السعودية "رئة" العمالة اليمنية في السلم والحرب.. 40% من التحويلات
علاقة اليمن بالمملكة العربية السعودية، علاقة ذات أبعاد استراتيجية، توثقت بروابط الدم والمصير المشترك.
والدولتان، يمتلكان تاريخًا قديمًا من التداخل، أثّر كل منهما في الآخر، وما زال هذا التأثير متواصلاً، غير أنه اليوم اتخذ أشكالاً أكثر ارتباطًا وتوثيقًا، ولم تكن يومًا مجرد علاقة جوار جغرافي فرضته الطبيعة.
ارتباط وثيق
ويتداخل اقتصاد الدولتين منذ عقود، من خلال العمالة الوفيرة الوافدة من اليمن، والتي وجدت بيئة خصبة للعمل والاستثمار في السعودية، فشدت رحال الهجرة نحو الجارة الشمالية، التي سهلت لليمنيين كل أسباب الاستمرار والنجاح؛ وبالتالي دعم الاقتصاد اليمني وتنمية الاقتصاد السعودي.
ونتيجة لذلك، بات اليمن يعتمد في اقتصاده على تحويلات ملايين اليمنيين من الحوالات المالية المرسلة من المغتربين اليمنيين في السعودية وبقية دول العالم إلى الداخل اليمني.
8 مليارات دولار
وحسب خبراء اقتصاديون فإن قيمة الحوالات المالية السنوية المتدفقة من إلى اليمن، بلغت حوالي 8 مليارات دولار أمريكي، يستفيد منها نصف سكان اليمن تقريبًا.
وقال الخبير الاقتصادي، والأكاديمي بجامعة عدن الدكتور عبدالرحمن بارحمة لـ "العين الإخبارية"، إن:" هناك نحو 7 ملايين يمني موزعين على 50 دولة، يعيش أكثر من 2 مليون منهم في المملكة العربية السعودية".
وأضاف، أن التحويلات النقدية لليمنيين المغتربين في السعودية فقط، تفوق أكثر من 3 مليارات دولار بنسبة 40% تقريبا، من إجمالي التحويلات التى يتم ارسالها سنويا.
المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية
وبناءً على تلك الإحصائيات تعد التحويلات المالية المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في السوق المحلية اليمنية، منذ انفجار حرب الانقلاب الحوثي وتوقف اليمن عن تصدير النفط والإنتاج الزراعي والصناعي إلى الخارج.
ويؤكد بارحمة، أن العمالة اليمنية توافدت على السعودية منذ سبعينيات القرن الماضي، ووجدت ترحابًا سعوديًا كبيرًا لم تحظى به أي جالية أخرى.
تكامل بين الشعبين
وتمكن اليمنيون الوافدون على السعودية من إثبات قدراتهم وإمكانياتهم، وساهموا بفاعلية في بناء الاقتصاد اليمني، حتى بات كثيرون منهم أعمدةً وأساسات في مجال الاستثمار والتنمية السعودية، وفق الأكاديمي اليمني.
وأثبتت عددًا من الشخصيات اليمنية نفسها في المجالات الاقتصادية والتجارية، وقطاعات البنية التحتية في السعودية، وباتت من رجالات الأعمال وكبار المستثمرين في السعودية.
أبعادٌ متعددة
وهذا ما يؤكد التداخل والتكامل بين شعبي الدولتين، الذي فاق الجوار الجغرافي، وتعمّق ليأخذ أبعادًا أكثر تأثيرًا، تعمدت مؤخرًا بروابط الدم، بعد وقوف الرياض إلى جانب اليمن، في وقف المد الحوثي الإيراني من التهام البلاد.
ويؤكد مراقبون أن السعودية ما كان لها أن تترك اليمن لقمة سائغة للمليشيات الحوثية، أحد أدوات مشروع إيران في المنطقة، دون أن تتدخل لإنقاذه من بطش الإنقلابيين.
وذلك عطفًا على التاريخ المتداخل من التعاضد والمصير المشترك، ليس بين اليمن والسعودية وحسب، بل وكافة دول المنطقة.
أسوأ كارثة إنسانية في العالم
وحفلت العلاقات بين الجارين التاريخيين، ولم تقف عند مستوى المنفعة الاقتصادية والتدفقات النقدية، والتعاضد الاقتصادي بين البلدين، بل تعمقت لتشمل الحياة السياسية والعسكرية، والإغاثية عقب الدعم السعودي للشرعية اليمنية.
وخلّفت حرب المليشيات الإنقلابية الإرهابية تدهورًا اقتصاديًا حادًا، تسبب في حدوث "أسوأ كارثة إنسانية في العالم"، وفق توصيف المنظمات الأممية والدولية الإنسانية.
وانخفض الريال اليمني بنحو 15% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020 وحده، وفقا لتقارير دولية توقعت سيناريوهات أن يتأثر الاقتصاد وتتهاوى العملة فضلا عن جائحة كوفيد-19 التي تزيد من تفاقم الوضع.
وقدرت دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2019 أن الناتج الاقتصادي لليمن فقد 89 مليار دولار نتيجة للحرب، محذرة من أنه بحلول عام 2022 قد ترتفع هذه القيمة إلى 181 مليار دولار إذا استمر الصراع.
وشهدت التحويلات النقدية الخارجية، التي شكلت 13% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2019، انخفاضًا كبيرًا مرتبطًا بالتأثير الاقتصادي لوباء كوفيد-19 على اليمنيين في الخارج.
aXA6IDMuMTM3LjE3OC4xMjIg جزيرة ام اند امز