"جبهة الخلاص" بتونس.. السلاح سياسي والبارود إخواني

مولود مجهول الهوية تقاطعت عنده أحقاد الخاسرين والناقمين والمتملقين مع أطماع الإخوان فكانت النتيجة تحالفا هجينا يصوب بقلب التونسيين.
هذه هي ما يعرف بـ"جبهة الخلاص"، المكون السياسي الموالي لإخوان تونس، والذي يتحرك اليوم بناء على أوامر التنظيم الإرهابي في محاولة لاستجداء التعاطف.
وتعتزم الجبهة، في وقت لاحق السبت، تنظيم وقفة تضامنية مع قيادات إخوانية ومقربين من التنظيم ممن يشتبه تورطهم في قضايا إرهابية واغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والتخابر على أمن الدولة.
ووفاء لتكتيك الإخوان بالتمويه للتشويش على الحقائق، تزعم الجبهة أنهم معتقلون سياسيون، وتطالب بإطلاق سراحهم ووقف المحاكمات التي تدعي بأنها سياسية.
وأغلب قيادات جبهة الخلاص تقبع حاليا في السجون بتهمة التآمر على أمن الدولة التي أطاحت بها السلطات التونسية في منتصف فبراير/ شباط الماضي للانقلاب على الرئيس قيس سعيد، بعد التخطيط لتأجيج الوضع في البلاد.
هوس العودة
وبعد فشل ورقة الشارع وسجن زعيمهم راشد الغنوشي، عاد إخوان تونس للنبش في أوراقهم وحشد معاولهم أملا في ملاذ أخير ينقذهم من مقصلة المحاسبة بعد أن قضى الرئيس التونسي قيس سعيد على جميع آمالهم ومحاولاتهم اليائسة للعودة.
حركة إخوان تونس التي انتهت بعد سجن زعيمها والعشرات من قياداتها البارزة بشبهة جرائم إرهابية ومالية وغلق مقارها وحظر جميع اجتماعاتها، تواصل من خلال جبهة الخلاص محاولة إثارة التعاطف الدولي بعد أن كشف الشعب التونسي كذبها وجرائمها، حيث لم تستطع تعبئة الشارع بالرغم من محاولاتها الكثيرة.
وسبق أن عبر الرئيس قيس سعيد عن رفضه القاطع لأي تدخل أجنبي في شؤون بلاده وخص بالذكر انزعاج بعض العواصم الغربية وجهات أجنبية "بسبب إيقاف من دعا إلى حرب أهلية"، في أوضح إشارة إلى مذكرات إيداع بالسجن صادرة عن القضاء التونسي بحق الغنوشي.
وقال سعيد: "تم تطبيق القانون من قبل قضاة شرفاء، نحن لم نعتقل شخصا من أجل رأي أبداه أو موقف اتخذه".
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن جبهة الخلاص هي واجهة الإخوان ومنظومتهم التي حكمت طيلة العقد الماضي، يقودها قبطان الزورق الغارق، أحمد نجيب الشابي؛ رئيس حزب الأمل، والمحامي ذو التوجهات اليسارية؛ حليف النهضة التاريخي.
وأجمعوا على أن الجبهة لا تعدو أن تكون سوى مكون سياسي هجين يعمل بالوكالة عن الإخوان.
بارود إخواني
منذ مارس/ أذار الماضي، تنظم الجبهة أسبوعيا وقفة مساندة للمساجين منذ بحضور لا يتعدى 10 أشخاص يتزعمهم أحمد نجيب الشابي ودون حضور أنصار الإخوان الذين تعودوا المشاركة في مظاهرات التنظيم زمن النفوذ لكن بأموال مدفوعة مسبقا.
وتتكون جبهة الخلاص من حركة النهضة الإخوانية، وحزب "قلب تونس" (حزب نبيل القروي)، و"ائتلاف الكرامة" الإخواني، وحراك تونس الإرادة (حزب المنصف المرزوقي) وحزب الأمل ونواب من برلمان الإخوان المنحل.
حسن التميمي، المحلل السياسي التونسي، يعتبر أن جبهة الخلاص هي الذراع السياسية للإخوان في تونس، وتطلق حملة مساندة للموقوفين من قيادتها في قضايا تآمر على أمن الدولة والتخابر من أجل كسب التعاطف الأجنبي.
ويقول التميمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن تحرك الجبهة يأتي بعد أن لفظها الشعب عقب اكتشافه لفظاعة التنظيم، والاستقواء بالخارج، من خلال الجماعات الحقوقية الدولية.
ويضيف أن "الجبهة التي لم يتبق من قياداتها سوى القلة القليلة، تزعم أنها ملاحقة على خلفية سياسية وتصف المعتقلين بالسياسيين متناسية أخطر الجرائم المتورطين فيها".
وتابع موضحا أنه "على سبيل المثال، فإن وزير الداخلية الأسبق الإخواني علي العريض يقبع حاليا في السجن بتهمة تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر وراشد الغنوشي يقبع في السجن بتهمتي التآمر والتخابر على أمن الدولة".
ودعا الخبير إلى ضرورة تطهير البلاد من المجرمين الذين أضروا بالبلاد ونكلوا بشعبها طيلة سنوات ظنا منهم أنهم فوق المحاسبة.
هستيريا
القيادي في حركة "الشعب" بتونس، أسامة عويدات، يرى أن جبهة الخلاص تعيش اليوم "حالة من الهيستيريا"، منتقدا ما وصفها بحالة التهافت التي يعيشها قياديوها.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، يقول عويدات إن الخطاب الذي تروج له الجبهة لم يعد له أي تأثير مباشر على التونسيين، معتبرا أن مكوناتها باتت خارج اهتمام التونسيين بعد ما اقترفوه من مآسي.
وأكد أن "جبهة الخلاص لم تستوعب الدرس وتبقى دائما خارج السياق والتاريخ كما أنها لا تعبر لا على الشعب ولا على حاجياته".
وأوضح أن جبهة الخلاص تعتبر أن "إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 انقلابا وتريد أن تقول إنه إذا خرج الإخوان من الحكم فلا يجب على أي أحد آخر أن يحكم"، في إشارة إلى التدابير الاستثنائية التي أطاحت بحكم التنظيم.
ويشير عويدات إلى إجراءات الرئيس سعيد التي بدأت منذ 25 يوليو/تموز بتعليق عمل البرلمان وعزل حكومة هشام المشيشي في مسعى لتخليص البلاد من سيطرة تنظيم الإخوان على مفاصل الحكم في البلاد.
وبحسب عويدات، فإن الشعب لفظ للأبد جبهة الخلاص.
وأحمد نجيب الشابي الذي يتزعم جبهة الخلاص يزعم أن توقيف عدد من القيادات بالجبهة جرى "دون أي جرائم اقترفوها".
ومنذ حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، أطلق المتابعون للشأن السياسي على نجيب الشابي اسم ”نجيب الله”، إشارة إلى ارتمائه منذ ثمانينات القرن الماضي في أحضان الإخوان، حيث كانوا ينشطون تحت جناح حزبه ”الحزب الديمقراطي التقدمي”، ليقوم من خلاله بعملية تبييض القيادات النهضوية.
وأحمد نجيب الشابي كان حليفا قويا للإخوان، والتحالف معهم ممتد منذ عام 2005، من خلال "تحالف 18 أكتوبر"، حيث عمد إلى بعث حركة سياسية ساهمت بشكل كبير في تطبيع العلاقة بين الحركة الإخوانية والمجتمع التونسي، وخاض المعركة عوضاً عنهم ضد نظام بن علي.