لم يعد ممكنا الآن إحسان الظن بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من المملكة بعد تعمده تكثيف تصريحاته المستفزة ضدها.
لم يعد ممكنا الآن إحسان الظن بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من المملكة العربية السعودية، بعد تعمده تكثيف تصريحاته المستفزة ضدها، التي تحولت من التلميح إلى شبه التصريح. لقد أُعجبنا كثيراً بشخصية أردوغان وما فعله لتركيا واحترمناه كثيراً كنموذج قيادي متميز، لكنه بعد ما حدث في بعض الدول العربية عام ٢٠١١ تحوّل إلى شخصية جديدة غير مريحة، أو ربما لم يتحول وإنما اقتنص الظرف التأريخي لإظهار حقيقة توجهاته ونواياه التي أظهرت دوره في مسلسل الخراب العربي، وهو دور يمضي من سيئ إلى أسوأ.
لا بد من مخاطبة الرئيس أردوغان لتذكيره بمعرفته التامة بأن المملكة ترفض رفضا قاطعاً مثل هذا الطرح الذي لا يليق برئيس دولة، ما زلنا إلى الآن نعتبرها صديقة، ولا يخدم أي قضية تهم المسلمين. كما لا بد من التأكيد له أن تركيا آخر من يحق لها استثمار قضية القدس لاستثارة المشاعر الإسلامية.
نحن لا نعتب كثيراً على أردوغان بسبب انتمائه لتنظيم الإخوان المسلمين ودعمه لهم واحتضانه لرموزه وكوادره بعد فرارهم من الدول المتضررة منهم، فهذا هواه وشأنه وقراره، وقد لا نهتم كثيراً بسماحه لهم بفتح منصات إعلامية تهاجم الدول التي صنفت تنظيمهم إرهابيا ومنها المملكة، رغم ما في ذلك من خرق لأدبيات العلاقات الدبلوماسية بين الدول، لقد تركنا فسحة لحسن الظن به لكنه أصرّ على التمادي لتقليص هذه الفسحة حتى أوصلها إلى درجة الصفر بعدما أصبح يتحالف عسكريا وأمنيا مع الدول التي تهدد أمن المملكة، ثم بدأ بالهجوم المباشر عليها بالتشكيك في قوتها وقدرتها وثقلها السياسي وأهميتها.
لقد عرض أردوغان على المملكة ذات مرة، وبأسلوب فج ودون مناسبة، إقامة قاعدة عسكرية فيها، وكان الرد عليه سريعا وحاسما، لكنه بدأ بعد ذلك في العزف على وتر المقدسات الإسلامية بشكل متكرر إلى أن وصل به التمادي إلى قول ما قاله في المؤتمر الإسلامي الذي دعا إليه بشكل استعراضي بعد أحداث غزة التي رافقت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من أنه غير مطمئن على مستقبل مكة المكرمة بعد ما حدث في القدس.
هنا لا بد من مخاطبة الرئيس أردوغان لتذكيره بمعرفته التامة بأن المملكة ترفض رفضا قاطعاً مثل هذا الطرح الذي لا يليق برئيس دولة، ما زلنا إلى الآن نعتبرها صديقة، ولا يخدم أي قضية تهم المسلمين. كما لا بد من التأكيد له أن تركيا آخر من يحق لها استثمار قضية القدس لاستثارة المشاعر الإسلامية لأنها تقيم أوثق العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية مع إسرائيل. والأهم من ذلك كله يا فخامة الرئيس لا بد أن تعي جيدا وتتأكد أن المملكة هي حامية حمى المقدسات الإسلامية ومكة المكرمة وبيت الله الحرام، ومسجد نبيه الكريم الذي عبث فيه أجدادك عبثا كبيرا، وأنه غير مسموح أبداً تجاوز الخطوط الحمراء في هذا الموضوع بالذات. تلاعب بكل الأوراق السياسية مع حلفائك كما تشاء ومارس في حدود دولتك ما تشاء، لكن لا تسقط في توظيف ورقة المقدسات الإسلامية من أجل أوهام كبيرة تداعب خيالك ولن تتحقق. تراك زودتها يا فخامة الرئيس.
نقلا عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة