تركيا في عهد أردوغان.. تعاسة وقمع يدفعان الشباب للهرب
آخر الدراسات واستطلاعات الرأي تؤكد أن أكثر من نصف شباب تركيا أصبحوا يشعرون بأنهم لا مستقبل لهم سوى بالهجرة من تلك البلاد.
لم يترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسياساته القمعية والفساد المستشري في نظامه لشباب بلاده مخرجا سوى البحث عن مهرب من هذا الجحيم.
وبحسب آخر الدراسات واستطلاعات الرأي، فقد أصبح أكثر من نصف شباب تركيا يشعرون بأنهم لا مستقبل لهم سوى بالهجرة من تلك البلاد.
فتركيا لم تعرف حاكما خلال الـ18 عاما الماضية سوى أردوغان الذي يقبض على السلطة بالترهيب والأكاذيب، لكن هذه الاستراتيجيات وإن نجحت مع الأجيال الأكبر سنا، إلا أنها لا تحقق اختراقا مع الشبان الذين عاشوا في ظل الحكم الحالي.
- باحث أمريكي: سياسات أردوغان تقود إلى تقسيم تركيا
- معارض تركي: أوضاعنا المتردية تدفع الشباب اليائس للهجرة
وفي تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، قالت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" الألمانية المرموقة، إن "الشباب الذين بلغوا سن الرشد هذه الأيام لا يعرفون أي حاكم آخر غير أردوغان".
وأضافت: "على مدار 18 عاما في السلطة، سعى أردوغان وحزب العدالة والتنمية، مثله مثل الحركات السياسية الأخرى، إلى تعزيز ناخبيهم الأساسيين عبر خطاب قومي وديني واستحضار تهديدات خارجية وخلق مخاوف أمنية".
وبالفعل، نجحت هذه الاستراتيجيات مع الأجيال الأكبر سنا، لكنها لا تحقق نجاحا بين الشباب، وخاصة هؤلاء الذين ولدوا وترعرعوا في ظل الحكم الحالي، وفق الصحيفة ذاتها.
وكشفت دراستان نشرت نتائجهما خلال الأيام الماضية، عن نتائج مذهلة فيما يتعلق بالأجيال التي نشأت تحت حكم العدالة والتنمية.
ووفق دراسة لليونيسيف حول وضع الأطفال في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يعيش الأطفال الأكثر تعاسة في تركيا، حيث عبر 53% فقط من الأطفال في سن الخامسة عشر عن رضاهم عن حياتهم.
كما تحتل تركيا المرتبة الثانية بعد المكسيك من حيث معدلات وفيات الأطفال.
فيما سألت دراسة أخرى أجرتها جامعة تركية "لم تذكر الصحيفة الألمانية اسمها"، الشباب الأتراك: "ما مدى سعادتك أو استيائك عندما تنظر إلى حياتك ككل؟"
وأجاب 50.5%: "أنا لست سعيدًا" أو "لست سعيدًا على الإطلاق"، فيما قال 26٪ فقط إنهم سعداء قليلًا أو جدًّا.
كما تظهر الدراسة الأخيرة أن الشباب الأتراك لا يرون مستقبلهم في وطنهم، إذ قال 76٪ ممن شملهم الاستطلاع إنهم يريدون السفر إلى الخارج للتدريب أو العمل، فيما قال 64٪ إنهم يريدون مغادرة تركيا بشكل دائم.
وحول رغبه الشباب في السفر إلى الخارج أظهرت الإجابات ما ينقص تركيا، حيث أكد 59% منهم "أنه من أجل مستقبل أفضل"، و14.6% قالوا من أجل "حياة أكثر رفاهية"، و6% قالوا من أجل العدالة والمساواة.
وعلقت الصحيفة الألمانية قائلة: "هؤلاء الشبان لا يريدون العيش في بلد يعاني فيه ثلث الشباب من البطالة، وينخفض الناتج المحلي الإجمالي يوما بعد يوم، وتقيد الحكومة كافة الحريات".
وتابعت "رغم الرقابة ومحاولة تزييف الوعي، يعرف هؤلاء الشبان كيف تبدو الحياة في المجتمعات المفتوحة بفضل الوسائط الرقمية".
وأضافت: "الشباب التركي يدرك ما يحدث في بلاده وكيف تفرج الحكومة عن زعماء المافيا بموجب عفو رئاسي، فيما تحتجز أي شخص يكتب تغريدة معارضة على الإنترنت".
وبلغ التضييق الحكومي مداه، حيث عوقبت قناة تلفزيونية انتقدت السلطان العثماني عبد الحميد الذي خسرت الإمبراطورية تحت حكمه 1.6 مليون كيلومتر مربع، أي ضعف مساحة تركيا الحالية، بحظر البث لمدة 5 أيام.
كما حظرت السلطات النشر في قضية اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 12 عاما على يد شخص مقرب من الحكومة.
وقالت الصحيفة: "لم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث يرى الشباب التركي زميل لنجل أردوغان يفوز بمناقصة حكومية بـ32 مليون يورو، وهم لا يجدون فرصة عمل".
لكن هذا الشباب الغاضب، والأطفال الذين يبلغون الآن من العمر 15 عاما ويشعرون بالاغتراب في ظل النظام الحالي، سيتمكنون من التصويت في الانتخابات العامة المقررة 2023، وحينها يمكن معاقبة أردوغان وحزبه على 18 عاما من السياسات الفاشلة، وفق الصحيفة ذاتها.