النزاع اليوم ليس مجرد صراع عربي فلسطيني إسرائيلي أبداً.
لعل البيت الأبيض عندما قرر تفعيل قراره باعتبار القدس بشطرَيْها عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها لها، لعلّه كان ضامناً لأي ردة فعل رسمية، سواء كانت عربية أم إسلامية! لأن البيت الأبيض يعلم يقيناً أن هذه الدول لن تخوض حرباً مُقدّراً لها الخسارة مسبقاً، ولن تدخل في نزاعات لا فرصة لكسبها أبداً.
لكن السؤال الأهم: هل يضمن البيت الأبيض ردة فعل أولئك الأفراد الذين يقومون بعمليات إرهابية بالقتل والتفجير في أمريكيا وأوروبا؟.
على أمريكيا أيضاً تحمّل مسؤولياتها تجاه الإرهاب وتجاه تلك الأعمال الإجرامية التي نرفضها قبل أن يرفضها الغرب، تحمّل المسؤولية هنا يعني احترام مبادئ السلم وقرارات الأمم المتحدة قبل أن نطالب هؤلاء باحترامها
إن كان السيد ترامب يضمن ردة فعل الدول، عربيّها وإسلاميّها، كما أنه ربما يضمن أيضاً ردة فعل المنظمات الإرهابية، لكن علينا أن نعلم أن كثيراً مما يسمى (بالذئاب المنفردة) هم أفراد قد لا تربطهم أي علاقة تنظيمية مع أي من الجماعات أو التنظيمات الإرهابية، فهم مجرد أشخاص اقتنعوا ببعض الأفكار المتطرفة ساندهم في ذلك إما مرضهم النفسي أو ظروفهم المعيشية، أو ما يعانونه من تعقيدات داخلية، وهم قادرون على إخافة الناس وقتلهم وقادرون على التفجير دون أي مساعدة من أي أحد، وببساطة متناهية، كما يفعل أولئك الأشخاص الذين يدهسون الأبرياء في الشوارع بسياراتهم في أماكن تجمعهم وفرحهم .
هل يعرف السيد ترامب كيف بقراره هذا قد يؤجّج كل مشاعر الكره والحقد والرغبة في الانتقام ضد كل ما هو أمريكي، في نفوس أعداد غير قليلة من البشر الذين يحملون أفكار ومعتقدات هذه الجماعات الإرهابية؛ التي تؤمن بالقتل والإخافة والتنكيل كوسيلة للرفض؟! هل يضمن ردة فعل هؤلاء المتواجدين في أمريكيا وأوروبا؟، هل يعلم كم هو عدد هؤلاء المؤهلين لحمل هذه الأفكار؟.
النزاع اليوم ليس مجرد صراع عربي فلسطيني إسرائيلي أبداً، نحن في منطقة أخرى تماماً في مناط الخلاف .. اليوم هناك قرارات أممية صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة تنص على أن القدس ليست إسرائيلية، وأن القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية.
كيف تريد أمريكيا أن تحارب الإرهاب بدعوى إرساء مبادئ السلم العالمي؛ وهي من لا تعترف بقرارات مجلس الأمن؟، كيف تريد أن تقنع هؤلاء الأفراد الثائرين المشبعين بحكايا الظلم والقهر واحتلال الأراضي، وطرد أصحابها واستبدالهم بغيرهم من المغتصبين؟، كيف تقنعهم أن عليهم احترام مبادئ السلم وهي تنتهك هذه القرارات؟
باختصار .. على أمريكيا أيضاً تحمّل مسؤولياتها تجاه الإرهاب وتجاه تلك الأعمال الإجرامية التي نرفضها قبل أن يرفضها الغرب، تحمّل المسؤولية هنا يعني احترام مبادئ السلم وقرارات الأمم المتحدة قبل أن نطالب هؤلاء باحترامها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة