قطاع الشحن الدولي يستعين بالذكاء الاصطناعي.. مواجهة تحدي الحرائق

يتجه قطاع الشحن العالمي نحو الذكاء الاصطناعي سعياً للحد من عدد الحرائق المميتة في البحر، والتي بلغت أعلى مستوى لها في عقد من الزمان في 2024 بفضل العدد المتزايد من الشحنات التي تحتوي على بطاريات ومواد قابلة للاشتعال.
وأعلن مجلس الشحن العالمي، الهيئة المعنية بهذا القطاع والتي تُطلق برنامجاً للكشف عن المخالفين، أن عدم إعلان وكلاء الشحن عن البضائع الخطرة -إما عن طريق الخطأ أو لتجنب رسوم أعلى على الشحنات الخطرة- كان السبب الرئيسي لارتفاع الحرائق.
وستقوم أداة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي بمسح ملايين الحجوزات آنياً، باستخدام تقنيات التعرف على الأنماط والخوارزميات لتحديد المخاطر.
وسيتم إبلاغ شركات النقل بهذه المخاطر لإجراء عمليات تفتيش فعلية عند الضرورة.
وأعلن جو كراميك، الرئيس التنفيذي لمجلس الشحن العالمي، عن البرنامج في بداية أسبوع الشحن الدولي في لندن يوم أمس الإثنين، مضيفاً أن شركات النقل التي تُمثل 70% من سعة شحن الحاويات العالمية قد اختارت الانضمام.
وقال، "لقد شهدنا العديد من الحوادث المأساوية التي أدت فيها الشحنات المُصرّح عنها بشكل خاطئ إلى حرائق كارثية، بما في ذلك خسائر في الأرواح".
وفي الأسبوع الماضي، سُحبت سفينة الحاويات "وان هاي 503"، المسجلة في سنغافورة، بعد شهرين من اندلاع حريق بها قبالة سواحل الهند، ما أسفر عن مقتل أربعة من أفراد طاقمها.
ووُرد أن الحريق بدأ في عنبر السفينة، على الرغم من أن شركة "وان هاي لاينز" التايوانية المالكة لها تتبع سياسة صارمة بعدم تخزين البضائع الخطرة في عنابر السفينة، مما أثار تكهنات باحتمالية وجود خطأ في الإعلان عن بعض البضائع.
وأرجع المحققون حريق أخر في يناير/كانون الثاني 2019 على متن سفينة "يانتيان إكسبريس" التي ترفع العلم الألماني إلى الإعلان عن "فحم جوز الهند" عن طريق الخطأ على أنه "حبيبات جوز الهند".
وقد لاقت مبادرة الذكاء الاصطناعي ترحيبًا من قطاع التأمين البحري بحسب ما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز"، وأعربت المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض، التي توفر مجتمعةً تغطية المسؤولية عن 90% من حمولة العالم العابرة للمحيطات، عن دعمها للخطة وحثت على "اعتمادها على نطاق واسع في قطاع شحن الحاويات".
وكشفت مراجعة سلامة الشحن لعام 2025 التي أجرتها شركة أليانز عن أعلى معدل حرائق في جميع أنواع السفن في عام 2024، وهو الأعلى منذ عقد، حيث كانت الشحنات غير المُعلنة "مصدر القلق الرئيسي" لدى شركات النقل.
وحذرت من أن زيادة حجم سفن الحاويات قد صعّبت مكافحة الحرائق، في حين أن التوجه العالمي نحو الكهرباء -حيث من المتوقع أن يتضاعف الطلب على بطاريات الليثيوم أيون بحلول عام 2030 ليصل إلى 322 مليار دولار- قد زاد أيضًا من المخاطر.
وأشار التقرير إلى أن الحرائق الأخيرة في البطاريات تُسلط الضوء على المخاطر المحتملة التي تُهدد الصناعة، في حين تتزايد المخاوف البحرية، مع وقوع حوادث على متن السفن في البحر وفي موانئ الولايات المتحدة وكندا.
وقال راهول خانا، قبطان سفينة شحن سابق، والرئيس العالمي لاستشارات المخاطر البحرية في شركة أليانز كوميرشال، إن الإعلان الخاطئ عن البضائع كان مشكلةً لسنوات عديدة، لكن تكاليف الحرائق آخذة في الازدياد نظرًا للنمو الهائل في سفن الحاويات.
وقال، "قبل عشر سنوات، كانت أكبر السفن تحمل 10000 حاوية، أما الآن فهي 24000 حاوية، وأحدث مشكلة هي بطاريات أيونات الليثيوم، لذا نرى شركات الشحن تُعلن عن الشحنات على أنها، على سبيل المثال، "قطع غيار كمبيوتر" بدلًا من مواد خطرة، وذلك لتجنب تكاليف إضافية".
وأضاف خانا أن عنصر الذكاء الاصطناعي في برنامج المسح سيرصد الأنماط والاختلالات، بالإضافة إلى التعلم من الأحداث السابقة، مما يزيد من قوة الأداة بمرور الوقت.
وتابع، "الجميل في الأمر أنه إذا اكتشف، على سبيل المثال، أن بضاعة سجلت على أنها "ألعاب الأطفال من تايوان" قد استُخدمت سابقًا كتصريح خاطئ عن الألعاب النارية، فإنه يتعلم للرجوع إليه مستقبلًا، ويبحث باستخدام الكلمات المفتاحية والمراجع الجغرافية".
وبالإضافة إلى السلامة، قال المسؤولون التنفيذيون إن المناخ الجيوسياسي المتدهور وأجندة صافي الانبعاثات الصفرية ستكون نقاط نقاش مهمة في الحدث الذي يقام في لندن.