تونس- فرنسا.. دعم ماكرون يذيب جليد ساركوزي
العلاقات الثنائية تأزمت بعد محاولة فرنسا التدخل بقوات في عهد ساركوزي للتعامل مع الاحتجاجات على حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين
إشادة بديمقراطية تونس، وتقديم دعم إضافي بقيمة 500 مليون يورو، و8 اتفاقات في مجالات مختلفة.. تلك هي حصيلة اليوم الأول للزيارة الرسمية التي يجريها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى البلاد لإذابة ما بقي من جليد بين البلدين جراء دعم الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي نظيره التونسي المعزول زين العابدين ين علي.
للمرة الثانية خلال أسبوع.. فرنسا تشيد بديمقراطية تونس
وهذه هي الزيارة الأولى لماكرون منذ صعوده للحكم في مايو/ أيار الماضي، وتأتي في إطار إعادة ترتيب الأولويات في العلاقات الثنائية، ومنحها انطلاقة جديدة تخلصها من الركود والفتور الذي شهدتهما في مرحلة سابقة، وتحديدا خلال الأحداث التي أسقط حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي 2011.
وأمس الأربعاء، أعلن ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي الباجي قائد السبسي تخصيص 500 مليون يورو إضافية لدعم تونس في الفترة بين عامي 2020 و2022
وهو مبلغ يضاف إلى 1.2 مليار يورو التي تعهدت بلاده باستثمارها في تونس خلال مؤتمر الاستثمار المنعقد بالبلد الأخير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
وعلى هامش لقاء الرئيسين وقع البلدان 8 اتفاقيات ومذكرات تعاون، تهم أولويات الشراكة التونسية الفرنسية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف، وإنشاء صندوق لدعم التنمية والمؤسسات والمبادرات الشبابية في تونس.
كما شملت أيضا إنشاء جامعة تونسية فرنسية خاصة بإفريقيا والمتوسط، إضافة إلى تحويل بعض الديون التونسية إلى استثمارات وتهيئة أحياء سكنية شعبية.
جليد ساركوزي
مع اندلاع الأحداث بتونس في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، لم يتوقع الرئيس الفرنسي حينها، نيكولا ساركوزي (1997ـ 2012) أن تنتهي الاحتجاجات بإسقاط نظام نظيره التونسي زين العابدين بن علي، مع أن الأمريكيين كانوا، في الجهة المقابلة، يرقبون ما يحدث بعين مختلفة تماما.
أصرت باريس في تلك الفترة على أن كل شيء على ما يرام في البلد الواقع على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، والذي تدعم نظامه، بل إن السفير الفرنسي بتونس في ذلك الوقت، بيير مينات، ذهب حد القول، منتصف يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011، إن بن علي استعاد سيطرته على بلاده.
6 ساعات بعد ذلك، كان بن علي وزوجته على متن طائرة متجهة نحو السعودية، مخلفا وراءه نقاط استفهام لا يزال الكثير منها يبحث حتى اليوم عن إجابة لها.
ومع تبدل النظام في تونس، شاب الفتور العلاقات مع باريس، بل إن الكثيرين لم يغفروا لوزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، ميشيل أليوت ماري، اقتراحها إرسال عدد من عناصر الشرطة الفرنسية لقمع الاحتجاجات خلال أحداث 2011، وهو ما رأى فيه تونسيون تدخلا سافرا في شؤونهم، قبل أن يعترف ساركوزي نفسه بذلك لاحقا، ويقول إن ذلك كان "أكثر ما يثير ندمه في ولايته".
ومنذ ذلك الحين، خيم فتور وبرود على العلاقات الثنائية، ولم تفلح حتى استقالة الوزيرة الفرنسية في تخفيف حنق التونسيين، بل إن الموقف الفرنسي من الأحداث شكل نقطة توقف وموضوع جدل في الأوساط التونسية لم يفلح السياق الملتهب حينها وتسارع الأحداث في وضع حد له.
أولاند ومساعي كسر البرود
ومنذ صعوده للحكم في فرنسا في 2012، سعى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى كسر البرود المخيم على علاقات بلاده بتونس، وتخليصها من إرث ولاية ساركوزي المثقل بالمحطات المتشنجة.
ففي يوليو/ تموز 2013، أجرى هولاند زيارة رسمية إلى تونس، قبل أن يشارك في مارس/ آذار 2015 في مسيرة دولية حاشدة انتظمت بتونس عقب الهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو بالعاصمة.
وفي تلك المسيرة، دعاه الرئيس التونسي باجي قائد السبسي بـ "فرانسوا ميتران"، ما جعل الحشود تنفجر ضاحكة في مشهد يبدو أنه أذاب الكثير من الجليد المطبق على العلاقات بين البلدين.
وفي يناير/ كانون الثاني 2016، كان رئيس الحكومة التونسية حينها الحبيب الصيد يجري زيارة إلى باريس، حصل في نهايتها على دعم بمليار يورو (على امتداد 4 سنوات).
وليس ذلك فقط، وإنما حتى حين غادر هولاند قصر الإليزيه في مايو/ أيار الماضي، تاركا المجال لسلفه ماكرون، فقد كان أول ما فعله هو تناول الغداء في مطعم تونسي بالضواحي الباريسية.
aXA6IDE4LjIxNy4yMjQuMTY1IA== جزيرة ام اند امز