد إيران والذي يجمع بين يديه كافة السلطات القضائية والسياسية والعسكرية والدينية والاقتصادية كما لم يحدث لأي حاكم آخر في التاريخ الحديث.
جذور شعار "قبضة العالم"
أقدم صورة معروفة لرفع هذه القبضة تعود إلى عام 1917 في منشور ظهر خلال الثورة الشيوعية الدموية التي أطاحت بنظام القيصر وجلبت نظام فلاديمير لينين البلشفي، وهو صاحب مقولة إن "أفضل الثوار هم أسوأ الناس أخلاقا".
وفي أسفل المنشور تمت كتابة عبارة "القبضة التي ستحكم العالم.. الاتحاد الكبير".
ويمكن فهم هذا الشعار بشكل أوسع بالتعرف على الأيديولوجية الشيوعية التي كانت ترمي إلى حكم العالم عبر تمويل وصناعة حركات عنف ثورية في الدول المستهدفة لتحطيم حكوماتها وجيوشها ومؤسساتها الدينية، إسلامية أو مسيحية، وتسليمها إلى الاتحاد السوفيتي.
كما تردد معنى هذا الشعار في دستور وقوانين ثورة الخميني، والتي تنص صراحة في بنودها على أن هدف تلك الثورة هو حكم العالم تحت اسم "الوحدة الإسلامية" و"الدولة الإسلامية الكبرى"، وتبرر صناعة المليشيات وإسقاط نظم الحكم في الدول المستهدفة بأنه "الجهاد الإسلامي".
وبالصدى الكبير الذي أحدثته الثورة الشيوعية توالى تبني حركات لشعار القبضة، حتى داخل المجتمعات الأوروبية والأمريكية المتخاصمة مع الاتحاد السوفيتي.
فظهر في الحرب الأهلية الإسبانية التي تسبب فيها أحزاب موالية للسوفيت، كما ظهر في حركات تتبنى الدفاع عن السود والمرأة في الولايات المتحدة في الخمسينيات من القرن الماضي.
وظهرت ذات القبضة في رايات حركة "كاخ" الصهيونية الإرهابية عام 1971، وهي حركة تتبنى العنف، وتسعى لتأسيس نظام حكم ديني، وهو ما دفع إسرائيل لإعلانها منظمة إرهابية 1994.
وهذه المنظمة هي المسؤولة عن مجرزة الحرم الإبراهيمي الشهيرة التي استهدفت عشرات المصلين في مدينة الخليل عام 1994.
الثورات الملونة
وكان اللافت أن ذات الشعار تم استخدامه ضد النفوذ الروسي ذاته، خاصة في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي 1989، حيث رفعته حركات ممولة من منظمات أمريكية وأوروبية تسعى لإزاحة النفوذ الروسي عن دول شرق أوروبا.
ومن ذلك تكرر ظهوره فيما وصف بـ"الثورات الملونة" على يد منظمة "أوتبور" في صربيا للإطاحة بالرئيس الصربي سلوبودان مليسوفيتش عام 2000، وهي منظمة ممولة من الصندوق الوطني للديمقراطية الذي يموله الملياردير الأمريكي، جورج سوروس، والموصوف بأنه رجال النظام العالمي الجديد.
وأسست تلك المنظمة بعد نجاح ثورتها في صربيا مركزا باسم "كانفاس"، بدعوى أنه يسعى لإسقاط الحكومات الديكتاتورية، ولكن بدون اللجوء للعنف، عبر نشر وسائل الإضرابات والمظاهرات، والواقع أنها كانت تشهد أعمال عنف عبر إثارة القلاقل بين المتظاهرين ورجال الشرطة والتحريض.
وانتقلت منظمة "أوتبور" إلى جورجيا عام 2003 عبر تدريب حركات شبابية مثل "كمارا" للإطاحة بالنظام المقرب من موسكو.
ثم توالت الكرَّة وتضخمت أحلامها بأن ذهبت في 2005 إلى روسيا ذاتها التي شهدت أول ظهور لشعار قبضة اليد المذكورة عام 1917، ولكن لم تحقق نجاحا كبيرا هذه المرة في 2005 لقوة شكيمة موسكو.
ومنذ عام 2005 انتشرت فروع منظمة "أتبور" ومنظمة "كانفاس" بشكل سرطاني عبر كل القارات، خاصة وأن بداية تغلغلها في كل مجتمع يركز على حجج "دعم المجتمع المدني"، و"تمكين الشباب"، و"دعم الديمقراطية سلميا"؛ ما جعلها مصدر جذب كبير للشباب الحالمين، خاصة وأنها تقدم دعما سخيا خلال الدورات التدريبية وما يصاحبها من أسفار.
كما اتخذت أسماء عدة تدل على معاني "الكفاية" و"المقاومة".
وحطت تلك المنظمات رحالها في الشرق الأوسط منذ عام 2005 على الأقل، وظهرت في صور حركتي "كفاية" و"6 أبريل" (2008) اللتين ظهرتا في مصر بعد دعوتها إلى إضراب عمالي واسع ضد نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع المظاهرات والإضرابات والاحتجاجات وصولا إلى أحداث يناير 2011 التي انتهت بإعلان مبارك تنحيه عن الحكم.
واعترف أعضاء حركة 6 أبريل في مصر بتلقيهم تدريبات في صربيا وجورجيا تبع منظمة "أوتبور".
كما ترفع ذات القبضة حركة "الاشتراكيون الثوريون" في مصر وغيرها، وهي حركة يسارية موالية للفكر الماركسي السوفيتي، وتؤمن بأن هدم مؤسسات الدولة بكل وسيلة هو الطريق الوحيد للسيطرة عليها.
ورغم إعلانها أنها ضد الفكر الديني لتنظيم الإخوان الإرهابي، إلا أنها تتحد معه وتؤيد أعمال العنف التي يقوم بها وتشارك فيها عندما يتعلق الأمر بمعاداة مشتركة بينهما لنظام الحكم كما ظهر منذ عام 2013.
وكان لافتا كذلك اختيار مجلة "إيكونومست" البريطانية هذه القبضة لتتصدر غلافها وتعبر به عن تأييدها لما وصف بثورات الربيع العربي في مصر وتونس وسوريا وغيرها
واتحاد تنظيمات وتيارات شيوعية إلحادية وتيارات دينية وتيارات ليبرالية رأسمالية في رفع هذا الشعار بأفكاره وثوراته، قد يعني أن "حكم العالم" عبر إزاحة الحكومات والأديان غير المرغوب فيها، هو التفسير الأقرب للعالم لهذه القبضة التي حارت فيها التفسيرات، خاصة أن كافة التنظيمات التي دعمتها طوال 100 عام بالمال والسلاح وغيره تحمل مشروعات لاحتلال العالم لإقامة ما يوصف بالحكومة العالمية الواحدة.
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA==
جزيرة ام اند امز