"مفخخات الموت" تفتك بالصوماليين.. وتحذيرات من "تسونامي"
مقديشو عاشت 3 أسابيع أعادت لأذهان السكان مفخخات الموت التي لا تحمل سوى البؤس وفقدان الأحبة، وتحمل بصمات حركة الشباب الإرهابية.
منذ إعلان قرار البرلمان الصومالي وبعد موافقة الرئيس عبدالله فرماجو على إسقاط الحكومة وسحب الثقة من رئيس الوزراء حسن علي خيري في 25 يوليو/تموز الماضي لم تنقطع آذان الصوماليين عن سماع دوي الانفجارات.
موجة جديدة من "مفخخات الموت" عادت وتتزايد يوما تلو الآخر لتحصد أرواح العشرات من المدنيين والعسكريين وسط عتمة لا يرى الصوماليون فيها بوادر لانفراجة قد توقف نزيف الدم الصومالي البريء.
ثالوث السجن والفندق وليل مقديشو الطويل
وأوضحت ضخامة الهجمات مدى خطورة الوضع الأمني والتراجع الملحوظ لأداء الأجهزة في استيعاب مفخخات الموت في مقديشو، بالإضافة إلى عشرات التفجيرات التي عاشها الصومال في مدنه المختلفة من الجنوب مرورا بالأقاليم الوسطى إلى غربه، لاعتبارها أكثر الأحداث وطأة من حيث الخطورة.
- الصومال.. 5 مرشحين على طاولة فرماجو لشغل منصب رئيس الوزراء
- عشائر الصومال تحاصر رجال قطر.. تحالف يخنق فرماجو
وقد عاشت مقديشو 3 أسابيع مؤلمة أعادت إلى أذهان السكان فيها وفي مدن أخرى مفخخات الموت التي لا تحمل سوى البؤس وفقدان الأحبة بعضهم البعض إلى الأبد.
وأبرز العمليات الإرهابية هي: في العاشر من أغسطس/آب الجاري وقعت مواجهات بين سجناء من الشباب الإرهابية وقوات الأمن داخل سجن مقديشو المركزي.
وعلى إثرها، فر قيادي إرهابي من السجن، في الـ16 من الشهر نفسه، ونفذ هجوما إرهابيا خلف العشرات من الضحايا بفندق "إليت" المطل على ساحل ليدو في مقديشو.
وليلة الخميس الماضي، عاشت مقديشو أحد أسوأ لياليها العام الجاري حيث شهدت 10 هجمات متزامنة في 9 مديريات مختلفة أصيب خلالها مدنيون وعسكريون، وفق السلطات الرسمية.
وتسعى "العين الإخبارية" من خلال رصد آراء المحللين الصوماليين وتصريحات المسؤولين الأمنيين السابقين، إلى استطلاع رؤيتهم في تردي الوضع الأمني بعد عزل رئيس الوزراء خيري، ولمعرفة الأسباب التي أدت إلى عودة مفخخات الموت في العاصمة الصومالية مقديشو بعد 3 أسابيع لم تهنأ بسلام، ولم تتوقف الهجمات الإرهابية عن ضرب أهداف مدنية وعسكرية في العاصمة ومدن جنوب ووسط البلاد.
رسائل الإرهاب وأسباب عودة التفجيرات
ويعزو رئيس الاستخبارات الصومالي الأسبق الجنرال عبدالرحمن توريري، عودة التفجيرات لأسباب عديدة أهمها عدم شن الحكومة حملة عسكرية وأمنية منظمة لضرب تنظيم الشباب الإرهابي في العمق، وغياب وجود خطة استراتيجية لشل عمليات التنظيم، بالإضافة إلى حصولها على إتاوات مالية كبيرة من سكان المدن الكبرى ما يعزز مضاعفة هجماتها الإرهابية.
وفق مداخلة له بالقسم الصومالي في "بي بي سي" يضيف الجنرال عبدالرحمن أن عدم الاستقرار السياسي وانشغال المسؤولين عن الجانب الأمني بالسياسة أدى إلى تدهور الوضع، علاوة على تحطم نفسيات ضباط الأمن في مراحل الانتقال السياسي في البلاد، واهتزاز الثقة بين القوات الأمنية والشعب، فخلال تلك المراحل يتأزم الوضع ويساهم في عودة موجات جديدة من الانفجارات.
ويقول الخبير الأمني الصومالي عبدالسلام غوليد إن الأحداث الأخيرة تستهدف استقرار الصومال، مشددا على أنه لا وقت للصراع والخلاف السياسي فالإرهاب ينشر رسائل عبر أعماله الهمجية ويتعين الرد عليها بكل حزم.
وبحسب مداخلة له في "بي بي سي" يعتقد عبدالسلام أن للشباب الإرهابية رسائل وراء أعمال العنف التي ازدادت وتيرتها مؤخرا وهي الإعلان عن وجودها بقوة في كامل التراب الصومالي.
ومن حيث نوعية الأهداف يوضح عبد السلام أن الشباب الإرهابية تعني بذلك الأمر أن بإمكانها مهاجمة أي مكان في البلاد بغض النظر عن قوة أو ضعف الحراسة الأمنية التي يتمتع بها.
أفول صمام أمان مقديشو
وتحدث المحلل السياسي الصومالي محمد نور لـ"العين الإخبارية"، عن تدهور الوضع الأمني في مقديشو، قائلا: "إن العمليات الإرهابية والتفجيرات ازدادت بشكل ملحوظ بعد عزل البرلمان رئيس الوزراء خيري وإسقاط حكومته".
ويضيف نور أن "خيري كان صمام أمان مقديشو، وفق مؤشرات الوضع بعد إقالته، وغياب الاستقرار السياسي انعكس سلبا على الوضع الأمني".
كما أوضح أن "الأجهزة الأمنية وقعت في فخ الاستقطاب السياسي بسبب تراجع أدائها".
ويرجع "نور" تردي أداء الأجهزة الأمنية وارتفاع منسوب العمليات التخريبية إلى غياب حكومة رسمية في البلاد، والتدخلات الأجنبية في الجهاز الأمني الصومالي، وإظهار حركة الشباب الإرهابية عضلاتها في تخريب الساحة الأمنية وسط صراع الساسة على الفرص المتاحة، وخيبة أمل كبيرة تخيم على القوى الدولية من خلافات الأطراف الصومالية.
تسونامي قادم واختراق خطير
ويترقب الجنرال عبدالرحمن توريري تسونامي عمليات إرهابية في الـ6 الأشهر المقلبة بهدف خلق مزيد من زعزعة الاستقرار من الجماعات المتطرفة.
ويستنبط عبدالرحمن التصعيد الخطير المرتقب من المجموعات الإرهابية من واقع الخبرة الأمنية، التي يتمتع بها، والمعرفة الجيدة لها وللأساليب المتبعة من قبل المليشيات المتطرفة في مراحل الانتقال السياسي بالصومال.
ويفسر عبدالسلام غوليد أن "ما حدث خلال الأسابيع الثلاثة الماضية يوحي بأنه ثمة اختراقا خطيرا بالأجهزة الأمنية، ويوجه إلى بحث الثغرات الأمنية لمعالجتها قبل استفحال الأمر ".
كما دعا إلى "ضرورة تعيين رئيس وزراء جديد لإخضاعه للمساءلة في مثل هذه الأحداث".
حلول لوقف نزيف الدم
ويرى الجنرال توريري أن ثمة حلولا لمعضلة مفخخات الموت، ويطرح 4 مسارات للحد من العمليات الإرهابية التي تحدث بشكل يومي في البلاد.
وأوضح توريري أن "على الحكومة الصومالية أن تبدي استقلال الأجهزة الأمنية عن السياسة والكف عن استخدامها للوصول إلى أغراض سياسية ضيقة لا تخدم المصالح الوطنية ذات الأولوية المشتركة، ومنح الضباط المسؤولين عن العمليات الأمنية بمكافحة الشباب الإرهابية تدريبات وتوعية مستمرة".
ويتابع توريري أنه "يجب أن لا تهمل الحكومة تحسين الوضع الأمني، وتعمل على عبور البلاد بسلام من الشقين السياسي والأمني دون وضع اهتمام جانب فوق جانب آخر".
وأشار إلى "ضرورة إعادة الثقة بين الشعب والأجهزة الأمنية لتجاوز المرحلة الراهنة بأقل الخسائر".
أما الخبير الأمني عبدالسلام غوليد فيقترح محاسبة المسؤولين عن الأهداف التي تتعرض لهجمات الغدر من التنظيم الإرهابي، لأن الكثير من المواقع التي شهدت عنف الإرهاب مبعث تساؤل، مشددا على "ضرورة تحديث المعدات المعنية لمكافحة الإرهاب للقوات الأمنية".
من جانبه، يؤكد محمد نور أن "الفراغ الحكومي جزء أساسي من المعضلة الأمنية التي استجدت فصولها في عموم الصومال ومقديشو خصوصا".
وشدد على أن هناك ضرورة ملحة لتعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة مسؤولة عن تحسين الوضع الأمني وإعادة الهدوء النسبي الذي كان قائما في مقديشو بالنصف الأول من العام الجاري.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg جزيرة ام اند امز