تحفزني استضافة عاصمتنا الحبيبة أبوظبي "قمة القيادات الثقافية العالمية 2017" على الكثيرٍ من الكلام في مقام الفخر الوطني والاعتزاز بما تقدّمه الإمارات من مبادرات عالمية التوجه وبرامج تخصصية في جميع المجالات
تحفزني استضافة عاصمتنا الحبيبة أبوظبي "قمة القيادات الثقافية العالمية 2017" على الكثيرٍ من الكلام في مقام الفخر الوطني والاعتزاز بما تقدّمه الإمارات من مبادرات عالمية التوجه وبرامج تخصصية في جميع المجالات، التي تنصب جميعها في مساق استدامة نهضة دولتنا وريادة إماراتنا عربياً وعالمياً.
ويأتي الكلام في مسارين رئيسيين يرتبطان ارتباطاً جذرياً بمناسبة انعقاد فعاليات هذه القمة بما تحمله من التزامات للأطراف المشاركة فيها، وواجبات على المهتمين بالشأن الثقافي من صانعي القرار أولاً، إلى العاملين في جمعيات النفع العام ذات الصلة بالحراك الثقافي، وصولاً إلى المثقفين وأعضاء اتحاداتهم والكتاب والأدباء.
أما المسار الأول فهو ذو اتجاه خارجي نحو الوطن العربي ثم العالم، بينما يتجه المسار الثاني داخلياً نحو إماراتنا السبع بما يتضمنه ذلك من مناهج تعليمية وسلوكيات ثقافية وممارسات مجتمعية. ففي المسار الأول أعتقد أن علينا بدايةً أن نشيد بجهد أبوظبي المُبادرة إلى بناء جسور التواصل الثقافي والحوار المعرفي وخلق منصات التفاعل العالمي الإيجابي في ظل ما نشهده من هجمةٍ شرسة لقوى الظلام والإرهاب في جميع دول العالم بلا استثناء، وعلى حين غرة، وفي أماكن لم يكن الإرهاب يحلم يوماً بأن يصلها.
هذا المسار تجاه الخارج، يوجب علينا أن نحيي هذه القمة التي تستضيفها عاصمة القمم، ومنارة الهمم، ودانة الخليج، وجوهرة تاج العرب، أبوظبي، التي استطاعت أن تستقطب كبار القيادات الثقافية العالمية، لتطرح على مائدة لقائهم، أسئلة الهوية، والخصوصية، ومحاربة الإرهاب/ ونشر التسامح وتعزيز السلام العالمي. كما أنها استطاعت أن تسلط الضوء على الإمكانات الثقافية والسياحية الثقافية التي تقدّمها إمارة أبوظبي إلى العالم، فتراها حاضرة في قوائم اليونيسكو للموائل الطبيعية، والصروح العمرانية، والمواقع التراثية المحمية، كما تراها فاعلةً في كل فعل ثقافي عالمي إيجابي مشترك، وليس ببعيد إعلان أبوظبي الذي تم اعتماده أثناء مؤتمر الحفاظ على التراث الثقافي المهدد الذي عقد في شهر ديسمبر 2016 والذي تضمن الالتزام بتحقيق هدفين رئيسيين هما إنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي المهدد بالخطر أثناء النزاع المسلح وإنشاء ملاذات آمنة لتوفير الحماية المؤقتة للممتلكات الثقافية المعرضة للخطر في البلدان المتضررة أو في بلدان أخرى إذا لزم الأمر.
كما يقتضي هذا المسار تجاه الخارج أن نفتخر لا كإماراتيين فقط، بل كخليجيين وعرب ومسلمين، بما تقترحه عاصمتنا من تعريف حداثي وعصري تنويري للإسلام ومن دعوة عالمية للاعتدال والوسطية، ومن اهتمام مبدئي لا يتزحزح باللاجئين والنازحين والمحتاجين، بل ومن إيمان بأن الثقافة هي القوة الناعمة التي ستسهم في التئام جراح الإنسانية جمعاء.
أما المسار تجاه الداخل، فيتطلب منا الوعي بأهمية استضافة هكذا قمة لقيادات العالم الثقافية في العاصمة أبوظبي وهي تتحضر لافتتاح متاحفها العالمية الثلاثة، متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف غوغنهايم، ومتحف الشيخ زايد، مع ما يعنيه ذلك من إقامة ثلاث منارات للمعرفة والثقافة والفنون، تحتاجنا نحن الإماراتيين لنؤمّها، ونزورها، ونغني أنشطتها وفعالياتها، بالإبداع المحلي، والحضور المحلي، والتفاعل مع ما تقدّمه من برامج للارتقاء بذائقتنا الفنية ووعينا الثقافي.
وهذا المسار تجاه الداخل يقتضي من القمة العالمية نفسها، في دوراتها القادمة بإذن الله، أن تخصص للمشاركين فيها منصة تعريف وطنية بمنجز الثقافة الإماراتية، بشخصياتها الرائدة ومؤسساتها الفاعلة، بوزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وهيئات الثقافة في الإمارات السبع، وغيرها، إضافةً إلى برامجنا الوطنية في تعزيز الفنون والثقافة والآداب وصولاً إلى صناعة الكتاب والنشر، والإنتاج المعرفي، ولي أن أستحضر هنا من كلمات معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، ضمن فعاليات القمة: "إنّ نشوء هذا النوع من الثقافة العالمية على أرض الإمارات هو تطور طبيعي لتطور الهوية الثقافية الإماراتية، حيث إن جميع الإنجازات التي تحققت على أراضي الدولة على امتداد السنوات الخمس والأربعين الماضية نقلتنا إلى الآفاق الرحبة للمجتمع الدولي".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة