فلسطيني يواجه الاحتلال بساق واحدة وعكاز: لن نركع
حماد الفرا يمشي على عكازه لمسافة 15 كيلومترا للمشاركة في الاحتجاجات الفلسطينية خلال مسيرات العودة.
بشجاعة وهمة عالية، ورغم ساقه المبتورة، يركض الفلسطيني حماد الفرا مقتربًا من السياج الحدودي بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ليصوب مقلاعه ويطلق حجارته صوب جنود الاحتلال، قبل أن ينتقل لمكان آخر ويعاود الكرة من جديد، مناورا ليتجنب رصاص جنود الاحتلال وقنابلهم المسيلة للدموع.
على عكازيه، يقطع حماد الفرا (38 عاما) يوميا مسافة تزيد على 15 كيلومترا؛ للوصول من منزله في بلدة القرارة إلى ساحة المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في خزاعة شرقي خان يونس، جنوب قطاع غزة وذلك خلال أيام"مسيرات العودة" المشتعلة لليوم الثالث.
بعدما صوب بمقلاعه بعضا من الحجارة، أسرع ليستريح في مكان آمن على مشارف مخيم العودة في خزاعة، وقال لـ"العين الإخبارية": "أخرج من منزلي الساعة 6 صباحا بعدما أودع أهل بيتي وبناتي الثلاث وأقبّلهن، وأودعهن بنية الشهادة، لأصل إلى ساحة المواجهة في خزاعة".
ويتحصن جنود الاحتلال خلف سواتر ترابية، وداخل مواقع عسكرية، تبعد ما لا يقل عن 50 مترا داخل الشريط الحدودي، و200 متر عن مكان تجمع الشبان الفلسطينيين، ولا يمكن أن تؤثر فيها حجارة المتظاهرين، ومع ذلك لا يتوقف الجنود عن إطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع لقمع الاحتجاجات.
أصحاب حق
يقول الفرا: "أعلم أن حجارتي ربما لا تصل لجنود الاحتلال، لكنها رسالة بأننا أصحاب حق ولن نستسلم، هذه حجارة الطهارة والانتفاضة الأولى، نار الغضب وأول الثورة".
ويتذكر الفرا شقيقه رزق الذي استُشهد برصاص الاحتلال عام 1992 في الانتفاضة الأولى، حيث يقف مستندًا إلى عكازه، ويشير بالعكاز الآخر لمواقع الاحتلال، قائلاً: "مهما طالما الزمن، لا بد أن تزول هذه المواقع والحدود، وتعود الحقوق لأصحابها".
وتفصل الحدود التي أقامتها قوات الاحتلال بين قطاع غزة، والأراضي المحتلة منذ عام 1948 وتفرض قوات الاحتلال منطقة عازلة محيطها يقدر بـ17 ألف دونم.
رحلة شاقة
وبعد أن يستريح من تعب المشوار الطويل، ينضم الفرا للمتظاهرين في الخطوط الأمامية ليرشق الحجارة أو يرفع العلَم الفلسطيني.
يبتسم وهو يروي كيف أنه اقترب في إحدى المرات مسافة 15 مترًا من الحدود ليرشق الحجارة ويرفع علم فلسطين خفاقا، وكيف نجا عدة مرات من رصاص الاحتلال وقنابله المسيلة للدموع، التي أصابته إحداها في مواجهات سابقة، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في المشاركة.
ورغم أن الفرا فقد ساقه اليسرى بالكامل، عام 2011 في حادث سير، لكن ذلك لم يُشعره بالإحباط أو التردد عن المشاركة في الهم الوطني، فكان دائم الحضور في كل المواجهات.
وتابع: "بمجرد أن أسمع عن مواجهات في المنطقة الحدودية، أنطلق هناك دون تردد أو خوف.. مشاركتي زادت بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
تلمع عينا الفرا ويشدد قبضته على عكازه وهو يقول: "لن يمر هذا القرار، وأرواحنا فداء للقدس".
لن نركع
وقال الفرا إن هذه التظاهرة سلمية ومع ذلك الاحتلال لا يتركنا في حالنا، اليوم أصابوا طفلا بجروح خطيرة، تقريبا استشهد سريريا"، ويضيف: "رسالتي للاحتلال لن نخضع ولن نركع للاحتلال".
وعما إذا كان يشعر بالخوف خلال مشاركته، خشية تعرضه للاستهداف مثل الشاب إبراهيم أبوثريا مبتور الساقين، الذي قنصه جنود الاحتلال خلال تظاهرة شرق غزة ليستشهد يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، يرد حماد الفرا: "لا يوجد ما أخافه، نحن أصحاب حق ووطن، وأنا تعرضت عدة مرات للاستهداف، وأصبت مرة، الشهادة فخر وعزة أحضر هنا وأتمنى أن أنال الشهادة".
للفرا ثلاث فتيات: جواهر (9 أعوام) وجنى (7 أعوام) وجمانة (5 أعوام) يقبّلهن قبل مغادرة منزله للمشاركة في المظاهرات، يقول: "لا بد أن أفعل ذلك فقد أرجع شهيدًا".
ويضيف أن "الشهادة أمنيتي.. أتمنى أن أنالها".