أردوغان ونتنياهو.. الهروب من أزمات الداخل يتقاطع مع القضية الفلسطينية
ماذا لو حسمت إسرائيل موقفها من أنقرة هذه المرة، وقررت إضرام النار في سفن العودة في علاقاتها مع حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا؟
لئن يرى محللون أن الأزمة التركية الإسرائيلية المتزامنة مع انطلاق الحملات الانتخابية بالبلد الأول، قد تكون نعمة تخدم حسابات ومصالح البعض، إلا أن آخرين يرجحون إمكانية انقلابها إلى نقمة في حال قررت تل أبيب التصعيد.
فماذا لو حسمت إسرائيل موقفها من أنقرة هذه المرة، وقررت إضرام النار في سفن العودة في علاقاتها مع حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا؟
نيران بسفن العودة في العلاقات الثنائية؟
قرار من المؤكد أنه سيعقد الأمور بشكل أكبر، بما أنه سيفتح ملفا متعدد الجوانب والاتجاهات، والأسوأ بالنسبة لأنقرة هو أنه سيقلب مقاربتها رأسا على عقب، وسيجهض مخططاتها كاملة بالتعبئة وحشد الأصوات قبيل الانتخابات المقررة الشهر المقبل.
تصعيد مرجح رغم العلاقات الجارية بشكل طبيعي في الخفاء بين الطرفين، لأن الإدانات الدولية الواسعة التي تحاصر تل أبيب في الوقت الراهن عقب مجزرة غزة، قد تدفعها نحو أي خطوة من شأنها أن تبعد الأضواء عن المذبحة، ولا يوجد أفضل من رش بعض الزيت على النار المتقدة حاليا ـ ولو ظاهرياـ مع أنقرة.
ومن هنا، قد تتجه إسرائيل نحو التصعيد، خصوصا أن مقارنة خاطفة بين سلسلة المواقف والخطوات في حالات مشابهة مع ما يحدث هذه المرة، أظهرت اختلافا في مستويات معينة.
فالاستعراض المألوف بين الجانبين لدى توتر العلاقات كان في الغالب يقتصر على حملات الانتقادات والاتهامات الكبيرة التي تشمل توصيفات الإبادة والتطهير العرقي وإرهاب الدولة.
كما يلجأ الطرفان عادة إلى استدعاء السفراء والدبلوماسيين للتشاور لفترة غير محدودة، فيما تتدفق تظاهرات الاحتجاج الشعبي وبيانات البرلمانات الوطنية المنددة، في سباق مشحون على تسجيل الضربات وكسب الرأي العام المحلي والدولي.
لكن الجديد هذه المرة يكمن في إعلان وزير الزراعة الإسرائيلي، أوري آريئل، أن تل أبيب قررت وقف استيراد المحاصيل الزراعية من تركيا، وأن بلاده ستكون مستعدة للرد على أي إجراء تتخذه تركيا.. كما يكمن أيضا في المهرجانات الشعبية المقررة في إسطنبول وديار بكر، للتنديد بالهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
من جانبه، تحرك البرلمان الإسرائيلي للتلويح بورقة التضامن مع أرمن المنطقة في أحداث عام 1915، والقبول بها على أنها "إبادة عثمانية ضد الأرمن"، وهذا أكثر ما يثير جنون أنقرة.
الداخل التركي يغلي
الأزمات الداخلية التي تشهدها تركيا قد تلقي بظلالها على نهج التعامل الإسرائيلي معها، وقد تستشرف الأخيرة مشهدا سياسيا في البلاد من دون "العدالة والتنمية"، ما قد يفرض مقاربة جديدة في التعامل.
إشكالات عديدة تهز الداخل التركي، ترجمها حنق المعارضة وجزء من الرأي العام من ازدواجية معايير أنقرة في التعامل مع إسرائيل.
صحيفة "الجمهورية" التركية المعارضة تحدثت عن صفقة تجارية بملايين الدولارات، بين أنقرة وتل أبيب حول نقل النفط من شمال العراق إلى الموانئ الإسرائيلية، مشيرة إلى أن تركيا لن تستطيع التخلي عنها مهما كان حجم التوتر بين البلدين .
من جانبه قال الإعلامي التركي المعارض، صباح الدين أونكبار، "لا نريد الكلام بل الأفعال هذه المرة.. أين زياراتكم الموعودة إلى قطاع غزة؟ أين التمثيل الدبلوماسي مع الجانب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟".
انتقادات تأتي في وقت بدأت فيه أرقام شركات استطلاع الرأي بطرح أسئلة على المواطن حول الأزمات الاقتصادية والمالية، بدلا من الأسئلة المعهودة حول لمن سيصوتون.
كما أظهرت استطلاعات الرأي أن هاجس الأوضاع المعيشية لدى المواطن التركي تتقدم للمرة الأولى بفارق كبير، على أرقام الحرب على الإرهاب، خصوصا مع فقدان الليرة التركية 17 بالمئة من قيمتها أمام الدولار في الأشهر الأربعة الماضية.
جميعها عوامل قد تشكل مرجعا استشرافيا يشي بأن الأتراك قد لا يختارون العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، وهذا ـ لن يظل احتمالا ـ إلا أنه كفيل بأن يغير وجهة سفينة العلاقات التركية الإسرائيلية، الرابضة حاليا على حدود النار.
aXA6IDMuMTQyLjE3Mi4xOTAg جزيرة ام اند امز