كانت دولة الإمارات على موعد مع إنجاز عالمي، الجمعة الماضي، أكد ثقة العالم بجهودها المؤثرة من أجل الاستقرار.
إذ صوّتت لها 179 دولة من أصل 193، لتفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة "2022-2023".
ولا يمكن لنا تفسير هذا الاختيار، أو التصويت بأكثر من ثلثي الأعضاء، بعيدًا عن تقدير المجتمع الدولي للسياسة التي تنتهجها الإمارات في القضايا العالمية، منذ تأسيس اتحادها قبل 50 عاما، بدءاً من جهودها في المساعدات الإنسانية التي لا تحركها أي أغراض سياسية، مروراً بالجهود الدبلوماسية الساعية نحو تقليل الاحتكاكات والأزمات بين الدول، حتى نصل إلى مواجهة آفات العصر مثل التطرف والإرهاب والأوبئة والأمراض، إلى أن بدت الإمارات من خلال توجهات قادتها "أيقونة" عالمية تجذب الناس إليها بمختلف أطيافهم ليتخذوها مكانا للعيش، كذلك صارت محفّزة لمحاكاتها من قبل حكومات العالم، بل والاستعانة بخبراتها الإدارية أحيانًا.
ومع أن الفوز بمقعد في مجلس الأمن هو نتاج للجهود الدبلوماسية النشطة لدولة الإمارات، التي يقودها مهندس الدبلوماسية الإماراتية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، الذي حقق العديد من الإنجازات الدولية، منها فوز الإمارات بمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، "إيرينا"، ومنها تحقيق الجواز الإماراتي للمركز الأول عالمياً، فهو تأكيد أيضا للثقة الدولية المتزايدة بما تقوم به الإمارات في خدمة القضايا الإنسانية من منطلق أنها سوف تعمل بجهد وإخلاص وموضوعية لمساعدة المجتمع الدولي في تخفيف الآثار السلبية لتلك التحديات، خاصة أن الإمارات حاصلة على تزكية من جامعة الدول العربية ودول آسيوية والمحيط الهادي باعتبارها ممثلا عن الكتلة الجغرافية لها.
هذه الثقة العالمية بالدبلوماسية الإماراتية، التي بيّنها عدد الأصوات التي حصدتها، تشير إلى حجم الرصيد الإيجابي الكبير للإمارات لدى أشقائها العرب والدول الصديقة في آسيا والعالم، ما يعني ضمنياً اقتناع تلك الدول بالأدوات الدبلوماسية الإماراتية واعترافها بدورها المهم في دعم جهود تخفيف الخلافات بين الدول.
كما أن تلك الأصوات تمثل حصاد خمسين عاما مضت، أثبتت فيها الإمارات جدارتها وكفاءتها في المحافل الدولية، التي تؤهلها لأن تكون ضمن قائمة الدول التي تسعى لإيجاد حلول لقضايا العالم والإنسانية.
نستطيع القول إن وجود الإمارات بين الدول الـ15 في مجلس الأمن الدولي يمثل دعماً قوياً لجهود الأمم المتحدة في مواجهة العديد من القضايا، ويصب في مصلحة مساعي الدول الكبرى، المُلقى على عاتقها الاستقرار والأمن الدوليان، خاصة أن الإمارات ترتكز على علاقات إيجابية معها وتتفق في الرؤية الاستراتيجية للسلام العالمي، كما أن رصيدها الكبير من خبرة الوساطة بين الدول وتغليبها لغة الحوار في المنازعات الدولية، جعل الحاجة إليها ضرورية في هذا الظرف الزمني، الذي تكثر فيه الاحتقانات السياسية في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً.
مَن صوَّتوا للإمارات لتكون عضوًا في مجلس الأمن للمرة الثانية -كانت موجودة في المرة الأولى بين عامي (1986- 1987)- اختاروا "الدولة المثالية أو النموذج" في ابتكار قصص النجاح في المجالات الإنسانية ومعالجة الأزمات، وما بين زماني عضويتها هناك اختلافٌ في طبيعة القضايا والتحديات العالمية، لكن النشاط الدبلوماسي الإماراتي وخبرته، التي اكتسبها عبر التجربة والاحتكاك، سيظهر في النتائج المتوقعة منه والآمال المعقودة عليه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة