لمعرفة مدى تزايد أو تراجع النشاط الإرهابي في منطقة ما، يجب ألا نكتفي بالأخبار كمصدر وحيد لاستقاء المعلومات.
علينا أن نلجأ إلى المعطيات والأرقام، التي نجد فيها حصرا دقيقا للهجمات والخسائر، ما يعطينا صورة حقيقية ومتكاملة بشأن هذه القضايا وقدرة على التنبؤ بمستقبلها.
ويهدف هذا الحصر، الذي نقدمه هنا، إلى معرفة الوضع الأمني الحقيقي لثلاثة بلدان رئيسية في الساحل الأفريقي، مالي وبوركينا فاسو والنيجر على سبيل المثال، حيث ينشط كل من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين.
والبيانات الإحصائية التالية مبنية على أساس الهجمات، التي نُفّذت بالفعل في الأشهر التسعة الأولى من عامي 2020 و2021، وذلك للحصول على معايير مماثلة بينها تسهل مقارنتها.
ففي النيجر، سُجل 19 هجوماً أودت بحياة 206 أشخاص، وخلّفت 65 جريحاً على مدار عام 2020.
وبالمقارنة بين عامي 2020 و2021، نجد أن هناك 14 هجوماً فقط في 2020 نتج عنها 166 قتيلا، وخلال الفترة المماثلة من 2021، أي الأشهر التسعة الأولى من العام، سقط 608 قتلى و51 جريحاً في 30 هجوماً.
التاريخ الأهم، الذي يجب أخذه بعين الاعتبار في النيجر، هو يوم الأحد 21 فبراير/شباط 2021، حيث أجريت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في النيجر، واُنتخِب محمد بازوم رئيساً للبلاد ليحل محل محمدو يوسفو.
وعادة حين يتم تغيير رئيس الدولة تكبر التوقعات بحدوث تغيير في إدارة الحرب على الإرهاب، لكن في هذه الحالة كان التغيير للأسوأ على مستوى الهجمات الإرهابية، حيث زاد عدد الهجمات وتضاعف عدد القتلى ثلاث مرات.
في بوركينا فاسو، وقع 39 هجوماً قُتل فيها 396 شخصاً وجُرح 153 على مدار عام 2020.
وبالمقارنة بين عامي 2020 و2021، فقد تم تسجيل 36 هجوماً فقط في 2020، قُتل فيها 333 شخصا وأصيب 147.
خلال الفترة المماثلة من 2021، أي الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، قُتل 499 وأصيب 174 في 34 هجوماً.
وقد أجرت بوركينا فاسو أيضاً انتخابات رئاسية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أعيد فيها انتخاب رئيسها السابق.
وتوضّح الإحصاءات أن عام 2021 لا يزال أعلى دموية من 2020 في جميع الفترات، إذ يمكن القول إنه تم الحفاظ على نفس عدد الهجمات الإرهابية عملياً، لكن معدل الضحايا ارتفع بـ166 قتيلا.
من المهم هنا الإشارة إلى أنه في 5 يونيو/حزيران الماضي، قُتل 160 شخصاً بهجوم واحد في مدينة صلحان، وفي 18 أغسطس/آب الماضي، سقط 80 قتيلاً في مدينة أربيندا.
وفي مالي تم تسجيل 48 هجوماً قُتل فيها 338 شخصاً وجُرح 123 خلال عام 2020.
وخلال الفترة المماثلة من عام 2021، أحصينا ما لا يقل عن 224 قتيلا و186 جريحاً في 38 هجوماً.
ولم يتغير عدد الهجمات تقريباً بنفس الفترة في مالي، لكن خطورتها أخذت في التناقص تدريجياً حتى شهر أغسطس/آب الماضي، وهي أخبار جيدة بالتأكيد.
واعتباراً من ذلك الشهر، أصبح عدد الهجمات في مالي مماثلاً لعددها في العام السابق، لكنها أكثر عنفاً، ويشير هذا إلى أنه إذا كانت نية الإرهابيين هي مواصلة تنفيذ مثل تلك الهجمات في الأشهر الثلاثة المقبلة، كونها تمثل موسم الجفاف، فعلينا انتظار مجازر مروعة في هجماتهم القادمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة