حكومة تونس حائرة بين الرئيس والبرلمان.. وانتخابات جديدة في الأفق
مراقبون وصفوا مسار تشكيل الحكومة التونسية بـ"العسير" بعد مرور 4 أشهر منذ إجراء الانتخابات التشريعية دون تغيير
دخل مسار تشكيل الحكومة التونسية في نفق مظلم، بعد فشل عمره 4 أشهر في تشكيلها، بدءاً من رسوب الحبيب الجملي في اختبار البرلمان، وصولاً إلى تعثر إلياس الفخفاخ بين توازنات البرلمان وإرادة رئيس البلاد.
ووصف مراقبون للشأن التونسي مسار تشكيل الحكومة بـ"العسير"، إذ مر 4 أشهر منذ إجراء الانتخابات التشريعية دون تغيير، ففشل الجملي في نيل ثقة البرلمان 10 يناير/كانون الجاري، ثم وقع الفخفاخ في أزمة التوازنات السياسية للمجلس.
وتحتاج حكومة الفخفاخ المزمعة 109 أصوات (من إجمالي 217) من أعضاء البرلمان لتمريرها وسط تباين في مواقف الكتل النيابية، ما ينذر بانتخابات جديدة.
رئيس الحكومة المكلف في تونس إلياس الفخفاخ حدد حزامه السياسي، منذ أول مؤتمر صحفي له، حيث استبعد حزبي قلب تونس والدستوري الحر من خارطة حكومته المرتقبة، مؤكداً عدم وجود نية لفتح مشاورات معهما.
ولعل هذا التوجه اعتبرته قيادات "قلب تونس" عملية إقصاء لحزب حصل على 38 مقعداً في الانتخابات التشريعية، وخاض مرشحه الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، في إشارة إلى نبيل القروي.
من جانبه، أكد عياض اللومي، النائب عن "قلب تونس"، أن الفخفاخ لا يعي انعكاسات إخراج الحزب من معادلة المشاركة في الحكومة، موضحاً أن هذا المسار "غير منطقي" ويتعارض مع المصلحة الوطنية التي تفرض الشراكة السياسية لإخراج البلاد من أزمتها.
وانتقد اللومي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد، متهماً سياسته بالغامضة والخاضعة لمزاجه الخاص، مستغرباً من إبعاد القوة السياسية الثانية في البرلمان من مراحل المشاورات.
ورأى عدد من الخبراء أن استناد إلياس الفخفاخ على الشرعية الانتخابية الرئاسية دون النظر للتركيبة البرلمانية يزيد عملية المصادقة على الحكومة الجديدة تعقيداً، خاصة بعد إعلان كتلة الإصلاح الوطني (15 مقعداً) وائتلاف الكرامة (22 مقعداً) رفضهما المصادقة على الحكومة قبل قرابة شهر من جلسة منح الثقة.
وأكد مراقبون أن حركة النهضة الإخوانية تناور في مواقفها تجاه المضمون الخطابي لرئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ بين التلميح بعدم المصادقة على حكومته والضغط عليه ضمنياً لقطع علاقته مع الرئيس سعيد.
صراع الإخوان وسعيد
وفي محاولة لقراءة المشهد التونسي، قال الكاتب الصحفي محمد بوعود: "إن العلاقة بين رئيسي الجمهورية قيس سعيد والبرلمان راشد الغنوشي يسودها الفتور والتنافر منذ الأيام الأولى للانتخابات، خاصة فيما يتعلق بموقف الرئاسة تجاه النزاع داخل ليبيا واختياره الوقوف على الحياد من جميع الأطراف المتصارعة".
وأشار إلى أن حركة النهضة بزعامة الغنوشي تعمل على تعطيل أي حكومة يكون منطلقها رئاسة الجمهورية، لأن في ذلك سحباً للبساط من تحت أقدامه ليصبح لقيس سعيد المنطلق الأول لصناعة السياسات في تونس.
ففي بيان له الأحد، أعلن ما يُسمى بـ"شورى النهضة الإخوانية" (أعلى هيئة سياسية بالحركة) أن فرضية إعادة الانتخابات واردة جداً، داعياً أنصاره إلى الاستعداد لهذا السيناريو، بحسب "بوعود".
ولفت إلى أن هذه الدعوة تعكس مدى تخوف حركة النهضة من نجاح حكومة "الرئيس"، مؤكداً أنها مستعدة لخوض الانتخابات من جديد مقابل عدم تركها بين أيادي قيس سعيد.
شبح إعادة الانتخابات
بعد نحو أسبوع من تكليف إلياس الفخفاخ، أعلنت 3 أحزاب فقط مساندتها بشكل صريح له، وهي حركة تحيا تونس (14 مقعداً) وحركة الشعب القومية (18 مقعداً) والتيار الديمقراطي (14مقعداً).
ولا يمكن لهذه الكتل وحدها أن تحقق النصاب المطلوب لنيل شرعية، وهو ما يجعل من إمكانية الذهاب إلى إعادة الانتخابات التشريعية فرضية واردة حتمتها الخارطة المتشعبة للتحالفات السياسية والتبعثر البرلماني بين مختلف الكتل.
وقد يكون عجز الأحزاب السياسية عن التوصل إلى تشكيل الحكومة فاتحة للتفكير مستقبلاً في تعديل النظام السياسي البرلماني وتغيير دستور سنة 2014، حسب العديد من المراقبين.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMi44NyA= جزيرة ام اند امز