لماذا تتوسط تركيا في أزمة أوكرانيا؟
تسعى تركيا على ما يبدو لتجنب مأزق دبلوماسي يربك حساباتها الإقليمية إذا ما اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
ويعكس عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتوسط في الأزمة الروسية الأوكرانية مخاوف أنقرة بشأن حالة الارتباك التي قد تجد نفسها فيها في حالة نشوب الحرب.
ويرى موقع "مونيتور" الأمريكي أن عرض أردوغان للوساطة بين روسيا وأوكرانيا جهد جدير بالثناء، لكن قرع طبول الحرب تشكل سببا للقلق الحقيقي لتركيا.
وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من علاقته الوثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار أردوغان الغضب في موسكو ليس فقط من خلال إظهار التضامن القوي مع كييف، بل بدعم استراتيجية ”الناتو“ لتوسيع وجوده في منطقة البحر الأسود، بما في ذلك التحركات التي أثارت شكوكا حول التزام أنقرة باتفاقية مونترو لعام 1936، وهو أمر حاسم للمصالح الروسية في البحر الأسود.
وتنظم الاتفاقية حركة النقل البحري عبر مضيق البوسفور والدردنيل في تركيا - الرابط البحري بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود - وتفرض قيودًا صارمة على عبور السفن العسكرية للدول غير الساحلية، مما يقيد بشكل فعال وصول القوات البحرية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي إلى البحر الأسود. .
طبول الحرب
ولكن الآن بعدما بدأت طبول الحرب تقرع، مع أمل أمريكي أن تظل أنقرة صامدة، يحاول أردوغان وضع تركيا في موقف محايد على الأقل من حيث الشكل.
فعبر مكالمات هاتفية مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر، دعا أردوغان الزعيمين إلى تركيا. لكن مع تجاهل روسيا للدعوة يخطط أردوغان الآن لزيارة كييف في أوائل الشهر المقبل، ويأمل في السفر أيضا إلى موسكو.
ورغم حاجة تركيا الماسة إلى تهدئة التوترات، لا يساهم استخدام أوكرانيا من حين لآخر طائرات مسيرة تركية المصدر، في تحقيق هذا الأمر.
ففي نهاية الأسبوع الماضي، سعى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار للدفاع عن مبيعات الطائرات المسيرة كجزء من التزامات ”الناتو“ تجاه الشركاء من غير الأعضاء، قائلا: "الأمر يعود إلى أوكرانيا في استخدام هذه الأنظمة".
بيد أنه في الوقت نفسه، يشعر أردوغان بالحاجة إلى استرضاء بوتين، بالنظر إلى الصداقة بين أنقرة وموسكو، التي اكتست بعدا استراتيجيا.. ونتيجة لذلك، تأرجح بين دعم الموقف المتعنت للولايات المتحدة وبريطانيا والذي تدعمه أيضا، بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، والنهج الأكثر حذرًا للدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا والنمسا والمجر، وقد سهّل الانقسام الأوروبي من قدرة أردوغان على المناورة.
ويشير التقرير إلى أن التصعيد العسكري في شرق أوكرانيا قد يجبر أنقرة على اتخاذ قرارات صعبة، وخاصة ما يتعلق بمسؤوليتها في الحفاظ على طريق الملاحة عبر المضيق التركي، وسيكون تجنب المواجهة مع موسكو الشغل الشاغل لأنقرة.
ووفقا للتقرير فلدى حكومة أردوغان قائمة طويلة من المصالح التي يجب عليها مراعاتها، بما في ذلك استقرار المضيق التركي والبحر الأسود، ومحطة أكويو للطاقة النووية التي يبنيها الروس جنوب تركيا، وتأمين إمدادات الغاز من خطوط الأنابيب مع روسيا والسياح الروس والأوكرانيين والأسواق الروسية لمصدري الفاكهة والخضراوات التركية، والعديد من مشاريع شركات البناء التركية في روسيا وسعيها إلى توسيع نفوذها في القوقاز بعد مساعدة أذربيجان في حرب ناغورني قرة باغ عام 2020 وعملياتها المستمرة في سوريا وليبيا.
وخلص التقرير إلى القول أنه حتى وإن تمكنت أنقرة من اتخاذ موقف محايد، فإن العلاقات التركية الروسية قد لا تنجو من هذه الأزمة إذ أنه من الصعب تخيل أن يغض بوتين الطرف عن بيع تركيا للطائرات المسيرة المسلحة لأوكرانيا أو وصف أردوغان لشبه جزيرة القرم بأنها منطقة مغتصبة. ولذلك لا يمكن استبعاد الانتقام الروسي المحتمل في قضايا مثل الصراع القبرصي أو الوجود العسكري التركي في سوريا وليبيا والعراق أو المشكلة الكردية.
aXA6IDMuMTQ5LjIxNC4yMjMg جزيرة ام اند امز