مجموعة العشرين أكبر منتدى للتعاون الاقتصادي، وتضم قادة من جميع القارات، وتمثل نحو 80% من ناتج اقتصاد الأرض و75% من تجارة العالم.
وتستعد إيطاليا، التي تستضيف قمة مجموعة العشرين هذا العام، لاستقبال قادة أكبر عشرين اقتصادا في العالم، على أرض عاصمتها، روما، نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول الجاري، وسط تحديات اقتصادية جمّة على المستوى الدولي، لعل أبرزها تكثيف الجهود والتدابير لتعافي الاقتصاد العالمي، بعد تخطي الإغلاق والانغلاق، اللذين فرضتهما جائحة فيروس كورونا على البشرية، وأيضاً مناقشة التحديات السياسية الراهنة، وأهمها: انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وتداعيات التنافس الأمريكي-الصيني في شرق آسيا.
وقد استضافت العاصمة الإيطالية قمة استثنائية افتراضية لقادة مجموعة العشرين يوم الثلاثاء الماضي، وذلك لمناقشة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتداعياته على خارطة التحالفات الدولية، والوضع الداخلي في أفغانستان، الذي يشهد تدهوراً كبيراً، حيث إن اقتصاد الدولة ونظامها الصحي على شفا الانهيار.
وقد أقرّت القمة التبرع بمبلغ مليار دولار لمساعدة أفغانستان والدول المجاورة لها، بشرط حصر توزيعها على الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها، وعدم المرور عبر حكومة "طالبان"، لأن ذلك من شأنه أن يشكل اعترافاً ضمنياً بحكومة الحركة، في وقت يرى فيه المجتمع الدولي أنه لا بد أن يكون لذلك الاعتراف شروط يتعيّن على "طالبان" الوفاء بها أولا، أبرزها إعطاء النساء حقوقهن ووضعهن الاجتماعي الملائم، وتسهيل عملية إجلاء الأجانب من الأراضي الأفغانية، واحتواء خطر التنظيمات الإرهابية، مثل "داعش" و"القاعدة".
أيضاً، يتصدر التصعيد بين بكين وواشنطن أجندة قمة روما المقبلة لمجموعة العشرين، حيث أصبح الأمر مصدر قلق عالمي بعد صعود بكين اقتصاديا والاستراتيجية الأمريكية ومحاولاتها لكبح تمدد التنين الصيني، في مواجهة تعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وبين الاتحاد السوفييتي.
استراتيجية واشنطن هذه بدأت مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتوسعت مع الرئيس السابق دونالد ترامب، والآن تمارسها إدارة الرئيس "بايدن" بشكل عملي يتضمن محاور عدة، بعضها سبق العمل به ويتم تكثيفه، والبعض الآخر يتم ابتكاره.
ولأن الولايات المتحدة والصين أكبر اقتصادين في مجموعة العشرين، وجب على دول المجموعة الاضطلاع بمسؤولية أكبر والتوافق لإيجاد آلية مشتركة لاحتواء هذا التصعيد نحو تنافس مشروع، بدل حرب اقتصادية قد تتطور إلى أكبر تهديد لاستقرار العالم.
واليوم يقع على عاتق مجموعة العشرين تحمّل مسؤوليات مشتركة وبدء عملية تعاون دولي لمواجهة التهديدات والتحديات العالمية، وإيجاد حلول منسقة وعادلة وفعالة يمكن أن تؤسس لمستقبل أفضل وأكثر استدامة، ونمو متوازن وشامل، وكذلك تشجيع الجهد الدولي لتعزيز التحصين لجميع سكان العالم من كورونا، والتصدي بفعالية لخطر الجائحة وتحفيز انتعاش الاقتصاد العالمي ودعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة