اتحاد الشغل والحوار في تونس.. مسار إنقاذ أم بوابة عودة؟
تهديد بالتصعيد يلوح به "الاتحاد العام التونسي بالشغل" للدفع نحو الحوار في خطوة يؤكد أنها تستهدف الخروج من الأزمة الراهنة.
لكن مراقبين يرون في تصعيد الاتحاد (أكبر نقابة عمالية في تونس) محاولة للدفع نحو تسوية سياسية جديدة يكون له فيها دور مؤثر.
والخميس، هددت المنظمة العمالية بالتصعيد في حال رفض الرئيس قيس سعيد القبول بحوار يتيح الخروج من الأزمة الخانقة التي ترزح تحتها البلاد.
ويتطلع اتحاد الشغل للعودة إلى المشهد السياسي من بوابة الحوار الوطني الذي يتحرك لتنظيمه بالتحالف مع بعض المنظمات الحقوقية وقوى مقربة منه، بعد إعلان رفضه لقانون المالية لسنة 2023، وفق ما يراه مراقبون للمشهد السياسي التونسي.
وأعلن الاتحاد أنه بصدد التشاور مع منظمات أخرى، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين، لإطلاق مبادرة للإنقاذ.
والثلاثاء، هدد اتحاد الشغل بالنزول إلى الشارع احتجاجا على قانون المالية الذي أقرّته الحكومة ويفرض ضرائب جديدة ويتجه إلى الرفع الجزئي للدعم على الغذاء والطاقة، في خطوة من شأنها إرباك الخطة الحكومية لإنقاذ العجز المالي للدولة.
ويرفض اتحاد الشغل قانون المالية لسنة 2023 معتبرا أنه لا يلبي طموحات المواطن الذي أرهقه ارتفاع الأسعار وتدهورت مقدرته الشرائية، كما يرى أنه يتضمن عدة إجراءات من شأنها أن تؤثر سلبا على الشعب التونسي.
وتقترح المنظمة الشغيلة عدم المساس من الدعم، وتوجيهه إلى كل الموظفين والعاملين في القطاعات الحكومية والخاصة بالنظر إلى تدهور مقدرتهم الشرائية.
إجراءات تصعيدية
ولوّح اتحاد الشغل بتنفيذ سلسلة من التحركات الاحتجاجية، بدأت الإثنين، بتنفيذ إضراب في قطاع النقل شل إقليم تونس الكبرى، الذي يضم أربع محافظات: تونس العاصمة وأريانة ومنوبة وبن عروس.
ومن المتوقع أن يكرر اتحاد الشغل الإضراب في قطاع النقل بحلول نهاية الشهر الجاري، وفق قرار أصدره سابقا، وقطاع النقل هو ثاني أهم القطاعات الحيوية بعد قطاع الصحة.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، الخميس، في تصريحات نقلها إعلام محلي، إن الاتحاد لن يبقى مكتوف الأيدي وسيلعب دوره الوطني "لتجنيب البلاد الفوضى وهي على شفا الإفلاس والانفجار الاجتماعي".
وأضاف الطاهري أن الاتحاد سيضطر لاتخاذ إجراءات تصعيدية في حال لم يكن هناك تفاعل مع الحوار لا سيما من قبل رئيس الجمهورية.
وشدد على أن "المنظمة النقابية منفتحة على كل الخيارات بما فيها فسح المجال للمراجعة، لكنها بالمقابل لا يمكن أن تقبل إهدار المزيد من الفرص وتحويل تونس إلى مخبر تجارب".
وأشار إلى أن "الحوار هو الذي أنقذ تونس وهو الذي سينقذها في الفترة القادمة، من خلال إعادة إحياء الأمل عبر رفض تأييد سياسة الأمر الواقع والقطع مع كل مقومات الحكم الفردي والصلاحيات المنتفخة على حساب بقية السلطات وبقية المؤسسات".
وبخصوص المسار السياسي لما بعد 25 يوليو/ تموز 2021، لفت الطاهري إلى أن "الاتحاد لم يغير موقفه من اللحظة وهو يساند قرار إزاحة برلمان (الإخوان) لكنه يتفاعل مع مختلف المستجدات ويبدي مواقفه تجاهها".
السلم الاجتماعي
وردا على التهديد بالإضراب، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء، ضرورة استمرارية المرافق العمومية و"التصدي لكل من يسعى لضرب السلم الاجتماعي بكل الوسائل"، مشدداً على أن "لا أحد فوق القانون".
وقالت الرئاسة التونسية في بيان صدر حينها، إن "تعطل المرافق العمومية كان له الأثر الكبير على التونسيين"، محذرة من أن أجهزة الدولة "لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام كل من يحاول المساس بها".
وشدد بيان الرئاسة على أن "الدولة بقدر حرصها على الحقوق والحريات، فهي حريصة أيضاً على تطبيق القانون والحفاظ على المؤسسات وحق التونسيين في الأمن والعيش الكريم".
ضغوط؟
وفي قراءة للتطورات، قال المحلل السياسي التونسي عبد المجيد العدواني، إن مبادرة اتحاد الشغل بتنظيم حوار وطني تمثل محاولة منه للدفع نحو تسوية سياسية جديدة يكون فيها له القرار المؤثر، وفي الوقت نفسه ممارسة ضغوط على الرئيس سعيّد للتفاوض مع الأحزاب.
وأضاف العدواني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن التهديد بالإضرابات خاصة في هذه المرحلة التي تعاني منها البلاد من أزمة اقتصادية حادة وليس سوى وسيلة لإرباك الخطط الحكومية لخفض العجز المالي للدولة.
وأكد أن تونس تحتاج في هذه المرحلة إلى تكاتف جميع الجهود لإخراجها من حالة الوهن الاقتصادي.
aXA6IDE4LjIxNy40LjI1MCA= جزيرة ام اند امز