سياسة
يوم ثان من مشاورات تونس.. محاولة انفراد "إخواني" بمصير ليبيا
مبادرة أممية بشأن ليبيا ولدت متعثرة، وأسهمت بـ"تأزيم" المسار السياسي، الذي كان في طريقه للحل، خاصة بعد جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة.
فالجلسة البرلمانية والتي عقدت في فبراير/شباط الماضي وشهدت حضورًا مكثفًا من قبل النواب الليبيين، بعد "التوافق" الحاصل في ذلك الوقت مع ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، أثمرت الإعلان الدستوري الثاني عشر والذي حدد لأول مرة مسارات ليبية لخارطة طريق جديدة.
إلا أنه بعد "انقلاب" الأعلى للدولة على الخارطة، دفعت البعثة الأممية في 3 مارس/آذار الجاري بمبادرة قالت إنها لوضع قاعدة دستورية جديدة تُجرى على أساسها الانتخابات المقبلة، قوبلت برفض برلماني كبير كونها تعد "مسارًا موازيًا"، و"هرولة" من "الأعلى للدولة" للموافقة عليها.
نسف الإعلان الدستوري
ورغم الرفض البرلماني، إلا أن المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز ارتأت المضي قدمًا في طريقها الذي يرفضه أغلب النواب، متجاهلة جلسة البرلمان الليبي والتي أيدت الإعلان الدستوري الثاني عشر، والذي "تنسفه" المبادرة الأممية.
وكان البرلمان أقر في 10 فبراير/شباط الماضي، إعلانًا دستوريًا يتضمن 11 نقطة؛ أبرزها: تشكيل لجنة من 24 عضوًا من الخبراء والمختصين ممثلين بالتساوي للأقاليم الجغرافية التاريخية الثلاثة يتم اختيارهم من قبل مجلسي النواب والدولة مناصفة مع مراعاة التنوع الثقافي، تتولى مراجعة المواد محل الخلاف في مشروع الدستور المنجز من قبل الهيئة التأسيسية وإجراء التعديلات الممكنة عليه.
غياب البرلمان
وفيما انطلق اليوم الثاني من مشاورات تونس، وسط غياب أعضاء البرلمان الليبي، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب علي التكبالي، إن عدم حضور النواب، يعود إلى "رفضهم التام" لمحاولات المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز تغيير الأوضاع الحالية.
وأوضح التكبالي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنه رغم وضع رئاسة البرلمان الأسماء التي كان من المرتقب أن تشارك في الحوار، إلا أن بعض النواب يرفضون الحضور، مشيرًا إلى أن غالبية النواب رفضوا تغيير ستيفاني ويليامز للخطة التي وضعها البرلمان والتي تمثلت في الإعلان الدستوري الثاني عشر.
حوار فاشل
وحول مصير مشاورات تونس، قال التكبالي إن الحوار يكون بين طرفين، مشيرًا إلى أن غياب أعضاء البرلمان، يعني أن نتائج مخرجات هذا الاجتماع لن تتحقق، مما يعني "الفشل التام" له.
وطالب البرلماني الليبي المبعوثة الأممية بمغادرة ليبيا؛ كونها "تجاوزت" حدود مهمتها، مشيرًا إلى أن ويليامز حاولت "إفشال" التقارب بين الليبيين، في إشارة إلى الجلسة البرلمانية لمنح الثقة لحكومة باشاغا والتي تجاوز عدد الحضور فيها 90% من نسبة البرلمانيين.
وكانت المبعوثة الأممية في ليبيا ستيفاني ويليامز، قالت أمس إنها ستبدأ مشاورات "متعمقة" للتحضير للاجتماع الرسمي مع وفد مجلس النواب، مشيرة إلى أن هذه المشاورات ستوفر فرصة جيدة لطرح ومناقشة الأوضاع الحالية.
منعطف مهم
وأوضحت أن ليبيا تمر بمنعطف "هام" الآن، "ويتعين علينا جميعًا احترام إرادة 2.8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت"، داعية الأطراف المعنية السياسية لاحترام وتحقيق الحقوق السياسية للشعب الليبي في اختيار قادته من خلال صناديق الاقتراع.
واقترحت ستيفاني ويليامز، في 3 مارس/آذار الجاري، مبادرة تتمثل في اختيار 12 عضوًا من مجلسي النواب وما يعرف بـ"الأعلى للدولة"، لتشكيل لجنة تجتمع لمدة 15 يومًا؛ لإرساء قاعدة دستورية جديدة لليبيا، تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تعذرت إقامتها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
إلا أنه بعد أسابيع من طرحها، و"صمت" البرلمان الليبي حتى اللحظة عن التفاعل معها بشكل رسمي، أعلنت ويليامز، بدء المشاورات مساء الثلاثاء في تونس، بهدف التوصل إلى صياغة وإقرار قاعدة دستورية توافقية، تجرى على أساسها الانتخابات.
ووضع إعلان ويليامز الكثير من التساؤلات حول إمكانية مشاركة البرلمان فيها، وخاصة أن 93 نائبًا أبدوا في خطاب للبعثة الأممية والسفارات الدبلوماسية في ليبيا اعتراضهم عليها، واصفين إياها بـ"المسار الموازي".
ورغم تلك التساؤلات حول مشاركة البرلمان، إلا أنها لم تكن الشغل الشاغل لليبيين والمراقبين للأوضاع، وخاصة أن مجلس النواب يؤيد أية خطوات من شأنها حلحلة الأزمة بليبيا؛ بل إن ما "يؤرق" الجميع هو آلية إلزام ما يعرف بـ"الأعلى للدولة" بنتائج تلك المباحثات، بالإضافة إلى بعض "التشكيكات" في أن تقود إلى انفراجة محتملة.