تحويلات الخارج تتفوق على السياحة.. كنز تونسي مهمل بانتظار التفعيل

بلغت قيمة تحويلات العمالة التونسية في الخارج لعام 2025 نحو 2.3 مليار دولار، متفوّقة على عائدات السياحة، بحسب آخر بيانات أصدرها البنك المركزي التونسي.
وأقرّ البنك المركزي أن هذه التحويلات ساهمت، إلى جانب المداخيل السياحية، في دعم مدخرات البلاد من النقد الأجنبي، الذي تراجع خلال الفترة الماضية.
وأكد محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، أن الجالية التونسية في الخارج تمثّل رأس مال بشريًّا واستثماريًّا ثمينًا، لا يزال قسم كبير من طاقاته غير مُستغَل على النحو المطلوب، رغم التقدُّم المُحرز في السنوات الأخيرة.
جاء ذلك خلال مداخلته في الدورة الثانية لمنتدى "تونس العالمية"، الذي نظم الثلاثاء، في إطار "شهر الجالية" الممتد من 15 يوليو/تموز إلى 15 أغسطس/آب.
وأوضح النوري أن عدد التونسيين المقيمين بالخارج يُقدّر بـ1.8 مليون مواطن، أغلبهم في أوروبا ودول الخليج، وهم يشكّلون أحد أكبر مصادر العملة الصعبة، حيث تمثّل تحويلاتهم حوالي 30% من احتياطي العملة الأجنبية، و6.5% من الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن مساهمتهم في دعم الاستهلاك والنمو الاقتصادي، والمساهمة المباشرة بنسبة 2% في الإيرادات الجبائية للدولة.
ورغم هذه الأرقام، شدّد المحافظ على أن الرصيد الحقيقي لإمكانات الجالية لا يزال غير مُفعَّل بالكامل، داعيًا إلى تغيير جذري في الرؤية الرسمية من خلال إدماجهم بصفة فعلية في صنع السياسات الاقتصادية الحكومية، وتعزيز دورهم في تمويل التنمية المستدامة.
ويرى خبراء الاقتصاد في تونس أن تحويلات العمالة التونسية بالخارج تُعدّ أحد موارد النقد الأجنبي للبلاد، داعين إلى ضخ مزيد من السيولة الأجنبية من التونسيين المغتربين على شكل استثمارات.
أهمية التحويلات
وأكد الخبير الاقتصادي التونسي هيثم حواص أهمية تحويلات التونسيين بالخارج في دفع الاقتصاد وتوفير الموارد من العملة خلال هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد، خاصة في ظل صعوبات الحصول على تمويلات للميزانية من المؤسسات النقدية الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
وقال لـ"العين الإخبارية": "تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج مهمّة، وهي تتمثّل في مداخيل العمل التي تشمل التحويلات النقدية والتحويلات العينية، ومنها السيارات".
وأرجع تطوّر تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج إلى هذا المستوى القياسي، مقارنة بعائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى تزايد هجرة الكفاءات التونسية خلال السنوات الأخيرة إلى أوروبا ودول الخليج.
وأفاد بأن المبالغ التي يرسلها التونسيون بالخارج ليست موجّهة للاستثمار في بلدهم، رغم إمكانية الاستثمار في عدة مجالات.
وأوضح: "سبب عدم استثمار التونسيين بالخارج في بلدهم، هو أن الاستثمار يعني استرجاع الأموال بالعملة الصعبة، لكن بالقوانين الحالية لا يمكن للتونسي إعادة أمواله إلى الخارج".
ودعا إلى ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات التحفيزية والتشجيعية لفائدة التونسيين بالخارج، بهدف تحقيق تحويلات مالية أكبر.
وأكد أهمية تشجيع التونسيين بالخارج على الاستثمار في تونس، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، وتحفيزهم على المساهمة في خلق مواطن شغل.
مجلس وطني للتونسيين بالخارج
من جهة أخرى، أكد البرلماني التونسي عمر البرهومي، عن دائرة فرنسا 2، ضرورة التواصل الدائم مع الجالية التونسية بكل أطيافها، في إطار الإعداد لمشروع إحداث المجلس الوطني للتونسيين بالخارج، ليكون ممثلًا رسميًّا للجالية.
وأكد لـ"العين الإخبارية": "نريد أن يكون هناك هيكل يدافع عن ويمثّل التونسيين بالخارج، ونريد المشاركة في الحياة الاقتصادية في تونس".
وأفاد بأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن عدد التونسيين بالخارج يتراوح بين مليون و800 ألف تونسي، لكن الرقم الحقيقي أكبر بكثير، بالنظر إلى أن بعض التونسيين من الجيل الرابع للهجرة ليس لديهم جوازات سفر تونسية، وهناك فئة لا تملك وثائق رسمية، أو تحمل جنسية مزدوجة.
وأبرز أن التونسيين بالخارج يمثلون حوالي 18% من الشعب التونسي.
وسبق أن قال البنك المركزي التونسي، في 27 يونيو/حزيران الماضي، إن احتياطي النقد الأجنبي في تونس يُغطّي نحو 99 يومًا من الواردات.
وسجّل سعر صرف الدينار التونسي تحسُّنًا أمام الدولار الأمريكي ليصل إلى مستوى 2.99 دينار للدولار، مقابل 3.39 دينار لليورو الواحد، بحسب بيانات البنك المركزي التونسي.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuNSA= جزيرة ام اند امز