هموم تركيا كما إيران هي أيديولوجية بحتة، غايتهم ترسيخ التطرف والكراهية في المنطقة لتقسيم الشعوب وتدمير البنى التحتية للدول.
بعد إعلان أنقرة أول أمس الجمعة وصول الجزء الأول من نظام الدفاع الجوي "إس -400"، وما أثاره هذا التحدي من غضب لدى حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، وأمريكا التي أعلنت أنها ستصدر حزمة من العقوبات ضد تركيا لأن حصولها على المنظومة الروسية غير قانوني، وفيه اختراق واضح لاتفاقاتها مع الولايات المتحدة والدول الأعضاء في "الناتو"، والذي سبق أن دعموا أنقرة بأنظمة دفاعية خاصة بعد قيام "الثورة" في سوريا، والحرب التي تشهدها البلاد لا سيما المناطق الحدودية مع تركيا.
اليوم تركيا الإخونجية وإيران الملالي وقطر الحمدين ثلاثي أكثر خطرا من أي استعمار أو حروب شهدتها المنطقة في الماضي وعبر التاريخ. إنهم سوس ينخر العقول وخطر يتحتم اقتلاع جذوره، ومرة أخرى لا بد لنا من أن نستنهض النخب.
إن هذا السلوك التركي يطرح أمامنا مجموعة من التساؤلات، أهمها لماذا تعزز تركيا تعاونها العسكري مع روسيا في الوقت الراهن؟ ولماذا اقتنت المنظومة الدفاعية "إس - ٤٠٠"، وهي حليفة لأمريكا عسكريا، ولحلف الشمال الأطلسي فعليا والذي سمح لأنقرة بأن تكون جزءا منه؟
والأجوبة الظاهرة والمباشرة في هذه الحالة هي أن أنقرة لا تثق بحلفائها، وأن لها عداوات متعددة وغير معلنة، وأن لها نوايا عدائية في المنطقة.
وقد يكون اقتناء المنظومة الدفاعية الجوية الروسية هي أولى الإجراءات الاحترازية المعلنة التي قرر اتخاذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فسقوط الإخوان ونهايتهم في المنطقة، بالإضافة إلى خسارته الانتخابات البلدية مؤخرا، وخسارته إسطنبول التي تمثل تركيا، جعلت مخاوف الرئيس التركي من السقوط القريب تتصاعد، خاصة أن خياله اتسع في السنوات الأخيرة، وصدق أنه سيسترجع الإمبراطورية العثمانية، وأن أيديولوجياته المتطرفة طريقه نحو عرش السلطان.
هموم تركيا كما إيران هي أيديولوجية بحتة، غايتهم ترسيخ التطرف والكراهية في المنطقة لتقسيم الشعوب وتدمير البنى التحتية للدول ليسهل فيما بعد ابتلاع الخراب، وبناء أحلامهم الزائفة عليه.
كالأتراك، دخل العجم والفرس المناطق العربية الإسلامية تحت تسميات "الحماية" و"الحرب بالنيابة" و"الوصاية" ومحاربة "الإرهاب" و"الدفاع عن الإسلام" وفرقوا شعوبها وأخذوا ما تيسر لهم منهم في رحلات في آلة الزمن نحو الوراء بسرعة فاقت 100 عام في العام.
لم تعد الخرائط التي تعودنا أن نعتمدها لرسم حدود الدول أو التعريف الكلاسيكي للبلدان بدءا بالرقعة الترابية ثم تحديد عدد السكان ولغتهم وديانتهم هي المقاييس المعتمدة الآن.
خرجنا من منهجيات الاستعمار التقليدي الذي كان يعتمد بالأساس احتلال رقعة جغرافية معينة، ومجموعة أو مجموعات بشرية، وشهدنا هذا الشكل من الاستعمار، وهنا أتحدث عن المراحل المعاصرة بداية من القرن ١٩ ثم أم العشرين.
وشهدت العديد من الدول -إن لم نقل أغلبها- استقلالها بعد حركات التحرر التي استمرت لعشرات السنين. وهللت الشعوب وفرحت بـ"استقلالها" وما زالت تحتفل سنويا به، إلى أن ظهرت المخاطر الجديدة.
اليوم تركيا الإخونجية وإيران الملالي وقطر الحمدين ثلاثي أكثر خطرا من أي استعمار أو حروب شهدتها المنطقة في الماضي وعبر التاريخ.
إنهم سوس ينخر العقول وخطر يتحتم اقتلاع جذوره، ومرة أخرى لا بد لنا من أن نستنهض النخب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة