الاحتلال المقنع لأردوغان بالعراق.. كلمة السر في "لوزان"
العراق أدان استمرار اعتداءات وتجاوزات قوات أردوغان على حدوده، وأكد أنها "لا تخدم" تطور العلاقات بين البلدين.
تتوالى الإدانات العراقية الرسمية للاعتداءات التركية العسكرية على شمال البلاد، فيما يقابلها نظام الرئيس رجب طيب أردوغان بمزيد من التوغل الذي يصل إلى إنشاء قاعدة عسكرية وشن عملة واسعة على نمط عملية "غصن الزيتون" بسوريا.
- العراق يرفض خرق القوات التركية لحدوده ويطالبها بالانسحاب
- اتفاقية لوزان.. بوابة أردوغان للمطالبة باحتلال الشرق الأوسط عام 2023
فللمرة الثانية خلال يومين أدانت وزارة الخارجية العراقية، الخميس، استمرار اعتداءات وتجاوزات قوات أردوغان على الحدود، مشيرة إلى أنها "لا تخدم" تطور العلاقات بين البلدين.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد محجوب في بيان صحفي نشرته وسائل الإعلام المحلية، إن آخر تلك الاعتداءات القصف الذي طال قرى ماوان وقسام وسركينان بقضاء سوران في محافظة أربيل- عاصمة إقليم كردستان- والذي أوقع قتلى في صفوف المدنيين.
وقبل هذا البيان بيوم أبلغ وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، الخارجية التركية رفض بلاده القيام بأية عمليات عسكرية على أراضيه وخرق الحدود.
ولكن سلطات أردوغان قابلت هذه الإدانات بالإصرار على استمرار الاعتداءات، إضافة إلى لغة دبلوماسية تمثلت في دعوة قدمها أحمد يلدز، وكيل وزير الخارجية، إلى العراق لعقد اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين في أنقرة في أقرب وقت.
وتعهد الرئيس التركي في وقت سابق بـ"سحق" المسلحين في شمال العراق قريبا، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني الذي تتهمه أنقرة بالإرهاب.
ويتخذ حزب العمال الكردستاني من شمال العراق معقلا له..ورغم أن تركيا تشن غارات على مواقعه من فترة لأخرى منذ سنوات، إلا أن العملية التي أعلنت أنقرة أنها تجهز لها، ستكون مستمرة لفترة طويلة، وتستهدف ما اعتبرته "الاستقرار" التركي في تلك المنطقة، على نمط تدخلها في سوريا.
داعش حجة جديدة
ويعزز ذلك إضافة أردوغان لتنظيم داعش الإرهابي كحجة جديدة للتدخل في شمال العراق، إلى جانب حجة محاربة الحزب الكردي.
ففي 9 مارس/آذار الجاري، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن بلاده ستنفذ عمليات عسكرية شمالي العراق ضد حزب العمال الكردستاني أو تنظيم "داعش" متى اقتضت الحاجة، بعد التواصل مع الحكومة العراقية، بحسب ما نشرته قناة "TRT" التركية الرسمية.
وعن الهدف البعيد وراء ذلك، تحدث هذا الأسبوع، المحلل السياسي التركي فايق بولط، عن طموحات بلاده للسيطرة على حلب إضافة للموصل وكركوك، لتعيد السيطرة على المناطق التي كانت تحتلها الدولة العثمانية قبل 100 عام في سوريا والعراق.
وأضاف بولط في حوار مع موقع "سبوتنيك" الروسي نشره الأربعاء، أن هناك تواصلا بين الحكومتين العراقية والتركية للاتفاق على بعض التفاصيل في هذا الجانب، ولكنه لم يكشف عن تلك التفاصيل.
وتدور الاعتداءات التركية على شمال العراق في الوقت الذي يزحف فيه الجيش التركي نحو مدينة حلب السورية بعد أن تمكن من احتلال مدينة عفرين الواقعة غربها.
وكل تلك المدن في شمالي سوريا والعرق متجاورة ويمكن أن تشكل منطقة جغرافية متصلة.
قاعدة عسكرية
وتعزيزا لوجود طويل الأمد في العراق، على نمط الموجود في سوريا كذلك، يخطط أردوغان لإنشاء قاعدة عسكرية في شمال العراق.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الجيش التركي أعلن أنه يخطط لإقامة القاعدة العسكرية "بشكل مؤقت" في منطقة هاكورك الواقعة ضمن نطاق إقليم كردستان.
وأكد إمكانية حدوث ذلك تصريحات كرمانج عزت، قائمقام قضاء سوران بإقليم كردستان العراق، قال فيها: إن الجيش التركي أقام ثكنات ومواقع عسكرية ثابتة في مناطقة تابعة لناحية سيدكان بقضاء سوران، والواقعة في المثلث الحدودي بين تركيا وإيران والعراق.
ولتجنب مزيد من ويلات العمليات العسكرية دعت حكومة كردستان، حزب العمال الكردستاني إلى إبعاد مقراته عن المناطق المدنية على خلفية مقتل مدنيين جراء قصف الطائرات التركية.
وتداولت أقلام بعض الباحثين توقعات بأن تكون تدخلات أردوغان العسكرية في سوريا والعراق وليبيا وغيرها تمهيدا لقيامه في عام 2023 بالانسحاب من معاهدة لوزان، بدعوى أنها تمت وتركيا في حالة ضعف.
ويوافق عام 2023 مرور 100 عام على توقيع هذه الاتفاقية التي بمقتضاها فقدت تركيا السيطرة على الدول والمدن التي كانت تحتلها في الشرق الأوسط.
كما يوافق هذا العام نهاية "رؤية تركيا 2023" التي أعلنها أردوغان قبل سنوات وتضمنت عدة أهداف معلنة وغير معلنة يوافق الانتهاء من تنفيذها الذكرى المائة لقيام دولة تركيا الحديثة واتفاقية لوزان.
وفي 2016 بدأ أردوغان يصرح ببعض تلك الأهداف غير المعلنة ومنها قوله: إن "هناك من يريد إقناعنا بأن معاهدة لوزان انتصار لتركيا وللأتراك.. لوّحوا لنا بالموت لنقبل بالعاهة الدائمة".
وفي العام ذاته، نقلت وكالة "رويترز" عنه قوله إن الحدود بين بلاده وبين دول الجوار "ثقيلة على قلوبنا".
كما أعلن في تصريحات أخرى أن "الموصل كانت لنا، وكركوك كانت لنا".
ومعاهدة لوزان تم توقيعها عام 1923 بين الدول الأوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وتركيا المنهزمة حينها.
وبموجب الاتفاقية حصل المسؤولون الأتراك على اعتراف أوروبي بدولة تركيا الحديثة العلمانية ودعمها، على أن تحتفظ بالأناضول وتراقيا الشرقية (الجزء الأوروبي الحالي من تركيا) مقابل أن ترضى باستقلال الدول والمناطق التي كانت تحت الاحتلال العثماني حتى ذلك التاريخ، ولو اسميا، ومنها مصر وبلاد الشام والعراق وليبيا وقبرص غيرها.