قرارات حماس بمنع سفر النساء والشباب تشعل الغضب في غزة
بفرض قيود جديدة للسفر، تضيف السلطات القضائية، التي تديرها حماس في غزة، عراقيل إضافية أمام فئات عديدة من الفلسطينيين خاصة النساء.
وأثار قرار اتخذه، الأحد، المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة -تديره حركة حماس- بخصوص المنع من السفر، والذي تتضمن أوامر وتعليمات بتقييد حرية الحركة والتنقل لفئات من المواطنين في قطاع غزة، موجة انتقادات حادة لدى المواطنين والنساء والأوساط الحقوقية.
ونص القرار على جواز منع الولد، الذي تجاوز عمره 18 عاما، من السفر من قبل أحد الأبوين والجد للأب إذا كان يترتب على سفره ضرر محض بإقامة دعوى قضائية لدى المحكمة المختصة، وكذلك منع سفر الأنثى غير المتزوجة بكرًا أو ثيبًا دون الحصول على إذن وليها.
بيروقراطية لا لزوم لها
الفلسطينية أميرة إبراهيم، وهي طالبة دراسات عليا، عبرت في حديثها لـ"العين الإخبارية" عن أسفها للقرار الذي رأت أنه أضاف قيودا جديدة أمام سفر النساء، خاصة مع واقع أن السفر بحد ذاته أصبح أشبه بمعجزة لأنه يتطلب سلسلة إجراءات وموافقات.
وذكرت أنه بموجب النظام الجديد، سيكون عليها إلى جانب إجراءات السفر التقليدية أخذ عدم ممانعة من الولي، معتبرة أن هذا الإجراء بيروقراطي ولا لزوم له، ويقلل من مكانة المرأة.
مخالفات دستورية
وتؤكد زينب الغنيمي، مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، أن التعميم الصادر عن القضاء الشرعي مخالف للقانون الأساسي.
وأوضحت الغنيمي في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن "التعميم مكون من شقين الأول منع سفر الأولاد مع أحد الأبوين المنفصلين دون إذن وهذا ليس جديدا ومعمول به من 2009 واستحضاره الآن للتغطية على منع سفر النساء والذكور فوق 18 عاما هذا واضح وضوح الشمس".
وشددت على أن الشق الثاني في بندي 3و4 منع سفر الذكور فوق 18 مخالف للقانون إذ لا يحق لأحد تقييد حرية الشاب الكامل الأهلية ومصادرة حقوقه، فلا يمنع إلا إذا كان هناك حكم قضائي.
واعتبرت أن منع العزباء سواء كانت بكرا أو ثيبا من السفر إلاّ بإذن وليها "منطق يعود بنا 60 سنة للوراء، ويتعارض مع القانون الذي يتيح لها إصدار جواز السفر دون ولي أو إذن".
وقالت: "بعدما حققنا كنساء تطورات مهمة في حياتنا خلال العقدين الأخيرين حتى أصبحت نسبة الفتيات اعلى من الشباب في جامعاتنا نرجع نبحث عن ولي أمر لإعطاء إذن سفر؟".
وحول تبريرات القرار بوجود حالات سفر خارج إرادة الأسرة من فتيات أو شبان، شددت الغنيمي على أنه إذا كان هناك شباب أو فتيات خارجين عن سلطة ذويهم تكون هذه مشكلة في التربية العائلية لا تحمل المجتمع مسؤولية فشل حالات معينة.
خاطئ ومهين
الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ماجدة شحادة اعتبرت أن التعميم صفعة على وجه العمل المؤسساتي عامة والنسوي خاصة، وشددت على أن قرار المنع خاطئ ومهين يجب التراجع عنه.
وقالت لـ"العين الإخبارية": "نحن في عام 2021 نطالب بتوحيد سن الزواج في الضفة وغزة لسن 18 وتطبيق اتفاقية حماية الطفل التي وقعت عليها السلطة وتطبيق اتفاقية سيداو التي وقعت عليها السلطة أيضا يأتي مجلس القضاء الشرعي ليحرم المرأة من حرية الحركة والتنقل".
وشددت على أن "هذا تعارض صريخ وواضح مع القوانين الدولية والداخلية وتعارض مع القوانين التي كفلت حق المواطنة."
وأضافت "القرار نراه شيئا جنونيا فلا توجد سلطة تمنع مواطنا من السفر إلا بموجب حكم قضائي فكيف بالقضاء الشرعي سلب حق المواطن من التنقل والسفر".
ولقرار المنع، وفق شحادة، تداعيات أسرية واجتماعية خطيرة جدا، مؤكدة أن النساء المطلقات يسكنهن حالة هلع من القرار "فيكفي ما يعانينه من المحاكم وإجراءاتها ..هذا القرار يجرد النساء من أدنى حقوقهن وإنسانيتهن".
ووصفت منع الذكور فوق 18 عاما من السفر بأنه خطير ومضحك في آن إذ بات البالغ من الذكور ليس له ولاية على نفسه.
حلقة سوداء
ويذهب الباحث الحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بهجت الحلو إلى أن تعميم منع السفر يضيف "حلقة سوداء جديدة في سلسلة تقييد السكان المحشورين في هذا الشريط الساحلي الضيق مغلق المعابر أغلب أيام السنة منذ أعوام طويلة".
وعادة يسافر الفلسطينيون عبر معبر رفح إلى مصر، وعبر معبر إيرز إلى إسرائيل، والمرور عبرهما يمر بسلسلة قيود وإجراءات.
وقال الحلو: "هي تعميمات ضعيفة من حيث مشروعيتها الدستورية ومن حيث توقيتها وأولويتها، ويشوبها عوار الاختصاص والصياغة التشريعية، وتنطوي على تمييز ومساس بالكرامة والحقوق، وتكرس تطبيقا عبوديا تنمريا لمفهوم الولاية".
وأضاف أنها "تزيد من الإحساس بخيبة الأمل من التطبيقات الخاطئة لما تبقى من القواعد التي تنسب للشريعة، والتراجع عنها خير وأبقى.
تفنيد حقوقي
وفي بيان له انتقد الأورومتوسطي المادة الثانية من التعميم كونها تُسقط حق الأم باستضافة ومشاهدة أطفالها بسبب عدم حضانتها لهم، مشددا على أنّ المنع الوارد في المادتين الثالثة والرابعة، يتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدّل، كونها تنطوي على الحرمان والتمييز.
وبيّن الأورومتوسطي أن المادة الثالثة، والتي تنص على "جواز منع الولد الذي تجاوز الثمانية عشر سنة ميلادية من السفر من قبل أحد الأبوين والجد للأب، تخالف القانون الأساسي الفلسطيني، والمواثيق الدولية التي نصت على أنّ الأشخاص الذين تجاوزوا هذا السن (18 عامًا) أشخاص راشدون يتمتعون بالأهلية الكاملة، وبالتالي لا يجوز تقييد حريتهم وحقوقهم بما في ذلك الحق في السفر.
وتابع أنّ المادة الرابعة من التعميم والتي نصّت على "منع سفر الأنثى غير المتزوجة بكرًا أو ثيبًا دون الحصول على إذن وليها، تنطوي على تمييز واضح ضد المرأة، إذ يُفرض عليها الحصول على إذن وليها قبل السفر، وهو ما يعني تقييد حقها المكفول قانونًا في حرية السفر.
وتجمع الشخصيات النسوية والمؤسسات الحقوقية على خوض نضال من أجل إجبار حماس على التراجع عن هذا القرار.