مترجم مصري: اهتمام الروس بالثقافة العربية بدأ قبل 900 عام
بطرس الأكبر يعد أول من أبدى اهتماما روسيا بالعرب وإنتاجهم خاصة عندما أصدر أوامره بنسخ الكتابات العربية في مدينة بولجار
أكد المترجم المصري عن الروسية أحمد صلاح الدين أن الاهتمام الروسي بالثقافة العربية بدأ قبل تسعة قرون (900 عام)، وتحديدا فيما قبل القرن الـ12 الميلادي.
ويستند صلاح الدين في حديثه على العديد من المصادر الروسية مثل المستشرقة القديرة إلميرا علي زادة والمستشرق الشهير أليج يافيكين الذي ألقى محاضرة مهمة عن ترجمة الأدب العربي للغة الروسية، أشار فيها إلى أن بوادر هذه الاهتمام الملموس تجلى في تقديم الرحالة إيجومين دانيل أول إنتاج أدبي يخص الشرق ويندرج تحت أدب الرحلات.
درس أحمد صلاح الدين اللغة الروسية والأدب الروسي بجامعة رودين (باتريس لومومبا)، وبدأ بذات الجامعة مشواره لدراسة الماجستير في الأدب المقارن ويستعد لنيل درجة الدكتوراه.
وصدر لصلاح الدين العديد من الترجمات للعديد من أعلام الأدب الروسي من مختلف الأجيال مثل 3 مجموعاته قصصية لفلاديمير نابوكوف، زاخار بريليبين، إيفان بونين، وديواني شعر لمارينا تسفيتايفا وأولجا خوخلوفا.
ومن أبرز إصداراته مؤخرا "صلاة تشرنوبل" لسفيتلانا أليكسييفيتش، مراسلات تالستوي وغاندي، دون طريق بلا أثر لدينيس جوتسكو، وكان كتابه "ورثة تلستوي على جسر كوزنيتسكي"، أول مؤلفاته في الشأن الثقافي الروسي.
ويوضح أحمد صلاح الدين أن الاهتمام الروسي بالعرب على المستوى الرسمي، ظهر في عهد بطرس الأكبر، عندما بادر بإصدار أوامره بنسخ الكتابات العربية في مدينة بولجار التي تعد أول مدينة روسية يعتنق أهلها الإسلام.
وترجع بدايات الترجمة بين العربية والروسية إلى النصف الأول من القرن الـ19، من خلال المستشرق الروسي أجناتي كراتشكوفسكي والشيخ محمد عياد الطنطاوي من نخبة الأزهر المستنيرة.
ويلفت أحمد صلاح الدين إلى أن للشيخ الطنطاوي العديد من المؤلفات المنشورة، مثل "تحفة الأذكياء بأخبار بلاد الروسيا"، وهو من المراجع المهمة عن روسيا بعين عربية، وكتاب "أحسن النخب في معرفة لسان العرب"، كما ترجم كتاب "تاريخ روسيا المختصر"، ومن بين تلاميذه المستشرق الروسي نيكالاي موخين، وقد منحته الإمبراطورة وساماً رفيعاً تقديراً لجهوده في نشر اللغة العربية والترجمة.
وبحسب صلاح الدين، يعد أجناتي كراتشكوفسكي من أبرز من قاموا بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الروسية، حيث تولى رئاسة معهد الاستشراق بموسكو، مشيرا إلى أن أهم أعماله ترجمة معاني القرآن الكريم، إضافة لعدد من الأعمال الأدبية العربية للروسية فقد درس أشعار أبي العتاهية، المعري، والمتنبي، وقام بتصنيف أعمالهم، وتعد ترجمته لمعاني القرآن الكريم، إضافة إلى ترجمة سابلوكوف وفاليريا بوروخوفا من أدق التراجم من اللغة العربية.
ويؤكد أحمد صلاح الدين أن الجمعية الأرثوذكسية الفلسطينية التي أنشأت تحت رعاية روسيا كان لها دور كبير في إعداد وتأهيل العديد من المترجمين، على رأسهم كاتب لبنان الكبير ميخائيل نعيمة.
وشدد على الدور الحاسم لأليج يافيكين باعتباره من أهم من ترجم الأدب العربي للغة الروسية، حيث عمل في القسم العربي لدار التقدم في موسكو، كما شغل منصب مدير المركز الثقافي السوفيتي في دمشق، وتعد حقبة الأربعينيات من القرن الـ20 بداية ازدهار ترجمة الأدب العربي للغة الروسية.
كما يوضح أحمد صلاح الدين مع ترجمة "عودة الروح" لتوفيق الحكيم، و"الأيام" لطه حسين، وبعد ظهور ثلاثية نجيب محفوظ، حظي أدبه باهتمام كبير في روسيا، وتمت ترجمة العديد من أعماله للروسية.
وقد ترجمت فاليريا كيربيتشينكا له رواية "المرايا" التي صدرت عام 1975، ورواية "أولاد حارتنا" التي صدر منها 50 ألف نسخة عام 1990، كما ترجمت "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" لرفاعة الطهطاوي و"الحب في المنفى" لبهاء طاهر.
ولكيربيتشينكا عدد من المؤلفات المهمة تخص الأدب العربي مثل "النثر العربي المعاصر"، "نجيب محفوظ أمـير الشرق"، "تاريخ الأدب المصري في القرنين التاسع عشر والعشرين"، و"الموجة الجديدة في مصر".
ويشير أحمد صلاح الدين إلى اسم آخر مهم هو المترجم والشاعر والمستشرق الروسي ييفجيني دياكونوف، الذي صدر له عام 2013 كتاب بعنوان "لمحات من تاريخ الأدب العربي"، يتحدث عن نخبة من كبار الشعراء العرب مثل المتنبي، الجاحظ، أبي تمام، أبي نواس، إضافة إلى أسماء أخرى تضم مبدعين من القرن الـ20 مثل أحمد فؤاد نجم، نجيب محفوظ، أدونيس، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة.
ويوضح أنه في العقدين الأخيرين، برز اسم منى خليل كأحد أهم رواد الترجمة من اللغة العربية للروسية، سواء كناشرة أو مترجمة، حيث خاضت المغامرة الصعبة ونجحت في تعريف القارئ الروسي بكتاب عرب لم يكن يعرف عنهم شيئاً وساهمت في إثارة اهتمام الوسط الأدبي الروسي بتلك الأعمال مثل "قبول الآخر" لميلاد حنا، "أفراح القبة"، "رحلة ابن فطومة"، "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ.