لا يبدو الوعد الذي قطعه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو
لا يبدو الوعد الذي قطعه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكيان ونقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إليها في حال وصوله إلى البيت الأبيض، غريباً أو غير متوقع، بالنظر إلى مواقف وسجل كلا الرجلين. ولكن اللافت في الأمر أنه حينما تلتقي شخصيتان تقفان على قمة هرم العنف والتطرف والعنصرية وتجمعان على ذات الهدف، تتحول القدس والقضية الفلسطينية برمتها موضوعاً للاستثمار السياسي.
من نافل الكلام الحديث عن ميول ترامب الصهيونية أو الإشارة إلى تأييده الأعمى للكيان، لكن «الشيك على بياض» الذي دفعه مقدماً، والوعد الذي قطعه في هذا الوقت بالذات، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق، يكشف عن مدى استعداد ترامب للذهاب في استثمار دعمه لهذا الكيان، مقابل أصوات اليهود الأمريكيين في انتخابات 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. إذ بالنسبة لترامب، الذي يخوض معركة حياة أو موت في هذه الانتخابات، كل شيء مباح ولا توجد محرمات، حتى صفقة المساعدات العسكرية الأضخم في التاريخ التي قدمتها الإدارة الأمريكية الحالية والبالغة قيمتها 38 مليار دولار، والتي لا علاقة له بها، حاول تجييرها معتبراً أنها «استثمار ممتاز» للولايات المتحدة في الكيان.
لكن الأمر لا يقتصر عند هذا الحد، فالعنف والتطرف والعنصرية وكراهية الأجانب، وهي عناصر مشتركة بين نتنياهو وترامب جعلت الرجلين يتفقان على كل الملفات والقضايا الإقليمية والدولية التي ناقشاها على مدى 90 دقيقة في «برج ترامب» في نيويورك، مع قلب حقائق الجغرافيا والتاريخ رأساً على عقب، ومن ذلك مثلاً أن «إسرائيل» ومواطنيها يريدون سلاماً عادلاً مع جيرانهم وهم من يعاني من الإرهاب الإسلامي»، وبالتالي فإن التسوية في الشرق الأوسط لن تتحقق إلا عندما «ينبذ الفلسطينيون الكراهية والعنف ويقبلون ب «إسرائيل» كدولة يهودية»، أي عندما يتخلى الفلسطينيون عن المقاومة ويقبلون باحتلال بلادهم ويرفعون الراية البيضاء. وعلى هذا الأساس بحث الرجلان موضوع أمن «إسرائيل» وما يتصل بالأمن الإقليمي مثل الاتفاق النووي مع إيران والمعركة ضد تنظيم «داعش»، حيث اعترف ترامب بأن «إسرائيل» شريك أساسي للولايات المتحدة في الحرب العالمية على الإرهاب»، وفق بيان أصدرته حملة المرشح الجمهوري، الذي لم ينس الإشادة ب «التجربة الناجحة ل«إسرائيل» على صعيد السياج الأمني للمساعدة في تأمين حدودها». طبعاً لم يتوقف ترامب ولا حملته أمام عنصرية الجدار الفاصل، ولا على حساب من يقام هذا الجدار أو كيفية تقطيعه لأوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن السؤال الذي يلح، ما الذي يمكن أن يفعله الفلسطينيون، إذا ما وجدوا أنفسهم في حال فوز ترامب، أمام إدارتين هما الأكثر تطرفاً في التاريخ الأمريكي و«الإسرائيلي»، وبماذا استعدوا لمواجهة مثل هذه الأيام الصعبة المقبلة، وهل يمكن للفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من إنهاء حالة الانقسام القائمة منذ سنوات فيما بينهم، أو حتى الاتفاق على إجراء انتخابات بلدية، أن يعودوا ولو من بعيد لإثبات الذات والانتفاض على الذات لمواجهة الأخطار القادمة..لقد عودونا دائماً أنهم كطائر الفينيق الذي ينهض دوماً من تحت الرماد.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة