رسوم الـ10%.. لماذا تظل مؤلمة رغم تعريفات ترامب الأسوأ؟

عندما دافع دونالد ترامب عن فكرة فرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% خلال حملته الانتخابية، فوجئ الكثيرون، سواءً كانوا مؤيدين أو معارضين، بمدى تطرف هذه الفكرة.
وبحسب "نيويورك تايمز"، أثارت هذه الفكرة مخاوف بشأن خطورة ارتفاع التضخم، وفقدان الوظائف، وتباطؤ النمو، أو الركود.
في الوقت نفسه، بدا احتمال تطبيق ترامب للتعريفة الجمركية مستبعدًا لدرجة أن معظم الاقتصاديين ومحللي وول ستريت الذين اختبروا الاحتمالات وقتها، مالوا إلى اعتبار تعريفة الـ10% مجرد أداة للمساومة.
والآن، وبعد سلسلة من القرارات المتلاحقة من البيت الأبيض، التي وعدت بالتعريفات، ثم فرضتها، ثم ألغتها، ثم أرجأتها، وبعد ذلك خفّضت منها ما خفضته، وزادت منها ما شهد الزيادة، بدا للاقتصاديين أن تعريفة الـ10% الخيار الأكثر اعتدالًا، وليس الأكثر ضررا، خاصةً إذا ما قورنت بما تم فرضه من تعريفات هائلة أشعلت حربا تجارية محتدمة بين الصين والولايات المتحدة.
الأقل نسبة ولكن ذات تأثير
ومع ذلك، لم تفقد تعريفات الـ10% قوتها، وفق محللي الصحيفة الأمريكية، فعند هذا المستوى، لا تزال الرسوم الجمركية الشاملة تؤثر في واردات تزيد عشرة أضعاف عن تلك التي استهدفتها خلال ولاية ترامب الأولى، وهي أعلى وأوسع نطاقًا بكثير من أي شيء حاولت الولايات المتحدة فرضه منذ أكثر من 90 عامًا.
وقال كارستن برزيسكين، كبير اقتصاديي منطقة اليورو في بنك ING الهولندي، إن معدل الرسوم الجمركية "مبالغ فيه للغاية". وأضاف: "لا يزال يعيدنا إلى مستويات شهدناها آخر مرة في ثلاثينيات القرن الماضي".
بالإضافة إلى الإجراءات التي تستهدف الصين، فرض دونالد ترامب قائمة طويلة من التعريفات العقابية -بما في ذلك رسوم جمركية ثابتة بنسبة 10% على معظم الواردات- من 9 أبريل/نيسان.
وقال برزيسكين "بالنسبة للمستهلك الأمريكي، هذا يعني أن كل شيء سيصبح أكثر تكلفة".
وقدّر باحثون في السابق أن فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% سيكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة ما بين 1700 و2350 دولارًا أمريكيًا سنويًا.
وعلى سبيل المثال، تحول المستهلك إلى نوع أمريكي أرخص من منتج الخردل بدلًا من نوع فرنسي، سيوفر عليه أقل مما كان يأمل.
فعندما ترتفع التعريفات الجمركية على سلعة أجنبية، يمكن للمصنعين المحليين اغتنام الفرصة لرفع أسعارهم أيضا، كما وجدت تحليلات الاقتصاديين.
وصرح نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في كابيتال إيكونوميكس، بأن فريقه أعاد صياغة توقعاته في اليوم التالي لانتخاب ترامب، مفترضًا فرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10%، بالإضافة إلى زيادة الضرائب على الواردات الصينية والسيارات.
وقال شيرينغ "كان الأمر متطرفًا، لكنه لم يكن مستبعدًا"، وسيترتب عليه أن يرتفع التضخم وينخفض الإنتاج، لكن المراجعة لم تتنبأ بانزلاق الولايات المتحدة إلى حالة ركود.
رغم ذلك، يقول شيرينغ، إن عدد من عملائه ما كانوا ليصدقوا حدوث الأمر بالفعل بفرض هذه التعريفات.
صدمة الاقتصاديين وصناع السياسات
ولا يزال الاقتصاديون وصانعو السياسات يستغربون كيف أن رئيسًا أمريكيًا قد ألقى العالم بمفرده في مثل هذه الاضطراب الاقتصادي، ثم احتفل بذلك.
وانخفضت ثقة المستهلكين والشركات، ويتسبب عدم اليقين في شلل لعمليات الشراء، من منزل أو سيارة جديدة إلى مصنع جديد.
وقد أبدى المستثمرون عدم ثقتهم بالاقتصاد الأمريكي ببيع سندات الخزانة، الملاذ التقليدي عندما تسوء التوقعات.
وبالطبع، يُلقي الصراع بين الولايات المتحدة، أكبر مستهلك في العالم، والصين، أكبر مُصنّع في العالم، بظلاله على تدابير أخرى، حيث تبادلت واشنطن وبكين فرض تعريفات جمركية بمبالغ ضخمة، إلى جانب مجموعة من القيود التجارية الأخرى على سلع أساسية مثل المعادن الأرضية النادرة والمغناطيس وأشباه الموصلات.
وتحدث ترامب عن فرض رسوم جمركية إضافية على الرقائق الإلكترونية والأدوية، في حين تدرس الصين ودول أخرى سبل الرد.
ووفقًا لتقدير صادر عن أكسفورد إيكونوميكس يوم الإثنين، قد تؤدي حزمة الرسوم الجمركية المطبقة حتى الآن إلى انخفاض التجارة العالمية بنسبة 5% هذا العام.
وهذا يُشبه ما حدث عندما شلّ الوباء حركة التجارة عام 2020، أو عندما غرق العالم في ركود اقتصادي عام 1975.
وأشارت أكسفورد إلى أن هذا الانخفاض في التجارة من شأنه أن يُفقد العالم سلعًا وخدمات تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات، ويُقلص النمو الإجمالي المتوقع بنسبة 1%.
aXA6IDMuMTM5LjY5LjU0IA== جزيرة ام اند امز