أنباء عن هروب مدعي عام طهران السابق بعد إدانته في قضايا تعذيب محتجين خلال الانتفاضة الخضراء عام 2009.. ما التفاصيل؟
يدور الجدل حالياً داخل الأوساط الإيرانية بعد اختفاء سعيد مرتضوي، المدعي العام السابق في طهران، والمتهم في قضايا فساد، إلى جانب تورطه في تعذيب محتجين خلال الانتفاضة الخضراء عام 2009، إبان حكم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، حيث خرج حينها الإيرانيون للتعبير عن غضبهم من التزوير الذي شهدته الانتخابات الرئاسية آنذاك.
وتساءلت وسائل الإعلام الرسمية عن مصير مرتضوي، أحد المقربين من أحمدي نجاد، الذي سبق أن قضت محكمة إيرانية بسجنه سنتين في عام 2016، قبل أن يعتقل في عام 2013، لتورطه في تعذيب محتجزين حتى الموت بشكل ممنهج داخل معتقل كهريزك بالعاصمة الإيرانية طهران، إلى حد أن لُقّب في الأوساط الإيرانية بـ"القاتل"، بعد عزله من منصبه.
وسلطت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية الضوء على تصريحات أدلى بها محسن أجهايي، المتحدث باسم السلطة القضائية مؤخرا، عن صدور حكم بحق مدعي عام طهران السابق، لكنهم لم يتمكنوا من القبض عليه حتى الآن، متسائلة في مقال لها بعنوان "لماذ لم يعثر عليه؟"، حيث تواصلت مع رضا جعفري محاميه الذي أنكر معرفته بمصير موكله، بينما شبهت وكالة أنباء إيسنا واقعة اختفاء سعيد مرتضوي بهروب محمود خاوري رئيس البنك الوطني "ملي"، أو ما يعرف إعلاميا بـ"السيد.م"، بعد تورطه في قضايا فساد مالي، واختلاس أكثر من 500 مليار تومان من مؤسسة صندوق الحفاظ على التراث التابعة لوزارة التعليم في البلاد.
وطالبت وكالة أنباء إيلنا العمالية المسؤولين الإيرانيين بالتعامل بشكل جدي مع واقعة اختفاء سعيد مرتضوي، في الوقت الذي نقلت فيه عن مرتضى ترك همداني، أحد المحامين في تلك القضية، استنكاره إخلاء سبيل مدعي عام طهران مؤقتا بكفالة، على الرغم من تورطه في مثل تلك القضية التي تتعلق بالفساد المالي، غير أن الإيرانيين عبروا عن سخريتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ضد ما وصفوه بـ"تواطؤ" نظام الملالي مع هذا المتهم، كونه أحد أركان النظام الإيراني البارزين.
وفي السياق ذاته، انتشرت في شوارع طهران ملصقات دعائية تطالب المواطنين بتقديم معلومات تفيد في عملية ملاحقة سعيد مرتضوي، غير أن مصادر إيرانية كشفت عن هروب المدعي العام السابق خارج البلاد إلى إحدى الدول المجاورة، بتنسيق مع السلطات القضائية والأمنية.
ولفتت تلك المصادر، بحسب موقع "آمد نيوز" المعارض، إلى أن سعيد مرتضوي تمكن من الهروب إلى إحدى الدول المجاورة لإيران، مشيرة إلى أن مرتضوي يعتقد وجوده في العراق بعد تنسيقه مع السلطات القضائية والأمنية الإيرانية، لا سيما بعد أن كشف وزير الاستخبارات الإيرانية الأسبق علي يونسي، في فبراير/ شباط الماضي عن تورط مرتضوي في قضية مقتل المصورة الصحفية الكندية من أصل إيراني، زهرا كاظمي، عام 2003، بعد اعتقالها لتغطيتها وقفة احتجاجية لأسر سجناء أمام أسوار معتقل أيفين (سيئ السمعة) شمال طهران.
وانتقد "يونسي"، الذي يتولى منصب مساعد الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات حالياً، في حوار مع صحيفة "إيران" الحكومية، سلوك مرتضوي مع قضية كاظمي آنذاك، وإصراره على اعتبارها جاسوسة رغم عدم وصول التحقيقات إلى تلك النتيجة بشأنها، لافتاً إلى أنه أحد المتورطين في مصرعها داخل السجن.
ولفت "يونسي" إلى تأكيد وزارته، خلال فترة حكم الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، عدم تورط المصورة الكندية من أصل إيراني، في عمليات تجسس، لكن المدعي العام الإيراني الأسبق أصر على اتهامها بالجاسوسية، ونقل ملفها إلى وزارة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
ويتجدد الجدل مرة أخرى بشأن قضية مرتضوي بعد نحو 5 أشهر من إصدار مذكرة توقيف ضده، على أثر المصادقة على حكم بسجنه لعامين، بعد إدانته بتهمة المشاركة في قتل محسن أميني، أحد المعتقلين في سجن "كهريزك"، جنوب شرقي طهران، حيث واجه خلال محاكمته 3 تهم، هي: التواطؤ في القتل، والاعتقال غير القانوني، وتقارير خلاف الواقع.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014، أعلنت محكمة إيرانية براءة مرتضوي من تهمة المشاركة في القتل، إلا أنه أدين بالفصل الدائم من جميع المناصب القضائية و5 سنوات من المناصب الحكومية، بتهمة "الاعتقال غير القانوني"، وفي أبريل/ نيسان عام 2015، أعادت المحكمة الإيرانية فتح ملف مرتضوي مجددا.
ويحتل مدعي عام طهران السابق سعيد مرتضوي قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي ضمن 32 مسؤولاً إيرانياً رفيعاً منذ عام 2011، بسبب دوره الواسع في انتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران، حيث تقضي تلك القائمة بمصادرة أصوله في دول الاتحاد الأوروبي، ومنعه من دخول دول الاتحاد.
وعلقت منظمة هيومان رايتس ووتش مؤخرا على اختفاء المدعي العام الإيراني السابق، حيث وصفته بـ"سيئ الصيت"، بسبب التواطؤ في وفاة 3 معتقلين بسجن كهريزك خلال الاحتجاجات في عام 2009، وهم أمير جوادي فر، ومحمد كامراني، ومحسن روح الأميني، مشيرة إلى اختفائه قبل القبض عليه.
وأضافت المنظمة، في تقريرها، أنه "بالنظر إلى سجل إيران السيئ في ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان، فلن يكون من المستغرب أن السلطات تريد حماية مرتضوي من مواجهة العدالة"، على حد قولها.
وفي سياق متصل، كشفت منظمة العفو الدولية المعروفة باسم "أمنستي" في تقريرها السنوي حول الإعدامات في العالم، أن إيران أعدمت ما لا يقل عن 507 أشخاص، أي ما يشكل 51% من الإعدامات في العالم و60% من مجموع عمليات الإعدام المؤكدة تنفيذها في منطقة الشرق الأوسط.
واستنكرت المنظمة تنفيذ أحكام الإعدام ضد مئات الأشخاص في إيران على أثر محاكمات غير عادلة، حيث تعلقت غالبية حالات الإعدام بجرائم غير القتل، مدينة تنفيذ عقوبة الإعدام ضد المعارضين للنظام بتهم تتخذ ذريعة للتنكيل مثل "الحرابة"، و"الإفساد في الأرض"، مشيرة إلى أن هذه الحالات لا ترتقي إلى الإعدام، ويجب ألا تصدر أحكام بالإعدام عليه، منوهة بأن التحقيقات والمحاكمات تُجرى بشكل سري، إلى جانب انتزاع الاعترافات تحت التعذيب وسوء المعاملة، ويتم بث بعض هذه الاعترافات عبر التليفزيون الحكومي.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز