خبراء تونسيون: "حكومة الفخفاخ" تعصف بحركة النهضة
خبراء يرون أن الانقسام داخل حركة النهضة الإخوانية عمّقته التوجهات الجديدة لحكومة إلياس الفخفاخ القريبة معنويا وأدبيا من الرئيس قيس سعيد.
قال خبراء تونسيون إن حركة النهضة الإخوانية تشهد انقساما واضحا في آرائها إزاء حكومة رئيس الوزراء المكلف إلياس الفخفاخ.
- الفخفاخ يعد التونسيين بحكومة كفاءات موسعة ودعم الاستثمار
- "الفخفاخ" يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة التونسية
وأكدوا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن القرار الداخلي للحركة فقد وحدته منذ أشهر، وأصبح رهن الصراعات الحادة بين أجنحة الحزب المختلفة.
وأشاروا إلى أنه في الوقت الذي يهدد فيه راشد الغنوشي بالذهاب إلى انتخابات مبكرة وعدم التصويت للحكومة، يحمل فريق إخواني آخر رئيس الحركة مسؤولية الذهاب بتونس إلى المجهول.
ومن بين هذه الانقسامات أيضا تباين مواقف قيادات الإخوان بين من يدعو إلى تشريك حزب قلب تونس (38 مقعدا)، ومن يرى في الملفات القضائية المتعلقة برئيس الحزب نبيل القروي عائقا أخلاقيا.
وتتهم قيادات داخل الإخوان الغنوشي بالاستفراد بالرأي، وأن قراراته تجاه الحكومة هي قرارات تعبر فقط عن مصالح ضيقة وعائلية؛ فملفات الفساد المطروحة في السيرة السياسية لرئيس حركة النهضة أصبحت مصدر قلق من أصدقائه قبل خصومه.
ويتهم القيادي بالحركة محمد بن سالم، في تصريحات إعلامية، الغنوشي بالتستر على فساد صهره رفيق عبدالسلام واستغلاله للدولة التونسية لخدمة أجنداته الشخصية.
ورأى كثير من المراقبين أن هذا الشرخ داخل الحركة عمّقته التوجهات الجديدة لحكومة إلياس الفخفاخ القريبة معنويا وأدبيا من رئيس تونس قيس سعيد، وهو ما أثار حفيظة صقور الإخوان التي تريد أن تجعل من الفخفاخ مجرد بيدق سياسي لها.
وصرح رئيس الحكومة، في أول ندوة صحفية له، بأنه يستمد شرعيته من شرعية الرئيس التونسي فقط؛ ما اعتبره كثير من الخبراء صفعة منه لراشد الغنوشي وتقزيما لدوره في التشكيل الحكومي.
انقسام الكتلة النيابية للإخوان
وأفادت مصادر مطلعة من داخل مجلس نواب الشعب بأن الكتلة النيابية لحركة النهضة (45 مقعدا) منقسمة في مواقفها تجاه حكومة الفخفاخ، وأن عملية التصويت في جلسة نيل الثقة لن تكون منسجمة مع ما سيفرضه الغنوشي.
وبيّنت المصادر ذاتها، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الفريق المقرب من الغنوشي أصبح أقلية في المصادقة على حكومة الفخفاخ أمام موجة التمرد التي عبّر عنها نواب الحركة.
وأكدت المصادر أن وزن رئيس الحركة تقلص بشكل جلي نتيجة حالة التصدع التي يعرفها حزب النهضة قبل مؤتمره الانتخابي المقرر انعقاده في شهر مايو/أيار المقبل.
وأفادت المصادر ذاتها بأن النية تتجه داخل الإخوان إلى عزل راشد الغنوشي خلال المؤتمر وتعويضه بقيادة أخرى، وهي نقطة خلقت حروبا طاحنة بين قيادات إخوان تونس أثرت على تماسك الحركة وعلى وحدة مواقفها تجاه الحكومة والشأن الوطني التونسي.
وقالت الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة إن هذا التصدع فرضته الحروب الدائرة وسط حركة النهضة على خلافة الغنوشي أمام إصراره على الاستمرار على رأس الحركة في مخالفة لقوانينها الداخلية.
وأضافت بن قمرة أنه كان منتظرا أن تتباين المواقف داخل حركة النهضة بخصوص تعيين إلياس الفخفاخ أولا والمصادقة على حكومته ثانيا، وذلك لوجود تيار داخل حركة النهضة يريد إسقاط أي مبادرة يقدمها رئيس تونس في إطار الحرب الباردة الدائرة بين رئيسي النظام السياسي في البلاد (رئيس البرلمان ورئيس الدولة)، ووجود تيار آخر يعمل على معارضة مواقف الغنوشي في كل الاتجاهات.
وأكدت الباحثة التونسية أن الحرب بين الرجلين (سعيد والغنوشي) هي حرب مؤجلة في ظل تواتر معلومات تفيد بأن عناصر الحملة الرئاسية لقيس سعيد تنوي تأسيس حزب جديد تحت عنوان "حراك 13 أكتوبر".
وتابعت: "في حال تدشين هذا الحزب على أرض الواقع فإنه سيغير من المعادلة السياسية في تونس، خصوصا في ظل ارتفاع نسبة الرضا الشعبي على قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة".
وقد تم انتخاب قيس سعيد في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها بمليونين و700 ألف صوت، أي بنسبة 72% من مجموع الأصوات المشاركة في الانتخابات، وهو ما يؤكد فرضية كسره حواجز الصلاحيات المحدودة في رئاسة الجمهورية إلى لعب دور سياسي في الفترة المقبلة.