لا بدّ من التأكيد على أنّ الموقف الأمريكي الذي يراهن البعض على مداهنته لإيران، هو موقف ثابت ومتصاعد.
لا يتوقف مسلسل هزائم تنظيم الإخوان في معاقله الرئيسية الأخيرة المتبقية في تركيا قبيل سقوطهم في حاضنتهم القطرية، لذا تراهم يستبقون لحظة السقوط بمحاولات بائسة لتعزيز علاقاتهم مع نظام الملالي في إيران، وإخراجهم من ورطة الاستهداف الأمريكي لخططهم الشيطانية، أو محاولة تدبير انقلابات فاشلة هنا وهناك، ومؤامرات وهمية يظنون أنها قد تؤخر سقوطهم الحتمي قريباً.
يدرك الأمريكيون جيداً إذاً الخطة السرية للتحالف الشيطاني التركي الإيراني وأداته القطرية، القاضية بأن تصدّر أزمات النظامين التركي والإيراني الداخلية إلى خارج الحدود، بتهريب الأسلحة وتجنيد المرتزقة واستقطاب الإرهابيين المتطرفين
ومن يعرف جيداً السلوكيات السياسية للإخوان، ويقرأ جيداً تحولاتهم التكتيكية في سبيل مصالحهم وأهدافهم، يستطيع أن يستبطن خفايا أمور الزيارات السرية المتبادلة والرحلات المكوكية على خط الدوحة طهران، استباقاً لقصف أمريكي لا يُبقي ملاذاً آمناً للولي الفقيه لا في طهران ولا في أي مكان آخر.
ولا بدّ من التأكيد على أنّ الموقف الأمريكي الذي يراهن البعض على مداهنته لإيران، هو موقف ثابت ومتصاعد، تقتضيه الضرورة الأمريكية قبل الخليجية، فإيران، وبحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، في تصريحه الأخير على هامش القمة الثلاثية في القدس، يوم الثلاثاء الماضي، هي سبب المشكلات في المنطقة، وهي التي تعمل على إذكاء التوتر فيها عبر دعم المليشيات الإرهابية وأنشطتها الخبيثة.
وهنا لا يتماشى الخطاب الأمريكي مع رؤية التحالف العربي وقطبيه الرئيسيين السعودية والإمارات فحسب، بل يتجاوز هذه الرؤية إلى الطرف الآخر من المنطقة التي تسعى إيران إلى استهدافها بشكل مباشر عبر تدخلها السافر في أفغانستان وباكستان وربما الهند وشرق آسيا وصولاً إلى الصين أيضاً، وخاصةً مع تقاطع المصالح التوسعية الاستعمارية لكل من أحفاد الأتراك العثمانيين والفرس البويهيين.
يدرك الأمريكيون جيداً إذاً الخطة السرية للتحالف الشيطاني التركي الإيراني وأداته القطرية، والقاضية بأن تصدّر أزمات النظامين التركي والإيراني الداخلية إلى خارج الحدود، بتهريب الأسلحة وتجنيد المرتزقة واستقطاب الإرهابيين المتطرفين من بقايا داعش والقاعدة، واستخدام كل هذه الوسائل لتقويض سياسات السلام الإقليمي والاستقرار التي سعت الحكومات الرشيدة في المنطقة بالتعاون مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتعميمها سعياً لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة ودولها.
ويقول بولتون: "إيران تدعم مليشيات حزب الله في لبنان، ونظام الأسد بسوريا وترسل أسلحة للمليشيات في العراق والحوثيين في اليمن"، كما أشار إلى أنها تحاول دعم المليشيات التي تعمل ضد القوات الأمريكية في أفغانستان.
كما أنّ لإيران تحديداً، شأنها في ذلك شأن النظام التركي وسياساته التسليحية المتكالبة سعياً لامتلاك أحدث أنظمة الأسلحة الروسية، وصفقة الـ"إس 400"، نوايا خفية وسعياً دؤوباً لتسريع خطوات استكمال البرنامج النووي الخاص بها، الذي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي بصدده: "إن طهران لا تظهر نية التخلي عن امتلاك السلاح النووي".
إنهما أمران حاسمان إضافةً إلى تهديد إمدادات النفط من منطقة الخليج العربي، أولهما التدخل في أفغانستان، وثانيهما السلاح النووي، وهما شأنان يمسان التوازنات الإقليمية التي ترعاها الدول العظمى والتي لا تخفي خشيتها من أي إخلال بها، لذا فالضربة آتيةٌ، إن لم تكن في قلب إيران نفسها، فحولها، وما قطر ببعيدة عنه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة