أُعلنت نتائج الانتخابات التركية يوم أمس بفوز أردوغان بالرئاسة ما يعني أنه بات في مقدوره نظرياً تولي المنصب حتى عام 2029
المونودراما هي نوع من الفنون المسرحية يؤدي فيها ممثل واحد جميع الأدوار، هذا النوع من التمثيل ينساق في أحايين عدة إلى الشأن السياسي حين يتصدر المشهد شخص واحد يقصي جميع الخصوم السياسيين ليبقى الرجل الأوحد على كرسي الرئاسة. وليس أكثر تجسيداً لهذه الحالة السياسية مما يحدث في تركيا؛ حيث يثبت رجب طيب أردوغان بأنه يخطط للتفرد بكرسي الملك أياً كانت السبل.
أُعلنت نتائج الانتخابات التركية يوم أمس بفوز أردوغان بالرئاسة ما يعني أنه بات في مقدوره نظرياً تولي المنصب حتى عام 2029م، وفي الحقيقة لم تكن النتيجة صادمة حيث إنها كانت محسومة تقريباً، كونه يدخل السباق الانتخابي بلا منافس حقيقي.
ورغم معاناة قطاعات كبيرة من الشعب التركي من الفقر والعوز بسبب السياسات الاقتصادية والتدخلات العسكرية، ودعم الجماعات الراديكالية إلا أن النتائج جاءت في صالح الرجل لأسباب عدة، منها ثلاث رئيسية وهي دخول الحرب في سوريا وما عُرف بمحاولة الانقلاب وإقصاء المنافسين.
لايجد المتابع للشأن التركي أي صعوبة في تقصي مكامن اعتماد أردوغان للوصول إلى الرئاسة، فالرجل استغل كافة الطرق من الشعارات الرنانة إلى البكاء والمتاجره بالقضايا الإسلامية، وما يثير العجب إعجاب البعض بديموقراطية لم يبق منها سوى الاسم وبحزب بلا تنمية ولا عدالة
لقد ظل أردوغان وحزبه ومناصروه يتباهون طوال سنين خلت بما اعتبروها منجزات اقتصادية، لكن هذا المنجز تبخر مع انهيار العملة وتداعي الاقتصاد ما أثخن المواطن التركي البسيط، فما كان من القيادة في أنقره إلا البحث عما يؤهلها للبقاء أكثر في سدة الحكم فجاءت الحيل الثلاث سالفة الذكر.
إن الدخول في عمق الحرب في سوريا جاء قبل الانتخابات بفترة جيدة لشغل الناخب التركي، وتعزيز القومية لديه بما يذكره بالانتصارات القديمة ليظن بأن أردوغان هو الحامي لبلده من الأطماع الداخلية والخارجية، فيما كانت لمسرحية الانقلاب الفاشل دور كبير في تعزيز السلطة والحكم الشمولي، وذلك لما لحقها من اعتقالات طالت أكثر من 160 ألفاً، بالإضافة إلى إقالة عدد مماثل تقريباً من موظفي الحكومة، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
أما عن سحق منافسيه فلم يفرق أردوغان بين الصديق والعدو، حيث أقر الرئيس التركي السابق عبدالله غول بزيارة رئيس أركان الجيش له في منزله قبيل إعلانه الترشح للرئاسة ما دفع غول إلى الانسحاب من خوض السباق، ورأى مراقبون أن رئيس الأركان أجبر غول على الانسحاب لأنه كان منافسًا حقيقياً، فيما اعتقل صلاح الدين دميرتاش السياسي الكردي المرشح للرئاسة ليحاكم بالإرهاب قبل أن يطلق سراحه.
ورغم كل هذه التدابير التي اتخذها رئيس تركيا ليحوز على جميع الأصوات لم يتورع أتباعه من محاولة تزوير الانتخابات، فقد وثقت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع تظهر التزوير والاعتداء على المقار الانتخابية.
لايجد المتابع للشأن التركي أي صعوبة في تقصي مكامن اعتماد أردوغان للوصول إلى الرئاسة، فالرجل استغل كافة الطرق من الشعارات الرنانة إلى البكاء والمتاجره بالقضايا الإسلامية، وما يثير العجب إعجاب البعض بديموقراطية لم يبق منها سوى الاسم وبحزب بلا تنمية ولا عدالة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة