دونالد ترامب حديث الجميع في كل مكان من الولايات المتحدة والعالم. ولن تكون مقالة أو مقابلة أو تصريح خارج هذه المسألة.
دونالد ترامب حديث الجميع في كل مكان من الولايات المتحدة والعالم. ولن تكون مقالة أو مقابلة أو تصريح خارج هذه المسألة. هذا طبيعي ليس في هذه المرحلة التي تلت انتهاء انتخابات الرئاسة الأمريكية بل في الفترة المقبلة أي إلى حين اتضاح الملامح الأساسية لسياساته الداخلية والخارجية. ونقول الداخلية لأن ما يتعلق منها بالعداء للمسلمين وللمهاجرين مسألة ليست صرف داخلية بل تهم أيضاً الخارج والعالم الإسلامي تحديداً.
لا شك وهذا بات مكرراً أن ترامب كان مفاجأة وظاهرة. ذلك أنه لم يحظ حتى بتأييد زعامات الحزب الجمهوري لا السابقة ولا الحالية. فكانت معركة ترامب من خارج السياق التقليدي حيث فرض نفسه بقوة التأييد الشعبي لا بقوة التأييد الحزبي.
أيضاً فهو خاض معركة صعبة ضد كل الحزب الديمقراطي وضد كل ما وصفه ترامب نفسه ب «سلطة واشنطن الفاسدة». وهي سلطة الجميع من إدارة باراك أوباما إلى عالم الصحافة التي اجتمعت كلها بما فيها وسائل الإعلام المرئية الرئيسية ضده. كذلك حشدت المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون كل المشاهير من فنانين ورياضيين لدعم حملتها.
ثم جاءت فبركة استطلاعات الرأي المنحازة التي أجمعت أيضاً على فوز هيلاري وبفارق كبير. أيضاً كانت نتائج المناظرات الرئاسية الثلاث لصالح كلينتون وبعد لحظات فقط من انتهائها.
كانت خطة متكاملة للتأثير على الرأي العام. مع ذلك فقد نجح ترامب في كسر التوقعات كلها والفوز وهو ما يُدخل شركات الاستطلاع في أزمة كبيرة ويجعلها غير ذات صدقية في التوقعات المقبلة.
هذا يعني أننا أمام مرحلة جديدة بالكامل من تاريخ السلطة في الولايات المتحدة. وهو ما يجعل الترقب سيد الموقف ولن يغير كثيراً من هذه الصورة أن ترامب هو مرشح الحزب الجمهوري وبالتالي يوجب عليه عودة الانضباط بثوابت المؤسسة الحاكمة الجديدة سواء الجمهورية أو التي لا تتغير مع تغير الرؤساء من مؤسسات «عميقة» عسكرية واستخباراتية ومالية وسلاح ونفط وما إلى ذلك.
لن يهم أحداً في الخارج خطط ترامب على الصعيد الداخلي. بل إن الأنظار منصبة على الخارج وعلى سياساته العالمية نظراً لأن أمريكا لا تزال ورغم كل شيء هي التي تقود العالم وهي التي تتحكم بمستقبله إلى حد بعيد رغم الصعود الصاروخي العسكري للقوة الروسية والاقتصادي للقوة الصينية.
لن يجادل اثنان في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أكبر الرابحين من فوز ترامب. أوباما أتعب روسيا وهيلاري لو فازت لكانت استمراراً، وربما بطريقة أسوأ لروسيا. المواقف التي سبقت الانتخابات كانت تعكس دعماً روسياً لترامب بل يمكن القول إن روسيا هي من أسباب فوز ترامب بعد الدور الروسي في اختراق البريد الإلكتروني لهيلاري وما سببه ذلك من فضائح وحرج لهيلاري.
كذلك فإن بوتين كان أعرب كما ترامب عن الأمل بتحسين العلاقات بين أمريكا وروسيا وتسوية الخلافات بطرق سلمية بعكس سياسة أوباما التي اتبعت سياسات العقوبات الاقتصادية على روسيا والتمدد الأطلسي إلى الحدود الروسية المباشرة.
لا شك أنه يعنينا أيضاً وقبل أي شيء آخر ما سيكون عليه انعكاس انتخاب ترامب على منطقتنا العربية والإسلامية.
لن ندخل في نقاش العلاقة الترامبية مع «إسرائيل». فهي تحصيل حاصل وربما يكون أكثر سوءاً من أوباما. ليس من رئيس سيئ ورئيس جيد بالنسبة للفلسطينيين. فهذا الذي كان يتضمن اسمه باراك حسين أوباما كان الأسوأ على الفلسطينيين ودعم سياسات الاستيطان «الإسرائيلية» الاستعمارية.
لكن يمكن أن نلاحظ أن ترامب وعد بتشديد الحرب على «داعش» واعتبار أن كلينتون نفسها والديموقراطيين هم الذين أنشأوا «داعش». هذا ربما يغير بعض المعادلات في المنطقة خصوصاً أن ترامب قال في مناظرة له مع هيلاري كلينتون بأن الرئيس السوري بشار الأسد هو جزء من الحرب ضد «داعش».
يبقى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيكون مسروراً بفشل كلينتون كونها جزءاً سابقاً واستمراراً لاحقاً لإدارة أوباما التي اتهمها أردوغان بأنها تقف وراء الانقلاب العسكري الذي كان يهدف إلى الإطاحة به. ومهما كانت احتمالات الخلافات المقبلة مع تركيا في عهد ترامب فإنها ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات التي هي أفضل بالنسبة لأردوغان من وجود إدارة كانت تريد التخلص منه وتريد دعم الأكراد بالسلاح، في البيت الأبيض لأربع سنوات مقبلة على الأقل.
* نقلاً عن "الخليج "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة