تستمر الإشكاليات التي تواجه تمرير الرئيس الأمريكي جو بايدن، خطة البنية التحتي التي تبلغ تكلفتها تريليون دولار.
كان التقدميون داخل الحزب الديمقراطي أكدوا أنهم سيُفشلون خطة "بايدن" بعد عدم حصولهم على مؤشر واضح من وسطيي الحزب بخطة إنفاق اجتماعية أكبر تبلغ 3.5 تريليون دولار، ما يعد هزيمة حزبية كبيرة للرئيس "بايدن".
وأقر مجلسا النواب والشيوخ تشريعا لتمويل الحكومة الفيدرالية حتى 3 ديسمبر المقبل، مع أكثر من 28 مليار دولار للإغاثة من الكوارث و6.3 مليار دولار للمساعدة في نقل اللاجئين من أفغانستان، و65 مليار دولار لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، و110 مليارات دولار للطرق والجسور ومشاريع أخرى، و25 مليار دولار للمطارات، وأكبر تمويل لشركة "امتراك" للسكك الحديدية، فضلا عن التحول نحو السيارات الكهربائية، وتحصين شبكة الكهرباء الضرورية لتشغيل مثل هذه السيارات، لكن جاءت خطوة المعارضة داخل الحزب الديمقراطي إلى أن يتم تبني التشريع المطلوب لها، وهو مشروع قانون بعيد المدى يتضمن إجازة عائلية مدفوعة الأجر، ورياض أطفال شامل، وتوسيع الرعاية الطبية، وإجراءات قوية لمكافحة تغير المناخ.
سيكون الأمر مكلفا لإدارة "بايدن" بعد التصويت على قانون موازنة لمنع انقطاع التمويل عن الحكومة الفيدرالية وإغلاق عدد كبير من مؤسساتها، ما يعني بطالة جزئية لمئات الآلاف من الموظفين.
ويؤيد الحزب الجمهوري النص، الذي يمدد العمل بالميزانية الحالية، بعد أن عرقل أعضاؤه في مجلس الشيوخ، مطلع الأسبوع، إقرار نسخة سابقة من هذا المشروع، لأن الديمقراطيين مرروا ضمنها نصا يعلق سقف ديون الولايات المتحدة حتى ديسمبر 2022.
لذا يتعين على الحزبين الديمقراطي والجمهوري أن يتفقا معا على أي إجراء يتعلق برفع سقف الدين العام الأمريكي، المحدد بـ28.8 تريليون دولار.
وحال لم يتوصل الكونجرس إلى اتفاق بشأن أزمة سقف الديون، ستعلن وزارة الخزانة الأمريكية عدم قدرتها على الوفاء بالتزامات البلاد المالية، وفي مقدماتها فوائد السندات، ما يعني أن الاقتصاد الأمريكي سيصبح مهددا بركود كبير، وربما يتطور الأمر إلى فقدانه نحو 5 ملايين وظيفة، كما سترتفع حينها نسبة البطالة إلى 9%.
أما في مجال السياسة الخارجية، فإن إدارة "بايدن" عقدت تحالف "أوكوس" مع أستراليا وبريطانيا، لمواجهة الصين، وذلك بعد نحو شهر من خطوة انسحابها من أفغانستان، وهو ما قد يؤثر بشكل أو بآخر على تحالف أمريكا مع الناتو.
وبالنظر إلى التحالفات المحتملة في العالم بناء على هذه الخطوات الأمريكية، فإن إدارة "بايدن" ستواجه اختبارات حقيقية في مناطق نفوذها السياسي والاستراتيجي، ومن الممكن إذاً التعامل مع الرؤية الأمريكية عربيا وشرق أوسطيا بمزيد من الحذر.
كل هذا يقود إلى أنه من الصعب أن تُقدِم إدارة "بايدن" على حسم أي صراعات أو أزمات في الإقليم أو العالم، بل ستكتفي بإدارة سياساتها من أعلى دون طرح سياسات أو إطلاق أي مبادرات حقيقية، وما سينطبق على اليمن سينطبق على ليبيا، وما يجري في سوريا قد يشابه نمط التعامل الأمريكي مع الوضع الفلسطيني عبر إدارة شكلية، وإذا تحركت واشنطن حينها فسيكون ذلك انطلاقا من واقع سياسي يستند إلى قاعدة المقايضة السياسية، أو المبادلات الكبرى، التي ستتعامل فيها مع روسيا كطرف مناوئ، وفرنسا وألمانيا كأطراف شريكة داخل الناتو وخارجه، وهو ما يجب الانتباه إليه بمنطق النفعية الحاكمة لمبدأ العلاقات الأمريكية الدولية بصرف النظر عن واقع ومستقبل العلاقات المطروح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة