التغير المناخي.. تونس تخسر عشرات الكيلومترات من شواطئها سنويًا
تعيش تونس على وقع تغيرات مناخية تسببت باختفاء عديد من الشواطئ بفعل عوامل التآكل لتهدد مباشرة قطاع السياحة.
ويقصد السياح تونس لجمال شواطئها وكثبان رمالها البيضاء لكن بفعل التغيرات المناخية تغير شكل هذه الشواطئ وتقلص حجمها كثيرا.
وتخسر تونس سنوياً عشرات الكيلومترات من شواطئها مع تقدّم مستوى البحر في اتجاه اليابسة.
ويقلص تآكُل الشواطئ من مساحاتها ليقترب البحر أكثر من النزل والمطاعم والمنازل القريبة منه.
و وضعت تونس خطة لحماية سواحلها التي تمتد على 1100 كيلومتر من آثار تغير المناخ حتى لا تختفي الشواطئ بفعل عوامل التآكل.
ويرى خبراء البيئة وعلم المناخ في تونس بأن تغير المناخ أدى أيضا إلى ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف وانخفاض هطول الأمطار على تونس، وهو ما يضر بجميع القطاعات من بينها السياحة .
كما يؤكد الخبراء أنّ أكثر من 300 كيلومتر من السواحل التونسية مهدّدة بالزوال بسبب الانجراف البحري.
وقال الخبير البيئي والناشط الجمعياتي رشدي بن عائشة إن تونس مهددة بالتغيرات المناخية على المدى الطويل واختلال العوامل المناخية المعتادة كمعدلات درجات الحرارة والرياح.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن تونس مهددة بحلول سنة 2030، بارتفاع مستوى سطح البحر على الشريط الساحلي، على مستوى جزيرتي قرقنة (تابعة لمحافظة صفاقس) وجربة (تابعة لمحافظة مدنين) الواقعتين بالجنوب الشرقي.
وأكد أن جزءاً من جزيرتي جربة وقرقنة سيكونان تحت الماء في سنة 2030 بسبب ارتفاع مستوى سطح البحار.
وأكد أن دراسة علمية أعدتها وزارة البيئة التونسية توقعت أن يؤدي ارتفاع مستوى البحر بـ50 سنتيمترًا إلى تكبد خسائر اقتصادية في مختلف المجالات قدّرت بـ3،6 مليار دينار (مليار دولار) في قطاع السياحة فقط.
وأكد أن هذه الدراسة أفادت بأن هذا القطاع، الذّي يمثّل 14،2% من الناتج الداخلي الخام، يواجه خطر فقدان ما يقارب 1000 موطن شغل سنويًا.
وأشار إلى أن الدراسة بينت شدّة تعرّض تونس لانعكاسات التغيّرات المناخية بأن يكون طقسها أكثر حرارة وجفافا مع حدوث تغيّرات على مستوى أهم التساقطات الموسميّة وارتفاع مستوى سطح البحر ودرجة ملوحة المياه وحموضتها.
من جهة أخرى، قالت حليمة ساسي الباحثة في علم المناخ أن قطاع السياحة يتأثر بالتغيرات المناخية؛ إذ سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تقليص مساحات الشواطئ .
وأكدت في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن تغير المناخ سيؤدي إلى تغيير المواسم السياحية، مما يجعل فترات الذروة في الصيف أقل جاذبية.
وتوقعت نفور السياح من جنوب البحر الأبيض المتوسط والتوجه إلى أماكن سياحية تكون فيها درجات الحرارة منخفضة بسبب التغيرات المناخية.
وأشارت إلى أن عشرات الكيلومترات من السواحل في تونس مهدّدة بالزوال بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
دراسة علمية تكشف
وسبق أن أجرت وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي (حكومية ) دراسة علمية أثبتت أنّ البحر قد يغرق نحو 16 ألف هكتار من المساحات القريبة من خليج الحمّامات وغار الملح وبنزرت (شمال) وجزيرة جربة وقرقنة (جنوب) وسوسة الساحلية، كذلك فإنّ نحو 700 ألف هكتار من الأراضي السكنية المتاخمة للسواحل التونسية مهدّدة بالخطر.
وتابعت "من المتوقع أن يبلغ ارتفاع مستوى البحر بمعدل 30 سنتمتراً عام 2030 و50 سنتمتراً عام 2050".
وعمدت بعض البلديات إلى وضع كميات كبيرة من الحجارة على الشواطئ، لتكون حاجزاً أمام امتداد أمواج البحر إلى الطرقات التي شيّدت بالقرب من الشواطئ، في إطار برنامج حماية الشريط الساحلي.
كذلك شيّدت جدران على مسافات طويلة لتمثل حاجزاً يحمي الطرقات والمقاهي وبعض البيوت من أمواج البحر. إلا أن المياه غمرت العديد من تلك الصخور، فيما انهارت الجدران من جراء الأمواج. وعلى الرغم من تشييد غيرها وترميم العديد منها، إلا أنها تنهار مجدداً بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر وسرعة الرياح.
وأفادت الوكالة الوطنية لحماية المحيط بأنّه بسبب التغير المناخي الذي أدّى إلى ارتفاع مستوى مياه البحر، عملت على متابعة المعطيات المتعلقة بارتفاع مستوى البحر، وأطلقت برنامجاً لحماية الشريط الساحلي في مناطق عدة، وإنشاء مختبرات عائمة ثابتة وأخرى متنقلة وأدوات لقياس المد والجزر. كذلك بدأت تنفيذ برنامج بالتعاون مع ألمانيا بكلفة تقدّر بحوالى ثلاثين مليون دولار (تمويل مشترك بنسبة 75 في المائة من ألمانيا و25 في المائة من ميزانية الدولة) لحماية شواطئ عدة بجزيرة قرقنة وشواطئ ببنزرت وصفاقس وسوسة، وحماية الكثبان الرملية والعمل على إيقاف الانجراف.
ويعيش ما لا يقل عن 85 في المئة من سكان تونس البالغ عددهم نحو من 12 مليون نسمة على الساحل، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ حوالي 40 في المئة، وفقا للبنك الدولي.
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز