اليوم الثاني لترامب بالخليج.. صفقات وسلام وأفاق جديدة بالشرق الأوسط

في اليوم الثاني من زيارته الخليجية، حصد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نتائج ملموسة من خلال توقيع صفقات اقتصادية واستراتيجية مهمة في قطر، إلى جانب توجيه رسائل سياسية قوية خلال القمة الخليجية الأمريكية التي انعقدت في الرياض.
هذه الزيارة التي تأتي في ظل توترات إقليمية متصاعدة، تفتح آفاقًا جديدة لإعادة ترتيب المشهد في الشرق الأوسط، مع تركيز واضح على قضايا الأمن الإقليمي، مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول الخليج والولايات المتحدة.
- حصاد اليوم الأول بـ«جولة ترامب».. رسائل ومباحثات وزيارة تاريخية
- جولة ترامب.. رسائل استراتيجية من الخليج إلى العالم
فبعد يوم أول في الرياض شهد صفقات كبرى ولقاءات مع قادة الخليج، فجّر مفاجأته السياسية الأبرز من البوابة السورية بلقاء مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
وما أعلن عنه ترامب في الرياض وقطر وما ينتظره في دولة الإمارات، لا يمثل فقط صفقات مالية أو تحالفات عسكرية، بل هو إعادة رسم لمعادلة الشرق الأوسط السياسية والاقتصادية.
لقاء ترامب والشرع.. 3 مطالب على الطاولة
في مشهد غير مسبوق منذ أكثر من عقدين، التقى ترامب بالشرع في الرياض، ليصبح الشرع أول رئيس سوري يلتقي رئيسًا أمريكيًا منذ قمة حافظ الأسد وبيل كلينتون في جنيف عام 2000.
وكان البيت الأبيض قد أعلن في بيان رسمي أن ترامب دعا نظيره السوري إلى الانضمام إلى «اتفاقيات إبراهيم» مع إسرائيل، مؤكدًا أنه «يطلب من الشرع مساعدة أمريكا في منع عودة تنظيم داعش».
كما أضاف أن «الرئيس السوري يؤيد إقامة علاقات مع إسرائيل، لكن أمامه الكثير من العمل لتحقيق ذلك»، مشيرًا إلى مطلب ثالث أثار الكثير من الجدل، وهو «ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين».
رفع العقوبات عن سوريا.. صفقة بثلاثة أوجه
في اليوم نفسه، أعلن ترامب من منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي بالرياض رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرًا أنها «أدت دورًا مهماً، لكن حان الوقت لها للمضي قدماً».
وقال: «سآمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة للتألق... حظاً سعيداً يا سوريا، أظهري لنا شيئاً مميزاً للغاية».
ويحمل قرار رفع العقوبات بعداً استراتيجياً مزدوجاً، فمن جهة، هو اعتراف بشرعية الرئيس الانتقالي أحمد الشرع على الساحة الدولية، ومن جهة أخرى، يشكل بداية لمرحلة جديدة في علاقات دمشق بالغرب، مرهونة بتلبيتها الشروط الأمريكية الثلاثة: السلام مع إسرائيل، وإنهاء النفوذ الإيراني والفصائل الفلسطينية، وتصفية تنظيم داعش.
من الرياض إلى الدوحة.. صفقات ضخمة وتحالفات مالية
انطلق ترامب بعد ذلك إلى قطر، حيث كان اليوم الثاني من جولته الخليجية حافلاً بتوقيع اتفاقيات استثمارية «تاريخية»، شملت اتفاقات دفاعية واقتصادية غير مسبوقة.
ففي حضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، شهد ترامب توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات، بينها صفقة شراء 160 طائرة «بوينغ» بقيمة 200 مليار دولار، واستثمارات متبادلة بقيمة 1.2 تريليون دولار، إضافة إلى اتفاقات دفاعية شملت شراء طائرات «إم كيو-90» القتالية.
وفي بيان للبيت الأبيض، تم التأكيد على دعم قاعدة العديد الجوية وتوسيع نطاق التعاون الدفاعي والتقني بين البلدين.
وقال ترامب خلال القمة مع أمير قطر: «عملنا معاً على أعلى المستويات لإحلال السلام في هذه المنطقة وعبر العالم»، فيما أثنى الشيخ تميم على «رؤية ترامب للسلام» وأبدى دعمه الكامل لتطوير العلاقات الثنائية.
رسائل القمة الخليجية
وخلال كلمته في القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في الرياض اليوم، قال ترامب إن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل جهود دول المنطقة لبناء مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني، مشددًا على أهمية الاستقرار والتعاون الإقليمي.
وأوضح ترامب أنه يسعى لإبرام اتفاق مع إيران، لكنه ربط ذلك بشروط واضحة تتمثل في توقف طهران عن دعم الإرهاب، وعدم امتلاك سلاح نووي. وأكد في الوقت نفسه على ضرورة أن تلتزم إيران بهذه المتطلبات كجزء من أي تفاوض مستقبلي، مع تلميح صريح بأن الوقت محدود وأن على إيران أن تختار المسار المناسب.
وفيما يتعلق بسوريا، أعلن ترامب عن دراسة إمكانية تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، معلنًا أن رفع العقوبات عن دمشق يهدف إلى منحها فرصة لبداية جديدة تعيدها إلى المجتمع الدولي بشكل إيجابي.
أما لبنان، فأكد ترامب أن هناك فرصة حقيقية لبناء دولة مزدهرة تعيش في سلام مع جيرانها، وذلك بفضل القيادة الجديدة للرئيس ورئيس الوزراء، معربًا عن أمله في أن ينجح لبنان في التخلص من قبضة حزب الله التي تضر بالأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد ترامب على أن دول الخليج تمثل مقدمة جهود بناء شرق أوسط مستقر ومزدهر، مشيرًا إلى أن العالم بأسره يراقب بتمعن هذه المنطقة التي باتت تقدم فرصًا واعدة تستحق التقدير والإعجاب.
وختم كلمته بالإعلان عن مواصلة الولايات المتحدة العمل على ضم المزيد من الدول إلى اتفاقيات إبراهيم، التي تهدف إلى تعزيز السلام والتعاون في الشرق الأوسط.
«سايبرترك» تستقبله.. موكب من المستقبل
وفي مشهد لافت رافق يوم ترامب في الدوحة، ظهرت شاحنات «سايبرترك» الكهربائية من تسلا في موكبه الرسمي، في سابقة عالمية تعكس توجه قطر لاعتماد مركبات كهربائية متطورة في أساطيلها الأمنية.
وكتب إيلون ماسك عبر منصة «إكس»: «شاحنات سايبرترك ترافق رئيس الولايات المتحدة»، في تغريدة عكست الاهتمام العالمي بالمشهد القطري-الأمريكي. وكانت وزارة الداخلية القطرية قد بدأت منذ أشهر باعتماد نسخ معدّلة من «سايبرترك» ضمن أسطولها الأمني، بالتعاون مع شركة «UP.FIT» الأمريكية وشركات ألمانية متخصصة.
الأنظار نحو الإمارات.. المحطة الأهم لترامب
بعد السعودية وقطر، تشخص الأنظار نحو دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث من المتوقع أن تكون محطة ترامب الثالثة والأهم في جولته الخليجية.
وتترقب الأوساط الاقتصادية والسياسية في الخليج والعالم صفقات ضخمة ومباحثات استراتيجية سيجريها ترامب مع قيادة دولة الإمارات، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والخدمات المالية الذكية، وهي المجالات التي طالما أبدى الرئيس الأمريكي اهتمامًا خاصًا بها.
جولة الخليج ترفع أسهم ترامب
تزامنت جولة ترامب مع مؤشرات إيجابية في الداخل الأمريكي، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» بالتعاون مع مؤسسة «إبسوس» ارتفاعًا في نسبة تأييده إلى 44%، مقارنة بـ42% الشهر الماضي.
ويأتي هذا الارتفاع بعد سلسلة خطوات اقتصادية، شملت تعليق الحرب الجمركية مع الصين، توقيع اتفاقية تجارية جديدة مع المملكة المتحدة، وتراجع المخاوف من الركود الاقتصادي.
ووفقًا للتقرير، فإن نسبة التأييد لإدارة ترامب الاقتصادية ارتفعت بدورها إلى 39%، فيما انخفضت المخاوف من انهيار السوق وسوق الأسهم بين المواطنين الأمريكيين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzIg جزيرة ام اند امز