ترامب والانسحاب من «الناتو».. شائعات تجدد الاحتمالات

تركت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القادة الأوروبيين في حالة من الذهول الأسبوع الماضي، مما دفع إلى انتشار شائعات غير منسوبة بأنه «يفكر» في انسحاب الولايات المتحدة من منظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو».
وأثارت محادثات الرياض بين المسؤولين الروس والأمريكيين، إلى جانب التعليقات التي أدلى بها جي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر ميونخ للأمن، مخاوف من ضعف العلاقات الأمريكية الأوروبية مع سعي واشنطن إلى أجندة أكثر قومية، الأمر الذي قد ينتهي بانسحابها من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو الميثاق العسكري الذي يربط الجانبين منذ عام 1949.
- المال مقابل الحماية.. ماذا ينتظر «الناتو» في عهد ترامب؟
- «سلام أوكرانيا».. هل يغتال ترامب الناتو بغصن الزيتون؟
وقبل انتخابه لولاية ثانية في عام 2024، أشار ترامب إلى مستقبل أكثر برودة مع أوروبا، مشيرًا إلى التفاوت داخل الحلف بشأن الإنفاق العسكري. وخلال ولايته الأولى، هاجم الرئيس الأمريكي زعماء الناتو لفشلهم في تلبية أهداف الإنفاق الدفاعي.
والآن، ومع انطلاق المحادثات مع روسيا، انتشرت شائعات غير مؤكدة وغير موثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي بأن ترامب يخطط للانسحاب من الناتو، وذلك وفقًا لما ذكرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية.
وعلى منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، نشر المعلق السياسي دومينيك مايكل تريبي، يوم الأحد الماضي: «عاجل: يُقال إن الرئيس دونالد ترامب يفكر في الانسحاب من الناتو». ولم تتضمن هذه المنشورات، ولا المنشورات المماثلة التي نشرها معلقون آخرون، إشارات إلى معلومات تم التحقق منها تدعم هذا الادعاء.
كان ترامب قد ذكر في تجمع حاشد في ساوث كارولينا في فبراير/شباط 2024 أن الولايات المتحدة لن تحمي حلفاء الناتو إذا لم يزيدوا من إنفاقهم الدفاعي، كما استمر في الإشارة إلى أنه «سيشجع» روسيا على فعل «كل ما تريده» إذا هاجمت حليفًا آخر في الحلف لم يفِ بالتزاماته بالإنفاق.
وينص ميثاق الناتو على أنه إذا تعرضت دولة عضو في الحلف للغزو، فإن جميع الأعضاء الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة، ملزمون بالتعامل معه كما لو كان هجومًا عليهم.
وفي عام 2019، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن ترامب قال بشكل خاص «عدة مرات» إنه يريد الانسحاب من الناتو. وفي أول مقابلة له بعد انتخابات 2024، قال الرئيس الأمريكي إنه «سيفكر بالتأكيد» في مغادرة الحلف إذا لم يكن «يدفع الفواتير» أو يعامل الولايات المتحدة «بشكل عادل».
ومع ذلك، فإن أي ادعاءات حالية بأنه يفكر في الانسحاب من الناتو قد تكون مبنية على تكهنات، لكنها ليست مدعومة بأدلة مباشرة.
فعلى سبيل المثال، عندما طُلب من مايكل تريبي تقديم أدلة لدعم الادعاء، استشهد في منشورات لاحقة على وسائل التواصل الاجتماعي بقصص إخبارية.
ويبدو أن مزاعم الانسحاب من الحلف تستند إلى التحليل والتنبؤ. ففي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية في 13 فبراير/شباط الجاري، قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب في ولايته الأولى، إن الرئيس كان يستخدم محاولة إنهاء حرب أوكرانيا كمسار نحو الانسحاب من الناتو.
وقال بولتون: «أعتقد أنه من المحتمل للغاية أن يحاول ترامب سحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي، وقد وضع بالفعل شروطًا مسبقة تبرر ذلك».
وأشار بولتون إلى مطلبه في الولاية الأولى لإنفاق 2%، وأضاف: «الآن يقول إنهم بحاجة إلى إنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. أعتقد شخصيًا أن هذا هو ما يجب أن تنفقه الولايات المتحدة. لا ننفق ما يكفي، ونحن الآن عند حوالي 3%».
وتابع: «لكنني أظن أن عددًا قليلاً من الدول ستذهب إلى 5%، وحينها سيكون بإمكانه أن يقول: (حلف شمال الأطلسي لا قيمة له كما قلت دائمًا.. سأخرج منه)».
واستند آخرون في تنبؤاتهم على تصرفات إدارة ترامب. ففي 12 فبراير/شباط الجاري، أخبر وزير الدفاع بيت هيغسيث مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية أن «الحقائق الاستراتيجية» تمنع الولايات المتحدة من «التركيز بشكل أساسي على أمن أوروبا».
وتعليقًا على ذلك، قال وزير الخارجية الليتواني السابق، غابرييل لاندسبيرجيس، لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، إن تصريحات هيغسيث، إلى جانب الشائعات التي تفيد بأن ترامب قد يسحب 20 ألف جندي أمريكي من الناتو، تشير إلى نهاية الحلف.
وفي مناسبة أخرى، أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إمكانية الانسحاب، محذرًا من أن روسيا ستهاجم الدول الأوروبية إذا انسحبت الولايات المتحدة من الحلف.
وفي تعليق سابق لـ«نيوزويك» في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قال تشارلز كوبشان، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: «لا أتوقع أن ينسحب ترامب من الناتو.. أشك في أنه يريد أن يتذكره الناس باعتباره الرئيس الأمريكي الذي فكك التحالف الغربي».
وقال ستيفن إم. والت، أستاذ الشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد: «بصراحة تامة، لا أحد يعرف.. فهو لا يبدي أي التزام عميق تجاه الحلف، ولطالما زعم أن أوروبا لا بد أن تبذل المزيد من الجهود للدفاع عن نفسها».
وأضاف: «ولكنه ربما يفضل البقاء في الناتو من أجل التأثير على سياساته، في حين يشكو باستمرار مما يفعله الأوروبيون، ويستخدم التهديد بالانسحاب لإرغامهم على التعامل مع القضايا الاقتصادية والأمنية».
aXA6IDE4LjExNy4yNDQuMTM2IA== جزيرة ام اند امز