على خطى ترامب.. هل يواصل بايدن مشوار السلام بالشرق الأوسط؟
أيام قليلة ويغادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه ليخلفه جو بايدن الذي يتوقع أن يجد الشرق الأوسط وملفات السلام بالمنطقة اهتماما كبيرا على أجندته.
وفي مقال نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية بعنوان "فهم موجة اتفاقات السلام في الشرق الأوسط"، قال جوشوا كراسنا، زميل برنامج معهد أبحاث السياسة الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، إن موجة اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول المنطقة ترتبط بتحسن العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية الثنائية لإسرائيل مع جيرانها.
وبحسب كراسنا فإن اتفاقات السلام اتخذت بالنظر إلى المصالح المشتركة في ضرورة مواجهة النفوذ الإيراني، وكذلك تركيا والإخوان في المنطقة.
وسعت عدة دول بالشرق الأوسط إلى خلق تحالف إقليمي للتعويض عن تراجع الرغبة الأمريكية في التحرك بشكل أكثر فاعلية في المنطقة.
ففي 15 سبتمبر/أيلول 2020، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي والرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب في واشنطن "معاهدة سلام وعلاقات دبلوماسية كاملة".
وفي نفس التاريخ وقع نتنياهو ووزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني وترامب على "إعلان سلام وتعاون وعلاقات دبلوماسية وودية بناءة".
كما وقعت الدول الثلاث على "إعلان اتفاقيات إبراهيم"، وأعقبت هذه الاتفاقات مفاوضات جوهرية بشأن القضايا الثنائية.
وأدت اتفاقات السلام مع الإمارات إلى تعليق إسرائيل خطط ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية، التي وعد بها نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية 2020.
أعقب هذه التطورات الدبلوماسية إعلان الرئيس ترامب في 23 أكتوبر/ تشرين الأول اتفاق السلام بين السودان وإسرائيل أيضًا.
وبدأت عملية السلام الإسرائيلية السودانية في فبراير/شباط 2020، قبل شهر من الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، باجتماع في أوغندا بين نتنياهو والفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان.
كان المغرب هو المحطة التالية؛ حيث غرد الرئيس ترامب نبأ اتفاق السلام مع إسرائيل في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتم توقيع الاتفاق الرسمي خلال رحلة إلى الرباط قام بها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، ومستشار الأمن القومي لنتنياهو مائير بن شبات.
كانت تركيا تشير -على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى اتفاقات السلام العربية- إلى رغبتها الظاهرية في التقارب مع إسرائيل.
يبدو أن التلميحات التركية ترجع إلى حد كبير إلى مخاوف أوسع نطاقا من اتخاذ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن القادمة موقفا أكثر تشددا تجاه رجب طيب أردوغان، ورغبة أنقرة، كما هو الحال مع اللاعبين الإقليميين الآخرين، في استخدام "بطاقة" إسرائيل لتحسين موقفها السياسي بشكل استباقي في واشنطن.
وتلعب المخاوف بشأن استبعادها من ثروة الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن التوترات الأخيرة مع إيران، دورًا في ذلك أيضًا.
وفي المقابل لا تزال إسرائيل تعتبر تركيا أردوغان تحديًا استراتيجيًا في شرق البحر المتوسط وغزة (تؤكد استمرار نشاط عناصر حماس في تركيا).
ولم تبد إسرائيل استجابة واضحة حتى الآن لتغيير المواقف التركية، وستحرص بشدة على عدم الإضرار بتعاونها الاستراتيجي العميق مع اليونان وقبرص.
سياسة الإنجاز الواضح
اتفاقات السلام مع الإمارات والبحرين هي نتيجة لمصالح مشتركة كبيرة وتطور العلاقات بين الجانبين على مدى العقد الماضي.
لكن الاتفاقات مع السودان والمغرب كانت ثنائية بين هذين البلدين وإدارة ترامب، التي قدمت اتفاقات السلام مع إسرائيل باعتبارها مطلبًا ومصلحة أمريكية.
كان المعروض مقابل الاستعداد لبدء اتفاقات السلام مع إسرائيل في كلتا الحالتين، أمريكيا إلى حد كبير. ففي حالة السودان، كانت الجائزة هي رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وكذلك الإفراج عن المساعدات المتعددة الأطراف والثنائية. وفي حالة المغرب، الاعتراف بسيادة الرباط على الصحراء المغربية.
لقد فهم جميع اللاعبين في الشرق الأوسط جيدًا، وشجعوا إلى أقصى حد، رغبة فريق ترامب في اللحظة الأخيرة في ترك إرث من النجاح في السياسة الخارجية (نظرًا لندرة المناطق الأخرى) وحاولوا الاستفادة منها استفادة كاملة للحصول على بعض مكاسب اللحظات الأخيرة، لكنها مكاسب تاريخية.
يواصل نتنياهو وحلفاؤه السياسيون التلميح إلى أن دولا عربية أو إسلامية أخرى مستعدة لعلاقات مع إسرائيل في المستقبل القريب. كثيرًا ما يتم ذكر عمان وقطر وإندونيسيا، فضلاً عن مرشحين مثل جيبوتي والنيجر وجزر القمر، وحتى توقيع اتفاق سلام مع باكستان.
قد تكون صورة نتنياهو كقائد عالمي وخبير في السياسة الخارجية أكثر أهمية بالنسبة له في انتخابات مارس/آذار 2021، وهو التحدي الانتخابي الرابع له خلال عامين.
يبقى أن نرى ما إذا كانت كل هذه المواقف ستساعد الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط في تحسين صورتها لدى إدارة بايدن الجديدة، وما إذا كان الأخير سيقر جميع التعهدات التي قدمها سلفه.