قرض سعودي لدعم قطاع الفوسفات بتونس.. هل سينهض من كبوته؟
تهتم السلطات السعودية بقطاع الفوسفات التونسي، على الرغم من التعثر الذي يشهده القطاع منذ أكثر من عشر سنوات بسبب اضطرابات بمناطق الإنتاج.
وقد وقعت وزيرة الاقتصاد التونسية فريال الورغي وسلطان بن عبدالرحمن، المرشد الرئيسي التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، أمس الخميس، على اتفاقية قرض بين تونس والصندوق تتعلق بتجديد وتقوية شبكة السكك الحديدية لنقل الفوسفات.
- مشاركة مثمرة لـ«دراجون أويل» في «إيجبس 2024».. اتفاقيات وشراكات جديدة
- مشروع تنمية رأس الحكمة.. الإمارات تنعش الاقتصاد المصري (خاص)
وتبلغ قيمة القرض 55 مليون دولار أمريكي أي ما يناهز 173 مليون دينار ستخصص للمساهمة فى مشروع تجديد وتقوية الشبكة الحديدية لنقل الفوسفات فى مرحلته الأولى بالجنوب التونسي الذي يتوزع على ثلاث محافظات وهي صفاقس وقفصة وقابس.
أهمية الاتفاقية
وأكدت فريال الورغي وزيرة الاقتصاد التونسي، أهمية المشروع باعتبار ما سيتيحه من إمكانيات لرفع كفاءة طاقة الشركة لنقل كميات أكبر من الفوسفات مما سيكون له انعكاس إيجابي على القطاع وعلى قدراته الإنتاجية والتنافسية بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني والمالية العامة بصفة عامة.
ونوهت الوزيرة فى هذا الإطار بمستوى العلاقات الثنائية بين تونس والمملكة العربية السعودية، مؤكدةً الحرص الثابت لدى الحكومة التونسية لمزيد من توطيد التعاون في مختلف المجالات، لا سيما المجالات الاقتصادية وللعمل على الارتقاء به إلى أفضل المراتب لمصلحة البلدين الشقيقين.
كما أعربت الوزيرة عن ارتياحها لمستوى التعاون المالي مع الصندوق السعودي للتنمية الذي يعد أحد أبرز شركاء تونس فى مسارها التنموي، حيث بلغت جملة التمويلات المقدمة لتونس منذ انطلاق التعاون سنة 1975 ما يناهز 1.2 مليار دولار شملت عدة مجالات وقطاعات حيوية كمياه الشرب والري والصرف الصحي والسدود والصحة والتعليم وغيرها، مجددة الحرص على تعزيز هذا التعاون المثمر فى ضوء ما تم ضبطه من أولويات تنموية للمرحلة القادمة.
من جانبه، أكد سلطان بن عبدالرحمن المرشد على متانة التعاون القائم بين الجانبين وتنوعه.
وجدد استعداد الصندوق لمواصلة دعم تونس في إنجاز مشاريعها التنموية ذات الأولوية وتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.
من جهته، قال وزير النقل التونسي، ربيع المجيدي، لـ"العين الإخبارية": "إنّ هذا المشروع يهدف إلى تجديد جزء من الخطوط التي تؤمن نقل الفوسفات لتحسين طاقتها في تحمل قطارات نقل كميات أكبر من الإنتاج ومشتقاته".
وأوضح أن هذا المشروع يهدف إلى تقليص معدل مدة دوران المعدات والتخفيض من كلفة النقل.
وأكد أن هذا المشروع يعمل على تأهيل شبكة نقل الفوسفات بالجنوب التونسي، وذلك عبر تقوية البنية الأساسية وتطوير مختلف مكونات الشبكة بما يمكن من استغلال قطارات ذات حمولة أكبر، وكذلك تجديد المعدات المستغلة لنقل المواد المحمية.
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي علي الصنهاجي أن هذه الاتفاقية مهمة لتطوير قطاع الفوسفات بتونس الذي يشهد ركودا بسبب توقفه عن العمل خلال العشر سنوات الماضية.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن هذه الاتفاقية الموقّعة تهدف إلى تجديد نحو 190 كيلومتراً من الشبكة الحديدية لدعم زيادة إمكانات نقل مادة الفوسفات، للإسهام في النمو الاقتصادي التونسي، وخلق فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى تخفيف العبء على شبكة الطرق والحد من الازدحام المروري.
وأشار إلى أن تحسن نقل الفوسفات سيؤثر مباشرة في زيادة صادراته وتحسين عجز الميزان التجاري المتفاقم، نظراً لأهمية الإيرادات التي تجنيها البلاد من هذه المادة.
وأوضح أن قطاع الفوسفات يعتبر من ركائز الاقتصاد التونسي، إذ تعول عليه السلطات التونسية لإنقاذها من أزمتها الاقتصادية، موضحاً أن عائداته تمثل 10% من إجمالي صادرات البلاد، إلى جانب توفيره نحو 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وأكد أن تونس كانت المزود الرئيسي لعدة دول لكن توقف الإنتاج بسبب الاحتجاجات الاجتماعية منذ عام 2011 إلى عام 2022 تسبب في اكتساح دول أخرى لهذا القطاع لكن منذ مايو/أيار 2022، استأنفت تونس تصدير الفوسفات بعد 11 عاماً من التوقف.
وتابع أن تونس عادت الى تزويد بلدان مثل البرازيل وتركيا وباكستان وإندونيسيا وفرنسا بالفوسفات ومازالت تعمل على تطوير قطاع الصادرات.
قبل 2011، كان الفوسفات مصدراً للعملة الصعبة التي تضخ في ميزانية تونس، لكن منذ 2011 انخفض الإنتاج وانعكس ذلك سلباً على موارد الدولة.
ويعود سبب التراجع أساساً إلى توقف عمليات استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي؛ بسبب الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالتشغيل وعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة زمن حكم الإخوان بهذا القطاع.
وكانت تونس أحد أكبر المنتجين في العالم لمعادن الفوسفات، التي تستخدم لتصنيع المخصبات الزراعية (الأسمدة)، وتصدر لقرابة عشرين سوقا، ما جعلها تحتل في بعض الفترات المركز الثاني عالمياً، لكن حصتها في السوق هبطت بعد 2011.
وتعد منطقة الحوض بمحافظة "قفصة" جنوب البلاد مصدر إنتاج الفوسفات بتونس، وتتشكل من أربعة مراكز أساسية وهي "المتلوي" و"الرديف" و"أم العرايس" و"المظيلة".