3 تناقضات تكشف تخبط أردوغان أمام الأمم المتحدة
من سوريا حيث أحوال لاجئيها المتدهورة إلى فلسطين التي يتاجر بقضيتها، كان أردوغان حاضرا بخطاب غابت عنه الحنكة السياسية.
3 رسائل متناقضة جاءت بكلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ73 بنيويورك، الثلاثاء، لتكشف عن مدى زيف ادعاءاته أمام العالم.
فمن سوريا حيث أحوال لاجئيها المتدهورة تحت سطوة حكم أردوغان، إلى فلسطين التي يتاجر بقضيتها، وصولا إلى الأوضاع الداخلية في بلاده، حيث القمع المتواصل ضد معارضيه، كان أردوغان حاضرا بخطاب غابت عنه الحنكة السياسية كعادته.
سوريا وأحوال اللاجئين
في خطابه، زعم أردوغان بأن "تركيا حققت الأمن والسلام لملايين السوريين"، فضلا عن الادعاء بـ"إنفاق 32 مليار دولار من أجل السوريين"، رغم المأساة الخانقة للاجئين بسبب سياسات الرئيس التركي.
فالعائلات السورية التي فرت من ويلات الحرب إلى الأراضي التركية وجدت مأساة أكبر تتلخص باستعبادهم في المزارع التركية.
ووجدت العائلات السورية النازحة التي تقدر أعدادها بمئات الآلاف ملاذا تحت الخيم العشوائية في منطقة "توربلي" الزراعية على بعد 50 كيلومترا جنوبي أزمير، لكن الأتراك يستخدمونهم كعمال زراعيين بأجور بخسة لا تكفي قوت يومهم، حيث رصدت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تلك المأساة الإنسانية تحت عنوان "تجول في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا"، في تقرير منشور لها بأغسطس/آب الماضي.
ويأتي التقرير بالتزامن مع حملة جديدة في تركيا ظهرت مؤخرا على موقع "تويتر" ضد اللاجئين السوريين، تطالبهم بمغادرة البلاد تحت وسم "فلينقشع السوريون #SuriyelilerDefolsun".
كما تفوق أردوغان على رئيس النظام السوري بشار الأسد في استغلال محنة ومأساة الشعب السوري، عندما راهن بآلامهم في الانتخابات التركية الماضية، التي لم يظهر فيها سوى التشبيح والتزوير والقمع من جانب حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه الرئيس التركي.
ووصل الأمر إلى استخدام اللاجئين، بتوجيههم إلى صناديق الاقتراع في مناطق جنوب شرق تركيا للتصويت له بالانتخابات الرئاسية، ولحزبه في الانتخابات البرلمانية، بعد أن قام بتزوير بطاقات بأسمائهم وصورهم، يقابلها أسماء متوفين وناخبين تاركين البلاد، في ظل عدم تنقيح قوائم الناخبين.
وكانت عفرين السورية شاهدة على جرائم الجيش التركي الذي توغل في المنطقة وضرب استقرارها، ليقر أردوغان خلال خطابه المهترئ بالتدخل التركي المتكرر في سوريا من منبج وحتى الحدود العراقية.
ضلالات أردوغان في الأمم المتحدة
من ضمن مزاعم أردوغان في كلماته أنه "آن أوان إحداث إصلاح شامل في الأمم المتحدة"، وهو الأمر الذي يظهر مدى افتقاد أردوغان للحنكة السياسية والغرق في أوهام وضلالات، متناسيا ضرورة النأي بنفسه عن السياسات التخريبية التي تقوض استقرار المنطقة، لا أن يقف في دور الناصح وبلاده غارقة في أزمات طاحنة تخنقها اقتصاديا وسياسيا وتضر بعلاقاتها الدولية.
فالأمم المتحدة التي تحدث عنها أردوغان سبق أن نددت بسياساته القمعية في البلاد، فقد وجهت مجموعة العمل الخاصة بالاعتقالات العشوائية التابعة للمنظمة الأممية دعوة شديدة اللهجة إلى الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، التي تشهد حالة من الانتهاكات والقمع في ظل حالة الطوارئ، في يونيو/حزيران الماضي.
وجاء في بيان الأمم المتحدة، في بيانها، آنذاك: "لقد وثقت العديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة انتهاكات حقوق الإنسان السافرة التي تشهدها تركيا منذ أعقاب محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016".
ونتيجة سياساته القمعية التي طالت جميع المؤسسات التركية فضلا عن الموظفين والصحفيين وعناصر الجيش التركي، بات أردوغان يعرف بـ"سجان تركيا" و"جلاد الصحافة".
المتاجرة بالقضية الفلسطينية
"من يصمتون حيال الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون وإجراءاتهم لخفض المساعدات المقدمة لن تزيد سوى من بغي الظالمين"، وتركيا "ستواصل الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، والدفاع عن الوضع التاريخي والقانوني للقدس".. كلمات اختار أردوغان أن يدبج بها خطابه في معرض المتاجرة بالقضية الفلسطينية التي لا تعرف منه سوى الكلام، بينما في الواقع يرتمي في أحضان إسرائيل.
فلا يمتد أثر الخطابات المتوعدة لأردوغان تجاه إسرائيل أبعد من قاعات المؤتمرات، وتظل التهديدات المعدة للاستهلاك المحلي حسب مراقبين غير قابلة للترجمة عمليا، الأمر الذي أكده تقرير صدر مؤخرا عن سلطة الطيران الإسرائيلية، وأفاد بأن خط طيران تل أبيب-إسطنبول كان الأكثر نشاطا من بين كل خطوط الطيران الدولية في عام 2017.
وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها فإنه في الربع الأول من عام 2017 ارتفعت الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 20%، في حين أن الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا ارتفعت بنسبة 45%.
ووصل التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا إلى 3.9 مليار دولار سنوياً، حيث يقول المسؤولون الإسرائيليون والأتراك إنهم يطمحون لرفعه إلى 10 مليارات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة.
وليس أردوغان بالشخص الغريب على إسرائيل، فقد زارها في عام 2005 على رأس وفد كبير من الوزراء وكبار الموظفين ورجال الأعمال، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون والرئيس الإسرائيلي السابق موشي كتساب.
ويأخذ نشطاء فلسطينيون وعرب ومسلمون على أردوغان عدم قطع العلاقات مع إسرائيل رغم التلويح المتكرر بقطع هذه العلاقات.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA= جزيرة ام اند امز