هجوم «البرج 22».. بايدن في ورطة وسيناريوهات الانتقام متعددة
فتح الهجوم على قاعدة أمريكية بمنطقة الحدود الأردنية السورية، الباب أمام "سيناريوهات انتقامية"، رغم أنه وضع الإدارة الأمريكية بورطة.
وذهب أعضاء في الحزبين الديمقراطي والجمهوري وسياسيين، إلى أن الرد الأمريكي على "هجوم الأردن"، الذي يعد "نقطة تحول في الصراع وقواعد الاشتباك"، سيكون "قويا جدا"، من أجل استعادة "هيبة الردع" الأمريكي في المنطقة.
وقال هؤلاء السياسيون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إنه جارٍ البحث في "سيناريوهات انتقامية" تطول وكلاء طهران بسوريا والعراق، وشخصيات إيرانية ذات صلة بالهجوم "المميت الذي ينذر بتصعيد خطير في المنطقة".
بيد أن أعضاء في الحزبين الديمقراطي والجمهوري شددوا في الوقت ذاته على أن إدارة الرئيس الأمريكي لن توجه ضربات مباشرة في العمق الإيراني، منعاً لتمدد رقعة الحرب، وتأثير ذلك على شعبية الرئيس بايدن التي تأثرت منذ اندلاع حرب غزة خاصة مع اقتراب الانتخابات.
وتعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالردّ بعد هجوم بطائرة مسيرة الأحد أدى إلى مقتل ثلاثة عسكريين أمريكيين في قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية، متهما فصائل مدعومة من إيران بالوقوف وراء الهجوم.
وأكد الناطق باسم البيت الأبيض، الإثنين، أن الولايات المتحدة تعمل على الرد "بالطريقة الملائمة" على الهجوم بمسيّرة على قاعدة في الأردن، لكنه قال في نفس الوقت إن واشنطن لا تريد حربا مع طهران التي نفت من جانبها ضلوعها في الهجوم.
وكانت كتائب "حزب الله" قد استبقت رد واشنطن المتوقع على هجوم استهدف قواتها على الحدود بين الأردن وسوريا، وأعلنت تعليق عملياتها ضد قواتها.
وأرجعت الكتائب الهدف من قرارها إلى "عدم إحراج الحكومة العراقية"، موصية مقاتليها بـ"الدفاع السلبي مؤقتا".
رد قاسٍ
وفي تعقيبه، قال المحلل سياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، في حديث من واشنطن لـ"العين الإخبارية": "ليست هذه المرة الأولى التي تضرب فيها قواعد أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، فهناك أكثر من 150 هجوما منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن الأمر مختلف هذه المرة نظرا لسقوط أمريكيين قتلى، ووقوع إصابات بين الجنود".
الهجوم ساهم - بحسب عفيفي- ضمن عوامل أخرى من بينها الانحياز المطلق لإسرائيل في حرب غزة، في انخفاض شعبية الرئيس الأمريكي، حيث "تجاوز هجوم الأحد الخط الأحمر بمقتل عناصر في الجيش وهو ما يغضب الشعب الأمريكي، في وقت يستغل المنافس (دونالد ترامب) كل الفرص لإظهار بايدن بأنه رجل ضعيف، ولا يستطيع الدفاع عن قواته".
إزاء ذلك، توقع عفيفي، "ردا أمريكيا قاسيا قريبا يتناسب مع ضخامة الهجوم، في محاولة لاستعادة هيبة الردع خاصة مع تكرار الهجمات ضد قوات أمريكية".
وكان هجوم الأحد هو أول هجوم يسفر عن قتلى من القوات الأمريكية منذ اندلاع حرب إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
خيارات الرد المطروحة
وحول طبيعة الرد الأمريكي ومكانه، قال عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، إن المعلومات المتوفرة أن إطلاق المسيرة جاء من جماعات موالية لإيران، وليس من إيران مباشرة؛ وجرى تحديد مكان الإطلاق، والمسؤول عن الهجوم، وفقا لما تردد اليوم في وسائل إعلام أمريكية".
وستطول الضربة الأمريكية المرتقبة، والحديث للمحلل السياسي الأمريكي، "المواقع التي شهدت الإطلاق، وقد يكون من بين الخيارات ضرب شخصيات إيرانية حددت الاستخبارات أنهم وراء إعطاء الأوامر لهذا التصعيد الخطير".
وإذ أشار إلى أن واشنطن لن تذهب في سيناريو الانتقام إلى ضرب الداخل الإيراني؛ لمنع اتساع رقعة الحرب، لم يستبعد عفيفي توجيه الإدارة الأمريكية رسائل للداخل عبر حرب سيبرانية وإلكترونية ضد إيران.
وتعهد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الإثنين، بأن الولايات المتحدة ستتخذ "كل الإجراءات الضرورية" للدفاع عن القوات الأمريكية، معبرا عن غضبه وأسفه على "تنفيذ مسلحين مدعومين من إيران الهجوم الدامي".
ورطة بايدن
وفي تقديره للردود المتوقعة على الهجوم الذي طال قاعدة في الأردن، قال نعمان أبوعيسى، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، في حديث خاص من واشنطن لـ"العين الإخبارية"، إن "الرد سيكون ضد وكلاء إيران في سوريا والعراق بشكل قوي وأكبر مما شاهدناه في الأشهر الأخير، في محاولة لاستعادة شعبية بايدن المتراجعة نسبيا".
وفي هذا الصدد، أبرز أبوعيسى أن "أمريكا لا تريد توسيع الحرب، حيث إن ضرب إيران بشكل مباشر أمر يصعب كثيرا من وجود القوات الأمريكية في سوريا، خاصة أن وجودها لا يحمل ارتياحا من السلطات السورية".
وذهب عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي إلى أن "الرئيس بايدن في ورطة حقيقية؛ لأن عددا كبيرا من الديمقراطيين بالولايات المتحدة يريدون وقف إطلاق النار على غزة، ويتظاهرون ضد الرئيس، والجمهوريون يزايدون عليه بأنه ضعيف".
تصعيد خطير
بدوره، وصف غبريال صوما، الأستاذ في القانون الدولي، عضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب، الهجوم بأنه "حادث مميت ينذر بتصعيد كبير في التوتر الذي يعصف بالمنطقة".
وقال صوما، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "الهجوم المميت قد يغير نهج الرئيس بايدن في الرد على الهجمات التي تطول قواعده وقواته، لكن دون إثارة مواجهة مباشرة مع إيران".
واعتبر صوما أن "مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 34 تحول دراماتيكي في نمط الصراع، وتصعيد للعمليات العسكرية في المنطقة"، مردفا: "ما حدث هو أمر خطير جدا بنظر المواطن الأمريكي".
وشدد في هذا الصدد على أنه "لا أحد يستطيع أن يعرف على وجه اليقين إلى أين تتجه الأمور، لكن الاحتمالات تنذر بالسوء نحو المزيد من التصعيد".
ردود مؤثرة
أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الدكتور نبيل ميخائيل، لم يذهب بعيدا في تقديره للموقف الأمريكي من الهجوم الدامي.
وقال لـ"العين الإخبارية"، إن بايدن يتلقى تقارير استخباراتية حول تنفيذ ردود انتقامية محدودة لن تستمر طويلا لكنها ستكون مؤثرة ضد مليشيات موالية لإيران في سوريا والعراق.
ويتفق الأكاديمي الأمريكي مع رؤية أعضاء بالحزبين الديمقراطي والجمهوري، بأن الرئيس بايدن "لا يريد مواجهة طويلة الأمد مع طهران، بسبب اقتراب الانتخابات، وإدراكه جيدا أن الشعب الأمريكي لا يريد الدخول في مغامرة عسكرية غير محسوبة مع إيران، ويريد التركيز فقط على الاقتصاد ووقف الحرب في غزة".